الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية الدون كيشوتية

سعد نزال

2008 / 9 / 25
كتابات ساخرة


ما أن هوى النظام الدكتاتوري وبفعل خارجي (ولا فضل لأحد في ذلك) حتى كثر الحديث عن الديمقراطية وكأنها لفظة ولدت في نيسان عام 2003 وتناسل الديمقراطيون تناسل القطط (ولا نقول غير ذلك) وانتشر المحللون السياسيون انتشار السبايروجيرا في البرك الراكدة لان وضعنا السياسي( راكد).
فما أن يسأل البعض عن الديمقراطية حتى ينبري الكل بشرح وتفصيل الكلمة بأنها مكونة من مقطعين , (ديمو) و (قراطية) وانها يونانية الاصل وانها خلاص الشعوب المضطهدة وإنها .... وإنها.... ويكمل الأفندي حديثه فيما عباد الله يستمعون فاغري الأفواه ولا حول لهم ولا قوة إلا الإعجاب بهذا الفطحل المثقف والذي لا يمشي خطوة الا وهو حامل مجموعة من الكتب الأنيقة والاصدارات الحديثة أو يحمل أضابير تحوي حلولا ناجعة لكل مشاكل العرق السياسية والثقافية والاجتماعية والكهربائية والميكانيكية.
ولان الكرسي والمايك هما صاروخا المجد وسيدا السياسة الآن, ولان (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك) , فعليك الآن أن تسرع في التحرك بهيئة وملابس فرسان القرون الوسطى رافعا شعارهم الأزلي البراق (الواحد للكل والكل للواحد) ولابأس بإحالة أخلاق الفرسان والفروسية على التقاعد لسببين لا يستطيع احد الاعتراض على ايٍّ منهما,السبب الأول إننا نعيش في القرن الحادي والعشرين والأخلاق اختلفت بسبب اختلاف المذاهب والتفاسير والثاني اننا نعيش في العراق ولفظة الأخلاق صارت كجهاز( الرسيفر) يمكن تغير قناتها بالرموت كونترول وانت مسترخ على مقعدك.
وبعد اجتياز مرحلة التحليلات السياسية والتنضيرات الثقافية والفستوقيات الاجتماعية, وبعد أن اجتاز صاحبنا المحلل كل هذا لا بأس الآن من الانتقال إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة البحث في الباحات الخلفية والسكرابات المنسية للحصول على ما يشبه السيف ,ان كان أنبوبا (ابو النص انج) او رجل كرسي معدني مكسور بل حتى (يدة جفجير) اخرج من الخدمة تفي بالغرض المطلوب.
أما الرمح فلا مشكلة في العثور عليه فـ (يدة) مكناسة او ماسحة (تكعد وزن وي طوله الحلو) والخوذة جاهزة أصلا حيث أن (طاسة الخلاص) متوفرة ولا بأس بها فهي برونزية لامعة وان كساها بعض الصدأ. ويمتطي صهوة قصبة وما أكثر القصب الذي زحف حتى غطى مياه الأنهر التي سميت فيما مضى بالجارية.
وحتى تصبح الصورة جد واقعية لابد من العثور على سانشو بانزا بنسخته الجديدة ومواصفات تتلاءم والعصر الحديث فيجب ان لا يكون شكاكا كسابقه, بل مؤمنا بكل ما يقوله فارسه, وان يتحلى بالرذيلة والدونية والخسة والغدر للكل وان كان صديقا مقربا, وفي الطرف الآخر أن يتحلى بالذيلية والخنوع والتبعية لسيده وولي نعمته دون كيشوت العصر الحديث.
وينطلق الفارس في العراق الجديد وتكون الصدمة الأولى أن لا طواحين هواء هنا, ويستشير خادمه الذي يقم له النصائح المدفوعة الثمن مسبقا ويأخذ بها دون كيشوت النسخة الحديثة (سكوب ملون) لأنه يؤمن بالمثل القائل (اخذ الشور من راس الثور) ويتجه لمهاجمة نخيل العراق وأشجار الفاكهة وسط تهليل خادمه المطيع وتبريراته وتحليلاته السياسية لأنه وبعد ترقية سيده إلى رتبة دون كيشوت يستلم الخادم مهام التحليلات السياسية طبقا لقانون ,المحلل السياسي لا يفنى ولا يستحدث.
وتستمر معاناتنا ونحن نرى هذا الكم الهائل من الدون كيشوتات (واحد رايح يمنه واحد رايح يسره) والكل يدعي وصلا بليلى وليلى غادرتنا بجواز مزور.
تخيلوا معي وارض العراق تغص بالدون كيشوتات والواحد يخاطب الكل , انتم مزورون !! والكل يخاطبون الواحد , انت مزور!!
وعباد الله ترفع كفيها حاسرة الرؤوس كاشفة الديوس متضرعة خاشعة داعية, ربنا اليك الأمر والنهي , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب