الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هم اللبراليون الجدد في سوريا ؟

كامل عباس

2008 / 9 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


حظيت الفلسفة اللبرالية بقسط وافر من الاهتمام داخل الساحة السورية مطلع هذا القرن , وما تزال تحظى باهتمام متزايد من قبل الكتاب اليساريين السوريين بشكل خاص - سواء المؤيد او المعارض لهذه الفلسفة . ربما كان المقال الأخير للكاتب المجد ياسين الحاج صالح المنشور في جريدة الحياة تحت عنوان( اللبرالية الجديدة والبورجوازية الجديدة في سوريا ) من أعمق ما كتبه حتى الآن بهذا الخصوص ’ مقال مكثف وجريء ويضع الملح على الجرح بالنسبة للمعارضة السورية , ولذا ارتأيت ان أقدم دعما له من خلال الملاحظات التالية .
- لا اعتقد أن أحدا من الماركسيين ينكر قدرة الرأسمالية على تجديد شبابها , وهاهي بعد الدعوات المتكررة لحفر قبرها - من ماركس الى كاسترو- أقوى من السابق , وتتمتع بنظام عالمي جديد أحال العالم الى سوق واحدة .
لقد أدرك ماركسيو الصين تلك الحقيقة وعملوا وما زالوا يعملون للانخراط في السوق الراسمالية بدلا من العمل على دفن النظام الراسمالي على طريقة الماركسيين السوريين , وأنا هنا سأقدم ثلاثة أمثلة تترجم سلوك الصينيين .
الأول : يوجد في أسواق المكسيك تمثال مصغر للعذراء كوادولوب المحبوبة جدا في الشارع المكسيكي ’ تمكن الصينيون من تصنيع هذا التمثال وعبور المحيط الهادئ ’ وتقديمه الى المكسيكيين بكلفة اقل من كلفة تصنيعه في المكسيك .
الثاني : وبنفس الطريقة تمكن الصينيون وهم الملحدون من تقديم فوانيس رمضانية أجمل وأقل كلفة من الفوانيس الرمضانية المصنوعة في مصر .
و اما الثالث فهو حول غزو أسواق الفلسطينيين في عقر دارهم وتقديم كوفية فلسطينية (رمز الثورة عندهم ) ارخص من الكوفية المصنوعة عندهم ,غير عابئين بخسائر الفلسطينيين ولا بشعورهم الوطني .
- تاريخيا تواجد على مستوى العالم نوعان من اللبراليين .
لبراليون يريدون تسخير الفلسفة اللبرالية لمصلحة الأقوياء في المجتمع بحيث تزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا ’ أي لبرالية يمينية لاهم لها سوى زيادة معدل الربح والاستغلال وبالتالي زيادة رأسمالها على حساب المجتمع والبيئة أيضا , وتعمل على صياغة المجتمع سياسيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا بما يناسب علية القوم . بداهة هذا النوع من اللبراليين لايريد ان يزيد في وعي الطبقات الشعبية ومصلحته في بقائها جاهلة تجدد له الولاء والبيعة كل دورة انتخابية جديدة
- لبرالية يساريون لا يقبلون أن نفهم اللبرالية حريات سياسية فقط , بل يفهمون حقوق الانسان رزمة متكاملة لا ينفصل فيها السياسي عن الاقتصادي ’ ولكل انسان الحق في ضمان صحي واجتماعي وتامين فرصة عمل له , وهم بناء على ذلك يطالبون بتوسيع الحصة من الأرباح لكي تصرف على تطوير المجتمع من كل جوانبه سواء في قطاع الخدمات او التعليم او زيادة رواتب الموظفين وأجور العمال او التأمين ضد المرض والبطالة والشيخوخة , وهم يعملون أيضا لرفع وعي عامة الناس بحيث تأتي نتيجة الانتخابات معبرة بحق عن وزن كل طبقة او فئة فيه .
- في سوريا تحدث مقال الدكتور ياسين عن بورجوازية جديدة ((تكونت في كنف النظام وجمعت ثرواتها بآليات «تراكم أولي» تتجاوز «الفساد» إلى وضع اليد والنهب المباشر للموارد الوطنية والتهريب العلني وتصنيع قوانين على قياس متمولين نافذين والاطلاع المسبق وغير المشروع على معلومات ثمينة (قرارات حكومية، مشاريع قوانين...). البنوك الجديدة والشركات الكبرى الجديدة (منها شركتا طيران مثلا) والاستثمارات المجزية وسرعة الدورة الاقتصادية والمردود كلها مملوكة لبورجوازيين جدد , سبق أن سميناهم «الجيل البعثي الثالث» وشركاء محليين وأجانب لهم. )) تعمل منذ عدة أعوام لتحرير اقتصادها وتحويره ليتناسب مع اقتصاد السوق غير الاجتماعي .
- عكس المسار الاقتصادي نفسه على المسار السياسي مؤخرا , فبدأت مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل تطمح القيادة السورية ان تصبح مباشرة وتحت اشراف امريكا . وهذا ما أحرج اليساريون في الموالاة والمعارضة , كون شعار المقاومة والممانعة للامبريالية بقيادة أمريكا أصبح للاستهلاك المحلي .
- ما تم من تحرير للاقتصاد السوري من اجل تكييفه مع اقتصاد السوق , ومن ثم ما تلاه من انفتاح سياسي على الغرب وامريكا , هو نتاج ذكاء البورجوازية الجديدة السورية ويجب ان ينظر له ايجابيا كونه يخدم المجتمع ايضا , وهو أفضل بكثير من طريق المقاومة والممانعة الذي يريده يساريونا الحالمون والذي لن تكون نتيجته أفضل منها في العراق الشقيق.
- واهم من يظن أن انعكاسه على المسار الداخلي السوري سيتم اتوماتيكيا بالنهاية كما جرى في السياسة الخارجية , تجارب التاريخ تعلمنا انه لم توجد فئة ولا شريحة ولا طبقة اجتماعية تخلت عن امتيازاتها لمصلحة المجتمع من دون أي ضغط عليها , الحكومة السورية من اسعد الحكومات في العالم , حيث تفصل القوانين والتشريعات التي تناسب البورجوازية الجديدة مادام المطالبون باصلاح سياسي داخلي بهذا الضعف والتشتت داخل المجتمع .
- يتحدث مناهضو العولمة عن لبراليين جدد يقصد بهم ممثلو الراسمالية المتوحشة المنفلتة من عقالها - مثل تجار السلاح والشركات فوق القومية التي لاهم لها سوى زيادة راسمال شركاتها - ويخصون منها اللبراليون الجدد المهيمنون على الإدارة الأمريكية بقيادة بوش وكل من يواليها في أي دولة كانت , واستنادا الى هذه الرؤيا يرى بعض اليساريين السوريين ان اللبراليين الجدد تبرعموا في سوريا مؤخرا , وظهر تأثيرهم في المجلس الوطني الأخير لإعلان دمشق . فهل هذا يساهم في الضغط على البورجوازية السورية من اجل البدء باصلاح سياسي داخلي ضروري لها وللمجتمع؟

كامل عباس – اللاذقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها