الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث التغيير في الانتخابات الأمريكية

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2008 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


التغيير في أشكال محتويات فارغة ....
هذه الانتخابات الأمريكية جلبت أنظار العالم إليها ، إذ أن ما يميزها هذه المرة هو أن أحد حزبي الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية قد رشح امرأة و فردا من أصول أفريقية ، ذا بشرة سمراء ، وأن شعوب العالم قد ضاقت ذرعا من إدارة بوش و المحافظين الجدد، بسبب حروبها الدامية التي أغرقت بلدانا في برك من الدماء والدموع. فسياسة الهيمنة و الطغيان والعدوان الإمبريالية قد حولت العراق إلى مقبرة شاسعة، يعيش فيها الأموات والأحياء الأموات. فما يسمى بالحرب على الإرهاب التي تشنها أمريكا وحلفاؤها ، وضعت البشرية على حافة الانهيار ، ما دعا البشرية في العالم إلى أن تتابع الانتخابات الأمريكية بلهفة وانتباه شديدين ، متطلعة إلى أن ينتج عن التغير الذي سوف يحصل جراءها إلى وضع نهاية لهذه المآسي والمصائب التي تمزق الإنسانية.
ففي الانتخابات الأمريكية ليست أمام الناخب خيارات كثيرة، سوى انتخاب مرشحي الحزبين الرئيسيين، أو في بعض الحالات يمكن دخول حزب ثالث إلى المنافسة، وليست بين هذه الأحزاب فروق جوهرية في سياستها، فالإمبراطورية باقية، والمتغير هو الوجوه فقط. والانتخابات في أمريكا و دول الديمقراطية البرلمانية تتميز عن الانتخابات في البلدان العربية والإسلامية بأنها " نزيهة" ، و لا يجري أثناءها و بعدها أي كلام عن التزوير والغش ، وأن العوامل الحاسمة في انتخابات البلدان الغربية هي الانتماء الطبقي و الإمكانية و كمية الثروة عند المترشح، و يجب أن يحظى بدعم الاحتكارات الكبرى ، و ثقة الشركات العظمى وقبولها. لهذا نشهد غالبا أن غالبية المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب لا يشتركون في الانتخابات ، ولا يملك المترشحون أية مصداقية عندهم، إذ لا يعتبرونهم ممثليهم الحقيقيين.
والحقيقة التي يجب الإقرار بها أن ترشح فرد ذي بشرة سمراء ، و امرأة في الانتخابات لهو تقدم ونصر للديمقراطية الأمريكية ، إذ أن منظمات المجتمع المدني ناضلت لعقود عديدة في سبيل حق الأفريقان الأمريكان في الترشح للانتخابات ، رغم ذلك لا يمكن الادعاء أن العنصرية والفرق العنصري قد انتهت في أمريكا ،إذ أن أمام حركات التحرر و الاشتراكية مهام عظيمة ، منها إنهاء العنصرية في أمريكا.
فمنذ 8 أعوام ماضية كان الزمام بيد المحافظين الجدد الذين هم الجماعة الأكثر تطرفا و يمينية في الشريحة الحاكمة في أمريكا ، و غارق في رجعيته و معاداته للتحرر والتقدم و حق الشعوب في الحياة الكريمة قاد هذه الجماعة الإجرامية ريغان ، والبوشان الأكبر والأصغر و ديك جيني، ورامسفيلد وآخرون، وكانوا على رأس مهندسي الحروب و الإرهاب و عمليات التجسس ، و تحطيم حياة الناس ومعيشتهم، وهم الذين دعموا وتبنوا القوى والعناصر الرجعية و الظلامية في الشرق الأوسط والبلدان الإسلامية ، وفرضوا الفقر و البؤس والفوضى السياسية في بلداننا. فسياسة المحافظين الجدد طبقت في كل مناحي الحياة المادية والروحية والثقافية. فتاريخ الغطرسة و روح الهيمنة والعدوان عند أمريكا يعود إلى القديم ، لكنه بعد انتهاء الحرب الباردة ، عملت الامبريالية الأمريكية تحت شعار النظام العالمي الجديد لبسط نفوذها وهيمنتها على العالم ، وسوغت هذا النظام بإيديولوجية انتهاء التاريخ وانتصار الرأسمالية النهائي ، و الحرب طويلة الأمد على الإرهاب ، و الدفاع عن" الحضارة الغربية وقيمها".
واليوم قد سقطت هذه الراية على أرض الواقع المرّ ، بعد ظهور تنافس قوى امبريالية أخرى كروسيا والصين ، والنزعة الاستقلالية عند الامبريالية الأوروبية، وأن على أمريكا مواجهة عواقب نظامها العالمي الجديد المدمرة ، داخليا وخارجيا. فسياسة النظام العالمي الجديد لبوش والمحافظين الجدد وصلت إلى نهايتها، لكن نزعة الهيمنة ، وامبرياليتها باقيتان. وقد انتهت سياسة القطب الواحد ، والقوة العظمى الوحيدة ، بزعامة الولايات المتحدة إلى الفشل والإحباط، ولن يتجرأ رجال البيت الأبيض القادمون على تكرارها . وتواجه أمريكا منافسة اقتصادية وعسكرية أيضا متصاعدة من الدول الأخرى و الإرهاب الإسلامي. إن ما عجل بنهاية فترة المحافظين الجدد هو الفشل في والهزيمة في حرب العراق، و تكلفتها الباهظة على الاقتصاد الأمريكي ، والمناهضة المتصاعدة عند الرأي العام الأمريكي لسياسة المحافظين الجدد الحربية، اعتراض كثيرين حتى داخل الإدارة الأمريكية على شن الحرب على إيران ، و بروز روسيا ودول أخرى كمنافسات قويات أضعفت موقع أمريكا العالمي، و تذمر العمال و الشرائح ذات الدخل المتدني من الأوضاع الاقتصادية و احتجاجاتهم المستمرة على تدني مستوى الرفاه والمعيشة عندهم.
لهذا تكون الولايات المتحدة مضطرة لكي تتعامل مع العالم و مع نفسها وفقا لمعطيات الدور الجديد ، و مستجاته. ولا شك أن الغطرسة العسكرية و النزعة العدوانية هي القاسم المشترك لكل إدارة أمريكية. وسوف تظل هذه السياسة الامبريالية بدون تغير جوهري حتى بذهاب المحافظين الجدد. وكلما استلزمت مصالح الطبقة الحاكمة ، الرأسمالية في أمريكا ، الحرب والعدوان بصواريخ كروز وقنابل النابالم و الأسلحة المحرمة الأخرى ، فلا موانع تقف أمامها لارتكاب أبشع جريمة بحق البشرية، والناس الأبرياء.
رفع أوباما وكذلك مكين شعار " التغيير" في حملاتهما الانتخابية. والتغيير عند مكين الجمهوري هو انتهاء سياسة المحافظين الجدد ، كما أسلفت، لكن التغيير عند اوباما هو اطلاع الناخبين على آفاق جديدة وجميلة ، ولكن بمضامين فارغة.
ضمان أمن إسرائيل من أهم مستلزمات الفوز عند أوباما و أي مترشح وقد طمأن اوباما إسرائيل بحفظ تفوقها العسكري و ضمان أمنها ، و أكد أوباما الاستمرار في العمل على تحقيق أهداف حرب العراق قبل انسحاب قوات الاحتلال من العراق ، وأطلق وعودا بإصلاحات داخلية في مجالات الضمان الاجتماعي والصحي
التغيرات سوف تكون شكلية وطفيفة في حال انتخب باراك أوباما من الحزب الديمقراطي ، ابن عائلة مهاجرة أفريقية من أب كيني الأصل . فالنتائج محسومة، لا لأن الانتخابات مزورة، فكما ذكرت أن هذه الانتخابات لا تزور، بل لأن الناخب ليست أمامه خيارات، وليس بمخير. غذه الانتخابات ليست ميدانا للعمل على تغيير الواقع الموجود، وإجراء تغييرات جذرية على حياة الجماهير. فالناخب لا يصوت على تحقيق مصير النظام، إذ أن الانتخابات ليست سعيا إلى تغيير النظام، بل هي وسيلة لإضفاء الشرعية له، وترسيخ دعائمه. فالتغيير في هذه المجتمعات من أهداف قوى التحرر والاشتراكية. فكل الحروب التي شنتها أمريكا لم يؤخذ فيها رأي المواطنين أو " الناخبين"، و كذلك عمليات التجسس والانقلابات العسكرية التي قامت بها المخابرات الأمريكية في " العالم الثالث".
‏25‏/09‏/2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون في الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي... -في سان لو..ل


.. بعدما شكك بأسبابه في الحرب على غزة.. كيف تبدو -نقطة الغليان-




.. وسائل إعلام إيرانية توجه انتقادات حادة ضد عباس


.. #ويل_سميث ينشر مقطع فيديو مع شاب مصري أهداه -سواره- من #النو




.. إيران.. قرب الإعلان عن مرشحي انتخابات الرئاسة | #ملف_اليوم