الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة والفوضى … جوهر اقتصاد السوق

رمضان متولي

2008 / 9 / 29
الادارة و الاقتصاد


الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي مؤخرا دفعت كبار رموز الرأسمالية العالمية مثل باسكال لامي، مدير عام منظمة التجارة العالمية، إلى المقارنة بينها وبين الكساد الكبير الذي ضرب العالم في عام 1929 وكان سببا من أسباب الحرب العالمية الثانية. المقارنة التي عقدها لامي جاءت في معرض تحذيره من تزايد النزعة الحمائية في التجارة الدولية التي احتدمت في الفترة الأخيرة بين أقطاب النظام العالمي من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي وآسيا وأمريكا اللاتينية.

جذور هذه الأزمة ترجع إلى فوضى اقتصاد السوق الذي تدافع عنه الحكومة المصرية وتعض عليه بالنواجذ وتتهم أي منتقد لهذا النمط الاقتصادي الفوضوي والعدائي بالجهل أو على الأقل بأن منتقدي هذا النظام ينتمون إلى عهد بال، أكل عليه الدهر وشرب.

وفي ذروة نشوتهم بالإنجازات الوهمية وأرباح المضاربين وبريق الأرقام، تتكون من تحت السطح نفس العناصر التي دفعت النظام العالمي إلى الأزمة الحالية التي لا يجد منها مخرجا. وأزمات نظام السوق ليست بسيطة، ولا تقتصر آثارها على خسائر لبعض الشركات أو حتى تسريح بعض العمال أو إفلاس هذا البنك أو ذاك. وإنما تمتد آثارها إلى شن الحروب واحتلال الشعوب وصناعة الكوارث بل ربما تدمير الحضارة الإنسانية نفسها.

تعود جذور الأزمة العالمية الحالية، التي يجري الآن طبخ نسخة صغيرة منها في مصر، إلى محاولة الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة الخروج من أزمة نهاية التسعينيات عن طريق شن الحروب على أفغانستان ثم على العراق وتشجيع المضاربة على القطاع العقاري من أجل تنشيط الاقتصاد. انتهت الحروب في أفغانستان والعراق إلى كوارث حقيقية ولم تفلح إلا في تخفيف حدة الأزمة السابقة وتأجيل ضربتها العنيفة بضع سنين. أما تشجيع المضاربة على العقارات فقد انتهت إلى معضلة تشبه الألغاز غير القابلة للحل التي كان يتسلى بها القرويون في سمرهم الممل في الأزمنة الغابرة. وانتهت هذه المضاربة إلى مصير لا مفر منه حيث أفلست بنوك عملاقة كانت تزعم القدرة على إدارة الأزمات بل بعضها كان يزعم أن حديث الأزمة برمته حديث من الماضي ولا مكان له بعد تطور أساليبهم الحديثة في الإدارة.

في مصر، اتبعت الحكومة الحالية نفس النهج، وقامت بتشجيع المضاربة العقارية، وتورطت البنوك في إقراض المشروعات العقارية الفاخرة على اعتبار أن الطلب لا حدود له، كما تورطت الحكومة نفسها في ممارسة هذه المضاربة عن طريق طرح الأراضي في المزادات لترتفع الأسعار بسرعة الصاروخ وتبلغ عنان السماء، وتزداد حركة البناء فترفع معها أسعار مواد البناء وترتفع تكلفة الوحدات.

سوف تنجرف مصر إلى نفس المشكلة قريبا، وسوف تشعر بأثرها عنيفا على البنوك التي قامت بإقراض الشركات العقارية، وعلى الشركات نفسها التي قامت ببناء وحدات مرتفعة التكاليف، ولن تفلح محاولات البنك المركزي في تحريك الدماء في النظام المصرفي عندما يشعر هذا النظام بأزمة السيولة. إنه نفس سيناريو الفوضى الذي عانيناه في مطلع الألفية.

النظام الرأسمالي نظام فوضوي لا يمكن أن يتجنب الأزمات، ولكن هذه الأزمات نفسها أصبحت أكثر عنفا وأطول أمدا مع تزايد غرور قادة النظام وترويجهم الأكاذيب حول أن عصر الأزمات قد انتهى. المشكلة الحقيقية هي أن من يدفع ثمن هذه الأزمات هو دائما الغالبية المسحوقة من العمال والفقراء، الذين يشردون من أعمالهم ولا يجدون ما يقيم أودهم هم وأبنائهم بينما يبحث كل مضارب أثرى على حسابهم وكل مسئول خان أمانة المسئولية عن منتجع له في لندن أو في باريس بعد أن ملأ كرشه سحتا من دم الفقراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي ملامح الاقتصاد الإيراني في عهد رئيسي.. وما ابرز التطور


.. كيف سيتم إدارة الملف الاقتصادي في إيران بعد وفاة رئيسي؟




.. ا?سعار الذهب اليوم الاثنين 20 مايو في الصاغة


.. لماذا سرعت كوريا الشمالية في إنتاج السلاح النووي؟




.. عمال المحارة الترند عملوا فيديو جديد .. المنافسة اشتدت فى تل