الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواجهة الروح الانهزامية في الحركة الثورية ومهامنا في دحرها

سمير عادل

2008 / 9 / 30
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


يكفي ما يقارب اربعة عقود من الزمن وما اعتراها من حكم دكتاوري فاشي وثمان سنوات من حرب دامية وحربا وحصارا اقتصاديا جائرا لمدة ثلاثة عشرة عاما واحتلالا بأكبر ماكنة عسكرية في العالم وقصفا اعلاميا مدويا بواسطة الاقلام المأجورة، كي يفرض التراجع المادي والمعنوي على الحركة الثورية في العراق.

ان ادامة خلق وإنتاج روح الخنوع والانهزامية والاستسلامية في المجتمع العراقي من قبل الاحتلال وعملائه ونقل صورة مشوهة ومستكينة وعديمة الارادة واعادة انتاج هذه الصورة بشكل متواصل ودائم ومدروس ليس الغاية منها الا ضرب الروح الثورية والتقاليد الثورية في المجتمع.

ان التحدث اليوم عن الحركة الثورية في نظر الكثيرين الذين اعتراهم الاعياء ضربا من الماضي اكل عليه الدهر وشرب. وليس هناك اليوم في المجتمع العراقي كما يقول هؤلاء الثوريين المتقاعدين، الا عملاء للاحتلال والعصابات الطائفية والقومية الممولة من الاجهزة المخابراتية لدول المنطقة. فلا داعي ان تتحدث عن (التغيير) وانهاء الاحتلال وتقزيم دور الجماعات الطائفية في المجتمع.

وقد كانت احد اسباب شيوع هذه الظاهرة او سيادة هذه الاجواء بعد الاحتلال، ان من قام بالامس بمقاومة الاحتلال هم من الذين فقدوا امتيازاتهم بعد الاحتلال واليوم يعقدون صفقة مع نفس قوات الاحتلال لضرب العصابات الطائفية المنافسة لها الى جانب عشرات الاحزاب والقوى التي تدور في فلك صانعي (العراق الجديد) مما ساعد في ترسيخ صورة الحاجة الدائمة للماكنة العسكرية للاحتلال. وهكذا اصبحت عبارة فلا حول الا بقوة الاحتلال هي المنقذ من كل شيء!

فـ (التغيير الثوري) اصبح اليوم مقولة كلاسيكية لا ترد في الادبيات السياسية، والارتزاق في العمل السياسي هو الصفة الملازمة والية جميع الاحزاب السياسية التي رهنت وطبقت مصالحها مع الاحتلال ومخابرات دول المنطقة للحصول على كوادر واعضاء ومؤيدين وجمهور طالما تستطيع ان تدفع ثمن بقاء هؤلاء على قيد الحياة، في ظل الفقر والعوز الذي بدء يكبر ويتحول الى عملاق يسحق كل يوم جميع اركان المجتمع.

لن يستطيع البشر في العراق ان يرفعوا قاماتهم من جديد وتعاد الكرامة الانسانية اليهم دون اقتدار اليسار. وعندما نقول اليسار، نقصد به نهوض الحركات العمالية والطلابية والنسوية والشباب والمثقفين التحررين. ان اي حزب او قوة تحررية في المجتمع العراقي لا يمكن له ان يكون جزء من المعادلة السياسية في العراق دون ان يطابق اجندته مع اجندة هذه الحركات ويكون متدخلا فيها وفي طليعة نضالاتها وقبل كل شيء استنهاض القوة الثورية الكامنة في هذه الحركات.

بيد ان هذا الحزب او القوة السياسية التي نتحدث عنها بحاجة قبل كل شيء الى فصيل من الناس الثوريين تتطابق مصالحهم وافاقهم وحياتهم وبرامجهم الشخصية مع مصالح وافاق وبرامج ذلك الحزب او القوة اليسارية التي نتحدث عنها. ان التدمير الهائل الذي الحقتها العوامل الانفة الذكر خلقت روح انهزامية داخل المجتمع والقت بضلالها بعد اكثر من خمس سنوات من الاحتلال والتدمير حتى على الناس الذين اعلنوا في يوم من الايام انهم هم الطليعة اليسارية والثورية.

وما يزيد الوضع اكثر سلبية، فان الاحزاب والقوى السياسية بعد الاحتلال طرحت نماذج وشخصيات تحترف الكذب الذي اصبح مهنة في (العراق الجديد) والنفاق السياسي على شاشات الفضائيات والغرق في الفساد الاداري الى جانب الضحالة في التفكير والطرح وفوق كل هذا وذاك تمتلك مقدرات المجتمع، ان هذه الشخصيات هي التي اصبحت الموديل المطروح في المجتمع والتي رسخت السلبية في تصور الجماهير وساعدت على ترسيخ حالة اليأس من ظهور شخصية الرمز الثورية التي تحتاجها في كل زمان ومكان للتغيير الثوري.

لا شك اننا لسنا سوبرمانات وليس المطلوب مننا خلق سوبرمانات، وفي نفس الوقت ندرك جيدا ان الاوضاع برمتها في العراق معقدة وكارثية. وكما قلنا في احدى المناسبات ان تيارات سياسية مدعومة من دول وحكومات لم تستطع ان تحسم المعادلة السياسية في العراق لصالحها وتعاني ما تعانيها، فكيف باليسار الذي وقفت كل العوامل المذكورة دون نهوضه ولم تدعه يترك اثرا على التوازنات السياسية. لكن هناك شيئ واضح بالنسبة لنا بأن تغيير هذه الاوضاع كما قلتها من قبل ليست مستحيلة اذا وجدت الارادة والتصميم الثوريان.

ان ما اريد ان ابينه في هذا المقال هو مهامنا في مواجهة الروح الانهزامية التي بدأت تتسرب وتجد مكاننا في صفوف حركتنا الثورية، و من جهة اخرى احياء الروح الثورية والتقاليد الثورية او اعادتها الى المجتمع العراقي. وهنا اريد ان اذكر عبارة لينين ( لا تقل لا استطيع بل قل لا اريد).

ان المجتمع العراقي بحاجة اليوم الى اكثر من اي وقت مضى الى التقليد الثوري والروح الثورية. فدون استنهاض هذه الروح وترسيخ التقليد الثوري على الاقل في المرحلة الاولى بالنسبة لنا وهو ايجاد هذا الطيف من الناس الذين يمتلكون هذه الروح والتقاليد الثورية لا يمكن لنا ان نرسخ تقاليدنا وعاداتنا وتصوراتنا في المجتمع مقابل تلك التيارات والقوى القومية والطائفية المدعومة بميزانيات مفتوحة. ان الحركة الثورية تحتاج الى اناس ثوريين. فلا حركة ثورية دون قادة ثورييين. اي بعبارة اخرى ليس لاناس مهزوميين مكان في الحركة الثورية.
ان العراق ماض نحو عدم الاستقرار وعدم الامان، وان التجربة الصومالية او في احسن الاحوال اللبنانية تنتظرنا، وان تغير هذا المسار المظلم لا يمكن دون تصميم هذا النوع من البشر الذي اشرت اليه.


رئيس مؤتمر حرية العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر يلتقي الملك تشارلز


.. خريطة تفاعلية تشرح مراكز الثقل الانتخابي في إيران




.. الدعم السريع يسيطر على منطقة استراتيجية في ولاية سنار جنوب ش


.. عاجل | وزارة الداخلية الإيرانية: فوز مسعود بزشكيان بانتخابات




.. الجيش المكسيكي يوزع طعاماً للمتضررين من إعصار بيريل