الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل اختلطت الأوراق حقاً على المثقف العراقي

سعيد الجعفر

2008 / 9 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يبدو أننا نحن العراقيين والمثقفون منا بشكل عام نسينا مشاكلنا الكبرى وانشغلنا بمثال الآلوسي. فهذا الرجل الذي شعرت منذ البداية أنه نموذج لمسالة خلق البطل منذ حادث السفارة العراقية في برلين قبل سقوط النظام الصدامي، بقي الشخصية الأكثر إثارة للانتباه. ثم جاءت زيارته الأولى الى إسرائيل ومقتل نجليه لتضيف الى نار النقاش وقوداً جديداً. فالعراقيون المسكونون بمسألة الشبان القتلى الممتدة في عمق ثقافتهم منذ مقتل الرضيع وعلي الأكبر وحتى أولاد مسلم امتدادا الى "مقاتل الطالبيين" تراهم حين يتحدثون عن مثال الآلوسي يبدأوون بعبارة " خطية انقتلوا ولده". ولو كان الموضوع يختلط على البسطاء من الناس فما هو دور المثقف إذن في هذه الظلمة الحالكة التي تتطلب منه أن يكون هو من يملك قنديل الوعي ينير به دروب البسطاء المظلمة. وأنا لا أفهم كيف تختلط الأوراق على المثقف العراقي فليس هنالك من رابطة بين أن نتعاطف مع مثال الآلوسي الإنسان في مسألة مقتل ولديه وبين أن ندينه كعراقي يقوم بزيارة الى إسرائيل. كما أن هنالك فرق بين أن ندين تجاوز مجلس النواب على فقرات في الدستور وبين أن ندافع عن زيارة الآلوسي الثانية لإسرائيل. فمن خلال محاولة تفسير موقف المثقفين العراقيين أجد نفسي أميل الى أن جلهم يقوم بذلك نكاية بموقف الفلسطينيين وخصوصاً حماس والمنظمات السلفية من الوضع العراقي. ولا أعرف كيف تختلط الأوراق ثانية هنا فحتى لو كانت المنظمات الفلسطينية كلها تنحاز الى صدام لا يعني ذلك أبداً أن نغير موقفنا من إسرائيل، التي كانت وستبقى عدونا الأول . يذكرني موقفنا هذا بموقف العرب في مسألة جعل إيران واسرائيل في مستوى واحد من ناحية تهديد الأمن القومي للعرب. ففي إحدى الحلقات على الجزيرة قال محمد حسنين هيكل ما مفاده أنه لا يعرف كيف أن أمة لا تميز عدوها الرئيس فيجلس مثقفوها خالطين للأوراق في هذا المجال. نحن العرب مشهورون في مسألة عدم تمييز العدو والصديق منذ أن اختار السادات فصم عرى العلاقة مع الاتحاد السوفيتي ليوثق علاقته بالولايات المتحدة الحاضن الأساس لإسرائيل.
وجدت مثلاً خلطا لدى المثقفين العراقيين سواء كانوا عرباً أم كرداً بين العداء لصدام والعداء للعرب من العراقيين، أو من الجهة الثانية بين العداء للقوميين الأكراد والعداء للشعب الكردي الذي تعرض لمظالم كثيرة. لكن لم بقيت الأمور واضحة لمثقف يهودي كنعوم شومسكي الذي كان ولما يزل يشتم إسرائيل بمناسبة أو بدون مناسبة، أم على مثقف تركي مثل الروائي أورهان باموك الذي دافع عن الأرمن، أم على مفكر مثل علي شريعتي الذي عرى الطبيعة الشوفينية للتشيع الصفوي.
واليوم حين يملأ المثقفون العراقيون الصحف والقنوات بمقالاتهم و صيحاتهم دفاعاً عن "شجاعة الآلوسي" اذكرهم أن العراقيين كانوا دائماً سباقين فبل غيرهم من العرب في الدفاع عن فلسطين، حتى اصبحوا يبزون الفلسطينيين أنفسهم في ذلك. وقد قلت يوماً لشاعرة فلسطينية في رسالة حتى لو عادانا الفلسطينيون كلهم فإن فلسطين لن تعادينا لأنها تعرف أن العراقيين بالذات هم من أراق الكثير من دماءه من أجلها.
أخيراً أقول أن احساسي منذ البداية كان أن مثال الآلوسي بطل خلقته أروقة المخابرات الأمريكية. فلا يعقل أن من كان يعذب الشرفاء من العراقيين في السبعينات يتحول الى بطل يدافع عن "الأمة العراقية"، رغم أن هذا المصطلح مضحك مبك في بلد تجد ولاءات كل شخص فيه قبلية طائفية قومية ولربما ايضاً حزبية قبل أن تكون عراقية، فأين هي الأمة إذن. أخيراً أقول لمثال الآلوسي كيف يسمح لك شرفك الشخصي أن تجلس مع قتلة ابناءنا، رغم كل فذلكات الليبراليين من العرب حول السلام والشرق الأوسط الجديد. فشخص مثل الألوسي يعرف هنا في الغرب بكونه "شعبياً" او بالأحرى شعبوياً أي أنه يحاول اصطياد أصوات الناخبين من خلال إطلاق فقاعات سياسية ليس لها مطلقاً بقناعاته الحقيقية. أخير أجدني بدون أن أدري أترنم ببيت السيد حيدر الحلي:
مالي أسالم قوماً عندهم ترتي لا سالمتني يد الأيام إن سلموا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إسرائيلي: حماس -تعرقل- التوصل لاتفاق تهدئة في غزة


.. كيف يمكن تفسير إمكانية تخلي الدوحة عن قيادات حركة حماس في ال




.. حماس: الاحتلال يعرقل التوصل إلى اتفاق بإصراره على استمرار ال


.. النيجر تقترب عسكريا من روسيا وتطلب من القوات الأمريكية مغادر




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال لمسجد نوح في