الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرة بن سباهي ....الجزء الرابع والعشرون

عبد الرزاق حرج

2008 / 9 / 30
سيرة ذاتية


في الدكاكين السياسية,التي يديرها حكام زايدوا علينا بدهاء في كل قضية...باعونا(أم القضايا) وقضايا أخرى جديدة,معلبة حسب النظام العالمي الجديد,جاهزة للاتهام المحلي والقومي.فانقضضنا عليها بغباء مثالي.ثم متنا متسممين بأوهامنا,لنكشف,بعد فوات الآوان,مازالوا هم وأولادهم على قيد الحياة,يحتفلون بأعيادهم فوق أنقاضنا...ويخططون لحكمنا للآجيال القادمة ولذا ..منذ( تلك القضية) انقرض الحالمون ,وسقط فرسان الرومانسية من على خيولهم .....أحلام مستغامني ...روائية جزائرية ..

دخلت الى مكتب الآتصالات الدولية صباحا الذي يبعد عن سنتر المدينة أكثر من خمسة دقائق في السيارة وعقرب الساعة يميل الى العاشرة ألا ربع والشمس مشرقة والجو حار..كان بناء المكتب من الخارج والداخل نظيفا ,يحتوي على عدت كابينات تلفونات مصفوفة بأنتظام ..سلمت على موظف المكتب ,أنيق بزيه المدني ..يجلس قرب تلفونات منتظمة على منضدة سطحها من البلاط كمراَة عاكسة ..كان ينظر لي بعيون باردة وأنا أسلمه رقم الهاتف لاحد البلدان الآسكندنافية ومبلغ من الدنانير لآيجار المحادثة على الهاتف..قال لي الموظف باللهجة العربية جملة طويلة ..أنتظر على الكابينة رقم 3 ..عندما يرن التلفون ..أرفعه وتكلم..كان يحدثني كأنسان اَلي..بعد دقائق مرت ..رن الهاتف ..رفعت السماعة وقربتها الى أذني اليمنى داخل الكابينة..ألو ..ألو ...قلت مرحبا ..أجابني بصوت بعيد ..أهلا ..من ..تفضل ..قلت ..أنا فلان ..قال ..ها ..كيف أمورك ..من أين تكلمني ..قلت عبر السماعة ..من السليمانية ..سمعت ضحكاته وهو يقول ..لازم شمعت الخيط ..قبل أن أرد ..قال ..الجماعة أشلونهم وياك ..قلت ..هاي يرادلها كعدت شرب ونسولف ..قال ..ها ..طيب والمطلوب ..قلت ..أريد مبلغ من المال ..قال ..طيب ..ردلي ..العنوان مضبوط .. كان صوتي يتلو الآسم والزقاق والحي ورقم الهاتف وهو يكتب بسرعة الدقائق المنحوسة ..قال ..شوف ..اليوم العصر او المغرب ..أو باجر ..يصلك المبلغ ..بس وين العزم ..قلت له الى تركيا ..قال ..ها ..سمعت أخر عبارة (خير) وأنغلق الصوت ..خرجت من المكتب وخشخشات صوت صديقي لازمتني بصمت..كغثيان الذاكرة المؤجلة أو الماضي القريب في هذيانه وشغبه وتحليقه وهو يستأنف في تحليق أجنحة الماضي ..ينبش بأطلال الذاكرة المزدحمة بصور الماضي القبيح ..كنت أسير على الرصيف الحار الى سنتر المدينة وكوكب الشمس عاتية في ذلك الصباح والذاكرة تكسر بيوت الماضي بعنف ..تتجلى وتتجمع بذهني كأمواج البحر الهائج ..دائرة الزمن دائما تضعنا في فخ الذاكرة ..صديقي لم يكن من جماعة الماضي بل برغماتي النزعة أو يتعامل بحس الواقع الحال ..لم يستنسخ روح الماضي بالماضي كواعض ديني في محتفل الخطابات الدينية ..ترك الحزب حين هاجرت قيادته البلد الى مثواها الآخير ..أطلق على رحلاته أسم رحلات السندباد البحري ..هروبه من العسكرية الى معسكرات اللاجئون في أيران وهروبه منه الى دمشق ..ثم المحطة الآخيرة هي أحد البلدان الآسكندنافية ..لم يكن مستسلما لضرورة الموت في سبيل الشهادة الحزبية في أمور التنظيم والكفاح المسلح كأي متدين حامل وزر الشهادة في سبيل تعاليم الله ... عزيزي القارئ هذه تفاصيل صغيرة وعامةعن شخصا ذاب في الغربة في رحلة جهنمية!!! ...قادتني أقدامي الى بيت صديقي القرداغي ..أستقبلني بفم ضاحك ..قال لي ..يجب أن نذهب الى صاحب العنوان وننتظر ..بعدما عرف ماقمت فيه ..وصلنا الى بيت جيران قرداغي ..كان جيران القرداغي ..قصير ومربوع القامة وأصلع ووجهه ممتلآ أحمر ويرتدي بجامة صيفية سادة ..رحب بنا ..جلسنا على أرائك ناعمة الملمس من القماش الفاخر في واجهت الآستقبال ..كانت شقة نظيفة ومرتبة وكبيرة.تطرد الفقر.جدرانها تتزين بصور العائلة ولوحات جبلية ..أكلنا على أرضية الآستقبال المفروش بكمبار مصنوع من الصوف طعام الغذاء ..شربنا الشاي ..والوقت يتقدم ببطأ مع حرارة الجو والصمت غير موفق في قلب الشقه ....تحدثنا أحاديث متنوعة ..كانت كلماتنا سامدة بل زاهية بمسلسل ذكرياتنا ..قاربت الساعة منتصف الرابعة عصرا ..رن التلفون ..تكلم صاحب البيت باللغة الكردية ..أسمع يقول ..بلي ..بلي ..رفع وجهه الآحمر أتجاه القرداغي ..قال ..كاكه ..تعال ..اريدون يحجون وياك ..تقدم قرداغي بخطوات بطيئة وأمسك بيده اليمنى سماعة الهاتف ووجهه صاوي غير متيبس..قال ..بلي ..تكلم عدت كلمات ..ويردد ..ها ..أبو فكرت ..زين كاكه ..زورباش.. سباس دكم...أطبق التلفون ..وأقترب مني وقال وعيناه الصغيرة سائله ..هل تعرف شخص يدعى ..أبو فكرت ..قلت له بأنتباه ..نعم ..لماذا ..قال لقد أتصل بمحلية السليمانية ..يسأل عنك ..ويقول أن يتصل بي ...لكن هذا نفس الشخص الذي ننتظره ..قلت له ..كلا ..ظل وجهه القرداغي يكسوه شذرات الآحمرار ..وطيات من شعر رأسه الآمامية نازلة على حاجبيه الثخينة ..قلت له ..هذا شقيق أبو فلان المدرس ..الذي كان سجينا معنا ..قال اَه ..صديقنا المدرس ..لكن كيف أموره ..ضحكت ..قلت ..أشلون أموره ..أيبيع ..كبه على عربانة دفع في شارع الكفاح !!!..ألتفت قرداغي على المضيف ..ظل يسرد حول ذكرياته عن المدرس ..طارت بي أزيز الذاكرة خلال الزمن المحسوب ونتف حديث قرداغي اسمعها عن المدرس ..كنت أنزع صور الماضي وانتشل بقاياه الجميلة من طبقات العذاب والوجوه الكريهة..بالرغم بصري أحترق بالقراءة لكن شاشة ذاكرتي حية ونشطة ..لم تخذلني ذاكرتي بالرغم ثقوب الزمن في فضيحة الآحداث ..تعرفت على أبو فكرت في أيام الدراسة المتوسطة..كانت أعدادية أبي عبيدة في الثورة هي رابع أعدادية في المدينة المتسعة في النفوس ..كانت المدارس ( قتيبة معروفة في القدم والآتساع ..بعدها بور سعيد والمصطفى) وأخيرا مدرستنا بتلك الآعوام من بداية السبعينات في القرن الفائت..التي تتكون من طابقين ودوامين متباينين ..صباحي وظهري ..المتوسطة في الصباح والثانوية في الظهر ..في الطابق الثاني صفوف الآول والثاني أما الطابق الآول صفوف الثالث وبعض من الصفوف الآول ..فيها سلم أسمنتي على شكل زاوية منفرجة ..حينما تنتهي من السلم تستقبلك غرفة الآتحاد الوطني للطلبة ..تنحدر نحو اليسار ..تبدأ في الصفوف الآولى ..يقطعها باب أبيض خشبي يفصل الجانب الآخر من االبناية والصفوف ..التي يدرس بها طلاب الصفوف الثانية أما الطابق التحتي فيها الآدارة وغرفة الآساتذة ومعاون المدير محصورة بين الغرف ساحة صغيرة يتفرع منها السلم الداخلي الى الطابق الثاني وثلاث ابواب أثنان الى الصفوف الخارجية والثالث الى خروج ودخول الهيئة التدريسية أو المراجعين ..كان يركب أبو فكرت في سيارة الآجرة صباحا من بيتهم القريب من المستشفى الوحيد في المدينة ...ينزل قرب شارع فرعي مبلط ..أنذاك كانت المدينة فيها شوارع رئيسية مبلطة وبعض الشوارع الفرعية حاصلة على التبليط أو الحصى الناعم المزيت ..هذا الشاب النازح من قرى الجنوب ..أكمل الصفوف النهائية من الآبتدائية في بغداد ..أصغر أشقائه لكن أكبر أخر عنقود من شقيقاته ..عائلة كبيرة العدد أكثر من 13 نفر ..يعيشون في ثلاث غرف ..في بيت مفتوح من الاعلى ومبني من الطابوق والأسمنت والحديد..عرضه الى تقلبات الطقس وقوانينه القاسية....والده يكدح على العائلة بأصرار ..غالبية العشيرة هاجرت من الجنوب ..بيوت الآقرباء متقاربة في نفس الحي ....نفس الآنتماء في المذهب الديني الشيعي والحزبي ..لم تعرف العشائر الشيعية الجنوبية بأنتمائتها الحزبية الجديدة هي منتمية الى أفكار النصارى لآن يسود تراكم من الجهل القبلي ..كان الجنوب هو مكان الديانات الآولى للنصارى ...ديانات ومذاهب متقاربة في اللغة وأفكار الرجعة في دين النصارى والشيعة..متلازمة في الآفكار عندما يعود القديس المختفي يعدل الآرض ..... يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا