الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب القوقاز من وجهة نظر الإدارة الأمريكية

دياري صالح مجيد

2008 / 10 / 1
السياسة والعلاقات الدولية


أكدنا في مقالاتنا السابقة على أن حرب القوقاز نعني بها الإشارة إلى الحرب التي جرت في أوسيتيا الجنوبية مابين روسيا وجمهورية جورجيا المدعومة من الغرب وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية في ضوء تحالف استراتيجي يربط فيما بينها.
أثار هذا الصراع تضارباً في وجهات النظر حول من بدأ به وماهي أسبابه الكامنة وراء دفع المشكلة إلى ساحات القتال العسكرية بدلاً من ساحات السياسة الدبلوماسية والحوارات المباشرة، وهنا كانت لدى الإدارة الأمريكية وجهة نظرها الخاصة حيال هذا الصراع داعمة هذه الوجهة بالعديد من الأدلة التي أرادت من ورائها تبرئة ساحة حليفها الجورجي أمام المجتمع الدولي من أجل إظهار روسيا بأنها الخطر الجديد الذي بدأ يتنامى مهدداً مصالح الغرب.
أكدت الإدارة الأمريكية أن مصلحة روسيا العليا في هذا الصراع كانت تتمثل في النقاط الآتية:-
1.ضم أقاليم أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا إليها.
2.تدمير القدرة الدفاعية لجورجيا.
3.تحطيم الاقتصاد الجورجي.
4.احتلال جورجيا حتى يتم إجبار حكومتها على الانهيار.
5.منع أي دولة من دول القوقاز أو آسيا الوسطى من الانضمام لحلف الناتو.

كما أكدت الإدارة الأمريكية بأن الإدعاءات التي ساقتها روسيا للحرب كانت تقوم في أساسها على حصول تطهير عرقي ضد السكان في أوسيتيا الجنوبية وبالذات ضد أقلية من الروس، الأمر الذي أجبرها على التدخل للحيلولة دون حصول جريمة تطهير عرقي بحق السكان في تلك المنطقة، وهو ماردت عليه الإدارة الأمريكية بالتأكيد على أن الاستقزازات الروسية لجورجيا سبقت الحرب بفترة طويلة رافقها فيما بعد الانتقال إلى العمل الميداني والعسكري من خلال نقل معدات عسكرية ثقيلة إلى أوسيتيا الجنوبية التي توجد فيها فعلياً قوات حفظ سلام روسية، كما رافق ذلك التوجه إصدار قرار رسمي يفضي بإعطاء جوازات سفر روسية لأبناء أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا بهدف الانتقاص من سيادة جورجيا، وهو مايصب بمجمله في إثارة جورجيا وتحفيزها على إثبات قدرتها في فرض سيادتها على أحد أقاليمها المهمة.

كما أكدت الإدارة الأمريكية أن هذه السياسة التي افتتح بها مدفيديف تاريخه السياسي كرئيس لروسيا إنما جاءت في حقيقتها تطبيقاً لأفكار رجل المخابرات السوفيتية السابق وهو رئيس الوزراء بوتين . ويتم في هذا الإطار الاستشهاد بقول مدفيديف في رسالة وجهها إلى الشعب الروسي قال فيها "بعدما أبديت استعدادي لقبول طلب بوتين الترشيح لمنصب الرئاسة، أتقدم الآن منه للحصول على موافقته المبدئية على قبول رئاسة الحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات لأن على روسيا المحافظة على السياسات التي رسمها بوتين" ثم نوّه مرة أخرى إلى أهمية الدور الذي لعبه بوتين في إعادة موسكو إلى الخارطة الدولية بعد أن غابت عنها لفترة ليست بالقصيرة خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

وحاولت الإدارة الأمريكية في ضوء ردود الفعل العسكرية العنيفة لروسيا أن تؤكد أن روسيا قد عادت إلى اعتناق العقيدة العسكرية مجدداً كأداة مهمة لها في حل النزاعات وفي فرض إرادتها ونفوذها على دول جوارها الجغرافي، فقد عملت على استغلال الظروف من أجل تنصيب قاعدة عسكرية/جوية في أوسيتيا الجنوبية وفي الحدود القريبة لها قرب أوكرانيا وكذلك قواعد صاروخية أيضاً في أوسيتيا الجنوبية وفي بيلاروسيا، بهدف دعم الاضطرابات في دول المنطقة وبناء تحالف مع حكومات عميلة لها تنصبها بدلاً من الحكومات ذات التوجه الغربي كما هو الحال مع أوكرانيا. ويؤكدون على ذلك التوجه من خلال قول بوتين "ان أوكرانيا ليست دولة وإذا ماأرادت الإنضمام إلى حلف الناتو فإننا سنمزقها".

وأصرت الإدارة الأمريكية على أن وسائل الإعلام الروسية لعبت دوراً ناجحاً في محاولة تزييف الحقيقة من خلال إظهارها لجورجيا على انها هي التي بدأت بغزو أوسيتيا الجنوبية وان العمليات الجورجية قد أدت إلى قتل مئات المواطنين وتسببت في تشريد أكثر من (40.000) آخرين من أصل 70.000 يسكنون أوسيتيا الجنوبية، وهو مامكنهم من إظهار سكاشفيلي على انه مجرم حرب لابد من معاقبته. في حين أكدت الإدارة الأمريكية أن تحريات منظمات مراقبة حقوق الإنسان ومنظمات أخرى فضلاً عن مراسلي الصحف الدولية، أثبتت عكس ذلك الأمر تماماً.

أما في الجانب العسكري فقد أكدت الإدارة الأمريكية أن روسيا قامت بإرسال قوات خاصة إلى أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا من أجل توفير التسهيلات الأرضية اللازمة لدخول المدرعات العسكرية الروسية التي وصل عددها إلى أكثر من 150 مدرعة في الأيام الأولى للقتال، فإذا لم تكن الحقيقة كذلك فكيف وصلت هذه الدبابات بهذه السرعة إلى أرض المعركة؟.

في مقابل كل تلك الادعاءات الرامية إلى إثبات وجهة نظر الإدارة الأمريكية والتي أطلقتها أصوات وأقلام مؤيدة لسياستها وتوجهها، نجد أن الرد المقابل الداحض لهذه الإدعاءات والرامي إلى رمي التهمة على كاهل جورجيا ومن ورائها حليفتها الإدارة الأمريكية، قد جاء على لسان العديد من مسؤولي الكرملن وكذلك في الصحافة الدولية. فقد ذكر الصحفي يسوماس ميلن في مقال له في صحيفة الجارديان مايلي "ان جورجيا هي التي بدأت الحرب بهجوم شامل على أوسيتيا الجنوبية من أجل العمل على استعادة النظام الدستوري، أو بمعنى آخر من أجل السيطرة على منطقة لم يسبق أن كانت تسيطر عليها منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، وقد قامت القوات الجورجية بقتل مئات الأشخاص هناك من دون أن تتعرض لأي إدانة من جانب الحكومات الغربية".

إن الصراع في أوسيتيا الجنوبية ومن ثم في جورجيا ومجمل منطقة جنوبي القوقاز جاء مخرجاً لتنافس دولي تحكمه مصالح قوى متعارضة في توجهاتها وفي طموحاتها جعل الخاسر الأكبر في هذا الصراع الشعب الأوسيتي الذي دفع ثمناً باهضاً من حياة أبنائه، فهل ستستمر الإدارة الجورجية مستقبلاً في إذكاء هذا الصراع؟ أم انها ستعمل على موازنة المصالح الأمريكية-الروسية في البلاد وفقاً لما يخدم حاضر ومستقبل جميع أفراد الشعب الجورجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يشكل لجنة وزارة أمنية مصغرة وسط دوامة من الخلافات بش


.. فايز الدويري: جيش الاحتلال فقد كثيرا من القدرات التي كان يمت




.. أصوات من غزة| تكافل وعطاء رغم الحصار وقسوة النزوح


.. لحظة قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا بخان يونس جنوبي قطاع غزة




.. الجيش الإسرائيلي ينقل صلاحيات قانونية بالضفة الغربية لموظفين