الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نريده برلمانا ً- عراقيا - .. وليس - عِرقيا - ..!

يحيى السماوي

2008 / 10 / 2
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


لم يعرف التاريخ المؤسساتي الحديث ، نظام حكم متخلفا مثل نظام طالبان الأفغاني ... ومع ذلك ، فقد كان في أفغانستان الطالبانية هندوس وسيخ وكانت لهم حقوقهم كمواطنين أفغان ، فلم تسعَ إلى تهجيرهم من بلادهم من خلال تهميشهم كما يحدث لمسيحيينا العراقيين حيث تنادت المنظمات المعنية بحقوق الانسان مناشدة الدول الغربية لانتشالهم ( وها هي الحكومة الألمانية تتعهد باستقبال خمسة آلاف مسيحي عراقي للعيش في المانيا على حساب دافعي الضرائب ، دون أن يحتجّ أعضاء برلمانها ـ وهم من دافعي الضرائب وليس كأعضاء برلماننا العراقي الذين لا يعرفون معنى الضريبة ) ..

إندونيسيا دولة إسلامية ... لكن برلمانها لم يقضم حقوق غير المسلمين بما في ذلك غير الموحِّدين ..

ماليزيا دولة إسلامية .. لكن لغير المسلمين في برلمانها ، ذات حقوق المسلمين ..

الهند دولة غير إسلامية ـ لكن برلمانها سمح لمواطن ٍ مسلم أن يكون رئيسا للهند كلها ..

صدام حسين كان أبشع ديكتاتور عرفه عراقنا عبر العصور ... لكنه كان عادلا في توزيع ظلمه على الشعب العراقي ، فلم يُـفـَرِّق بين عِـرق ٍ وآخر أو بين مذهب ٍ ومذهب ... فالكل متساوون أمام المشنقة والمقبرة الجماعية وغاز الخردل وحوادث الدهس المنسقة ... وأما برلمانه ـ ( وإن كان غـيـر وطني ) فإنه كان يسمح لغير المسلمين بوجود ممثلين عنهم في المجالس البلدية ...

أمّـا برلمان عراقنا الجديد ، فإنه يمنع تمثيل العراقيين الأصلاء في مجالس المحافظات ( وليس في مجلس الأمن الوطني أو مجلس رئاسة الوزراء ليستكثرها عليهم ) في وقت ٍ يتمتع فيه بعضوية هذه المجالس والبرلمان ومناصب رفيعة ، الكثير ممن كان آباؤهم أو أجدادهم يرطنون باللغة الفارسية أو الهندية والتركية ، أو يحملون حتى الان جنسيات أجنبية مع الجنسية العراقية ( يقال ـ والعهدة على الرواة ـ إن عوائل البعض منهم ما تزال حتى اليوم تعيش في أوطانها الأخرى تحسّـبا ً للطوارئ ـ أو ربما لإدارة ملايين الدولارات التي تصلها من مزرعة الفساد الإداري في عراقنا الجديد) ..
يوم الأربعاء الماضي صوت أعضاء برلماننا بالأغلبية على قانون انتخابات مجالس المحافظات، إلا أن الغاءه للمادة 50 من القانون التي تـنص على وجود حصة مقررة للأقليات في مقاعـد مجالس المحافـظـات ، قـد أعطى الإنطباع بكونه بـرلـمانـا ً " عِـرقـيا ً" وليس " عراقـيا " ...

المخجل ، أن بعض أعضاء برلماننا كثيرا ما يتحدث عن العراق باعتباره موطن الحضارات الانسانية ـ وهو يجهل أن هذه الحضارات لم تصنعها قبائل ذبيان وطي أو بني عـبس وشـمّر ... فالذين صنعوا هذه الحضارات هم أهل العراق الأصليون : الكلدان والآشوريون السريان وغيرهم ممن أسقط برلماننا عنهم حق التمثيل في مجالس المحافظات ... فأية مفارقة مضحكة مبكية هذه ؟

يا أولي الأمر :

المجالس البلدية ليسـت " تكايا دروشة " أو " حسينيات لطم " ليُحرَم غـير المسلمين من دخولها أعضاءً ... وليست وزارات ٍ مُـتـْخـَمَـة ً بمئات ملايين الدولارات فتخشى حيتانُ " النهب التحاصصي " أن تستحوذ " الأسماك الصغيرة " على فـُتات موائدها ... فلتطلقوا سـراح الديمقراطية من معتقلاتكم العِرقية ِ والطائفية .. دعونا نصدِّق أنَّ المواطنين في عراقنا الجديد متساوون كأسنان المشط ، وليس كأسنان التماسيح ـ كما هو واقع الحال في مستنقع المحاصصة ...

إن الأكثرية البرلمانية التي لا تحمي حقـوق الأقـلية ، لـيسـت جديرة بتمثيل الـشعـب ..
نريده برلمانا "عراقيا ً" وليس "عِـرقيا " ... فالآشوريون والكلدان والصابئة المندائيون أقـدمُ عَـراقة ً منا نحن عـرب العـراق من شيعة وسُــنـّة ... " بـابـلهـم " أقـدم من " كــوفـتـنـا " ... وأكـَدِهِـم " أقـدم مـن " فـلوجتنا " ... و " زقـّورتهم " كانت أعـلى من بناية برلمانكم ـ فاتـَّقـوا التاريخ قبل أن يلعن ديمقراطيتكم الشائهة ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء تقارب السودان وروسيا؟


.. الاحتجاجات الداعمة لغزة: رئيسة جامعة كولومبيا تهدد بفصل طلاب




.. بلينكن: أمام حماس عرض -سخي- من قبل إسرائيل.. ماذا قال مصدر ل


.. الانتخابات الأميركية.. شعبية بايدن | #الظهيرة




.. ملك بريطانيا تشارلز يستأنف مهامه العامة | #عاجل