الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إرهاب المستوطنين يضرب الإسرائيليين

برهوم جرايسي

2008 / 10 / 3
القضية الفلسطينية


مرّة أخرى يضرب إرهاب عصابات المستوطنين اليهود في قلب الشارع الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، بمحاولة اغتيال البروفيسور زئيف شتيرنهال، المتخصص بالحركات الفاشية في العالم، وبارز في خطابه المناهض لعصابات المستوطنين الاسرائيليين.
ومثل هذه الجرائم وصلت إلى حد القتل لأكثر من مرة، ومن أبرز محطاتها، محاولة اغتيال السكرتير العام للحزب الشيوعي في إسرائيل، ماير فلنر، في العام 1967، الذي تلقى طعنات خطيرة إثر خطاب ألقاه في الكنيست، بعد أيام من عدوان حزيران ذلك العام، وقال فيه إن حكام إسرائيل مجرمي حرب.
كذلك في العام 1982 جرى اغتيال ناشط السلام إميل غرينتسفايغ، بانفجار قنبلة في مظاهرة مناهضة لحرب لبنان، بعد مجزرة صبرا وشاتيلا في ذلك العام، لنصل إلى المحطة الأبرز، وهي اغتيال رئيس الحكومة، يتسحاق رابين، في خريف العام 1994، رغم انه من أبرز جنرالات وقادة الحرب في إسرائيل، وفقط لكونه شرع بمفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية من خلال مسار أوسلو، ووصولا إلى محاولة الاغتيال الأخيرة.
ولكن خلال كل هذه الفترة، فإن عصابات المستوطنين، وإلى جانبها بطبيعة الحال مجموعات لا أقل إرهاباً تعيش في داخل إسرائيل (مناطق 1948)، لم تتوقف عن ممارسة الاعتداءات المكثفة ضد قوى سلام إسرائيلية، إن تواجدت في تظاهرات دعم للفلسطينيين في الضفة الغربية، أو في داخل إسرائيل.
وهنا من الجدير أن نقرأ هذه القضية في اتجاهين، الأول هو أن هذه العصابات نشأت ونمت وما تزال تنمو وتتحرك أمام نظر السلطات الرسمية، التي تغض الطرف عن جرائمها، التي تمارسها أساسا ضد الشعب الفلسطيني، وهذا الأمر ساري في كافة مستويات المؤسسة الرسمية، من أجهزة سياسية وأمنية، وصولا إلى جهاز القضاء.
فمثلا حين قررت الحكومة الإسرائيلية إخراج حركة "كاخ" الإرهابية، والحركات التي تدور في فلكها عن القانون، في أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل في العام 1994، فإن هذا قرارا بقي حبرا على ورق، وفقط من أجل الاستهلاك الإعلامي أمام الرأي العام العالمي وفي محاولة للتنصل من مسؤولية السلطة الرسمية عن جرائم هذه الحركات، خاصة وأن قادة ورموز وعناصر هذه الحركات تتحرك بكل حرية، في ظل تواطوء سلطوي واضح، وحتى أن أبرز قادتها خاضوا الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
ولكي لا يبقى الكلام من جانب واحد، فلعل ما كتبه الكاتب السياسي في صحيفة "يديعوت أحرنوت" إيتان هابر، له أهمية خاصة، فهو من كان مديرا لمكتب رئيس الحكومة الأسبق رابين، ويمكن القول إنه في السنوات الأخيرة جنح نوعا ما إلى اليمين الوسط في مواقفه من القضية الفلسطينية، وحتى أنه يبدي في أحيان عدة مواقف عدائية وكراهية تجاه الشعب الفلسطيني.
ويكتب هابر، أن جميع رؤساء حكومات إسرائيل ووزراء الأمن (الحرب) "غضوا الطرف وتساهلوا عندما عرضت عليهم تقارير حول التنظيمات وأعمال الشغب (يقصد ممارسات المستوطنين). كما أنهم كانوا أول من تراجعوا في المعركة ضد مخالفي القانون هؤلاء".
وأضاف هابر، رغم تجنبه استخدام مصطلح "مستوطنين" واصفا إياهم "سكانا"، ويكتب: "حقيقة هي أن سكانا إسرائيليين في المناطق (الفلسطينية) قتلوا عمدا أطفالا وفتية فلسطينيين ودمروا بيوتا وأشجار، وحتى أنهم شكلوا تنظيمات لتنفيذ عمليات قاسية، ولا أحد منهم موجود اليوم خلف القضبان. والمؤسسة الإسرائيلية تساهلت معهم ومع شروط سجنهم لدرجة إطلاق سراحهم".
وهذا التواطؤ، الذي يُقرّه من كان مطلعا على "أسرار الدولة" كان بمثابة ضوء أخضر لهذه العصابات الإرهابية في أن تتعدى خطوط العدوان على الشعب الفلسطيني، لتوجه حرابها ضد حتى مع من يتماثل مع حقوق الشعب الفلسطيني ولو بقدر محدود، وهذا لا يمكن أن يكون آخر المطاف، لأن هذه العصابات تتزايد، وتتعاظم قوتها في الحلبة السياسية الإسرائيلية، ويزداد ممثلوهم في الكنيست، الذين يشكلون غطاء لهم ولجرائمهم.
أما الوجه الآخر لهذه القضية، وهو ما طرح أكثر من مرّة هنا، هو ضرورة الانتباه إلى قوى السلام الحقيقي في إسرائيل على الرغم من تراجع حجمها وتنوعها، فهذه قوى جديرة بالاهتمام، وبعدم التنكر لها، والمقصود هنا مجموعات جريئة جدا في طرحها السياسي، وحتى أنها تقدم تضحيات لا يمكن تجاهلها، وليس المقصود كل من نطق بكلمة "سلام"، أو أيد مجرد عملية سياسية عقيمة.
فالرهان على هذه المجموعات الصادقة، يعني الرهان على إمكانية إحداث قلب في موازين القوى في إسرائيل، حتى وإن بدى هذا صعبا في الظروف الحالية، ولفترة أبعد، فيجب ان لا ننسى أن هذه القوى نجحت في مرحلة ما قلب الموازين السياسية، وأحدثت تغييرا ايجابيا ولو محدودا، في النصف الأول من سنوات التسعين.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحرس الثوري لا يريد رئيسا متشددا -دينيا- يفاقم المشاكل مع ا


.. هاجس الأيديولوجيا ليس الحقيقة بل المصلحة | #جلستنا




.. مراسل الجزيرة يرصد استعدادات حجاج بيت الله الحرام للوقوف بص


.. عبر الخريطة التفاعلية.. جيش الاحتلال يكثف يركز عملياته في ال




.. تقديرات أمنية إسرائيلية تشير إلى أن العملية العسكرية في رفح