الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السّجن !!!

محمد كليبي

2008 / 10 / 3
الادب والفن


ليلى , فتاة شابة في منتصف العقد الثالث من عمرها , متعلمة تعليما حديثا , باحدى الجامعات الأجنبية , تعمل موظفة في احدى الدوائر الحكومية في العاصمة .
غادرت ليلى مقر عملها نهاية الدوام الرسمي
كانت مرهقة الى حد ما
ولكن ليس الى الحد الذي يمنعها من النقاش والجدال , وحتى الضحك !
كان بصحبتها " هدى " زميلتها في المكتب
مشتا قليلا حتى بلغتا الشارع الرئيسي
صعدتا الى الباص الذي يوصل ليلى الى منزلها , أو منزل عائلتها , ويكمل مسيره ومعه زميلتها .
بعد قليل
صعدت فتاة
جلست في المقعد المواجه لهما
كان يبدو عليها النشاط والحيوية
كانت مفعمة بالحياة
كانت في غاية البهاء والنضارة
الى جانت كونها متحررة أكثر منهما
انها سافرة الوجه
عكسهما تماما
ليلى : أليست رائعة في تحررها من هذا السجن المدعو (( نقاب )) ؟!؟
هدى : قد يكون ذلك ! لكن أنظري , أليست عرضة - أكثر منا - لنظرات وتطفل الآخرين ؟
ليلى : نعم . لكن هذا ليس خطأها هي , بل هو خطأ الواقع الاجتماعي المتخلف الذي يجعل من مثلها حالة شاذّة في وسط محيط من النساء المتشحات بالسواد بكامل أجسادهنّ , مثلي ومثلك .
هدى : أعتقد أنني وأنت وأمثالنا أكثر أمنا وأكثر سلامة داخل هذا النقاب . على الأقل نستطيع ان تفعل ما نشاء ونذهب أين ما نريد دون أن يتعرّف علينا أحد , مثلنا مثل بقية النساء في هذا الوطن
ليلى ( وقد زادت حدّة وحماسا ) : تقصديت : وسط القطيع . نحن لسنا الا جزء من قطيع يدعى نساء وطني . ثم , ألا ترين أنّ هذه الفتاة أكثر حرية منا ؟
هدى : ربما
ليلى ( في توتر وانزعاج ) : ربما !؟
هدى ( في برود تحسد عليه ) : ربما , فالحرية - كما تعلمين - نسبية
ليلى : لكن أنظري اليها , ألا يبدو عليها الثقة الكبيرة بالنفس ؟
هدى : في هذه , نعم . ثم مستدركة : لماذا لا تفعلين مثل هذه الفتاة ؟ لماذا لا تخلعين عنك هذا النقاب ان كنت غير مقتنعة بارتدائه ؟
ليلى : هذا - كما تعلمين - من سابع المستحيلات .اذا تحديت المجتمع فلا أستطيع تحدي أهلي الذين لن يسمحون لي بذلك حتى لو انطبقت السماء على الأرض . انهم يعتبرون هذا النقاب لباس العفة والشرف وحتى الأصالة . ومستندهم في ذلك الدين وثقافته , والقيم والاعراف القبلية . صدقيني لو كان الأمر بيديّ لأخذت هذا المسمى نقاب و أخواته الحجاب والبالطو و ... وأحرقتها . وعشت حياتي حرة طليقة كما يفترض أن أكون . وهذا هو حال الكثير والكثير من فتيات مجتمعنا المنغلق
هدى : ........
وفجأة , نزلت تلك الفتاة من الباص . والفتاتان يراقبنها بمزيج من المشاعر المختلطة : غيرة منها , وحسدا لها , وفرحا لأجلها , وشوقا الى تقليدها ....
وظلتا تتبعانها بعيونهما حتى ولّت في الشارع الفرعي
.........................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير


.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام




.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي