الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اكبر عملية حرمنة في التاريخ ترتكب هذه الايام.. علنا!

نادية محمود

2008 / 10 / 4
الادارة و الاقتصاد


اكبر عملية سرقة في التاريخ تنفذ هذه الايام من قبل الادارة الاميركية و حزب العمال البريطاني. حيث قرر الكونغرس الاميركي في عطلة نهاية الاسبوع المنصرم ضخ 700 بليون دولار من اموال دافعي الضرائب- المبالغ التي تؤخذ مني و منك–الى جيوب مدراء البنوك لحل ازمتهم المالية الاخيرة.

الرئيس الاميركي جورج بوش يعلن بان عملية التحويل يجب ان تكون( نظيفة و بسيطة) و بدون تعقيدات، و ان يكون هذا القرار حائزا على الحصانة القانونية، حيث لا يمكن ان يقدم الى محاكمة في يوم من الايام.

بمعنى، الان البنوك تمارس سلطتها علينا مستخدمة الحكومة كجابي ضرائب لها.

ليس امرا جديدا ان تعصف بالرأسمالية ازمات عاصفة. و ادعاءات جوردن براون بان مرحلة الازدهار- الانهيار التي هي سمة ملازمة للرأسمالية قد انتهت لهي محض هراء- الا ان الجديد هذه المرة، ان الحكومة تاخذ اموالنا التي دفعناها، كضرائب، كان مقررا ان تذهب للصحة و الخدمات و التعليم - وهم ياخذوها للحروب ايضا- هذه المرة، سيذهب 50 بليون باوند من اموالنا في بريطانيا و 700 بليون دولار في امريكا الى مدراء البنوك و اصحاب الاسهم.

كذلك يدعو وزير المالية الاميركي الدول الاخرى في اوربا و اليابان ان يحذو حذو الولايات المتحدة، حيث ان الاقتصاد معولم، و حيث ان الانهيار المالي شمل اوربا واسيا ايضا.

فكيف يكون شكل السرقات؟

يقولون بان الدولة لا تتدخل في اقتصاد السوق الحر. فكيف حدث ان هبت الادارة الاميركية لتعمل ليل نهار من اجل حل ازمة البنوك، و رفع معنويات وول ستريت المالية؟

بدأت ملامح الازمة منذ الصيف الماضي، الارتفاع في الاسعار، و ارتفاع نسب التضخم، تسريح الالاف من العمل و ما يترتب عليه ذلك، من ضعف القدرة على دفع ايجارات او رهن البيوت. ارتفع مستوى البطالة في بريطانيا الى مستوى لم يسبق له مثيل منذ تسع سنوات، حيث سيصل قريبا الى مليوني عاطل عن العمل، افلاس شركات الطيران، التي تركت ركابها في البلدان التي ذهبوا اليها و لم يعيدوهم الى مدنهم، ارتفاع اسعار البنزين، البعض يعتبر ازمة ثلاثينات القرن المنصرم نزهة قياسا بهذه الازمة التي تمر بها امريكا و بريطانيا.

بدأ ابتلاع الشركات الاكبر للشركات الاضعف، اندماج مفاجئ، اغلاق فروع البنوك، و تسريح موظفين، هذه المرة ليست ازمة الطبقة العاملة ذوي الياقات الزرقاء فحسب، بل موظفو الطبقة الوسطى بالياقات البيضاء. تغلق فروع بنوكهم فيصوبوا انظارهم لاسيا بحثا عن اماكن لبيع قوة عملهم.

علما ان اصحاب البنوك، لم يوفروا- لحد اللحظة- على البنوك المنهارة اخذ رواتبهم الشهرية بملايين الدولارات و لم يتوقفوا حتى عن اخذ مكافاتهم بمئات الالاف من الدولارات او الباونات، رغم انهم يقولون ان بنوكهم تنهار الا ان تلك الاموال ليست اموالهم، بل اموال اولئك المودعين و اصحاب الاسهم، و هنالك من سياتي لينظف الاوساخ بعدهم، تلك هي حكومتي الولايات المتحدة و بريطانيا، التي تحركت بسرعة الريح، من اجل ايجاد حل لمشكلة البنوك.

الملفت للنظر، ان الحكومة البريطانية قامت بـ( تاميم بنك نورثرن روك المنهار) لم تؤمم البنك في حالة ازدهاره، -انذاك، يعتبر جزء من الملكية الخاصة المقدسة- الا انه و بانهيار المشروع، و اصطفاف اصحاب الاسهم طوابيرا على ابواب البنك، هبت الحكومة الى تاميمه، اي الى شراءه. فهل من عاقل يشتري "مشروع منهار" الا اذا كان وراء الاكمة ماورائها، "الحكومة" البريطانية التي اممت البنك، و الحكومة الاميركية التي اشترت ( القروض السيئة) لا تجدا مانعا من ان تمدا ايديهما الى الاموال الماخوذة من دافعي الضرائب، وتنقل استخدامها من الهدف الذي جبيت لاجله الى هدف انقاذ إقتصاد السوق الحر الراسمالي من الانهيار.

الان تسجل سابقة تاريخية لا مثيل لها، فان تازم قطاع رأسمالي معين، لا قلق بعد ذلك، حيث ستقوم الحكومة نفسها، بحل مشكلته، بتدبير الامكانية المالية له. فلماذا القلق؟

ان القادم الذي ينتظر المواطن، هو حرب اهلية باردة بين الذين افقروا والطبقة المدللة، التي لا يجري تركها تواجه مصيرها، بل تستنفر رئاسة الدولة عن بكرة ابيها لانقاذها. لن تعود الضرائب التي دفعها المواطن باي نفع عليه، لا على شكل خدمات ولا صحة و لا تعليم، بل سيترك، و قد ترك فعلا ليوجه مصيره في دولة " الرفاه" البريطاني، مطرودا من العمل، و الدولة "ليس بمقدورها" ان تجيب على حاجاته.

من الان، ستشهد هجمة جديدة على دولة الرفاه، بشكل لم يسبق له مثيل، و سيكون النموذج الاميركي هو المثال الذي يحتذى به.

ان ما يحدث هذه الايام من اصطفاف الحكومة مع الرأسمال المصرفي اصطفافا طبقيا مصيريا، يظهر الحقيقة الطبقية للحكومة انها حكومة الطبقة الرأسمالية، انها ليست حكومة محايدة او تعبر عن ارادة او حاجة المجتمع، كما يروج دعاة الديمقراطية، بل انها قلبا و قالبا حكومتـ"هم" حكومة الطبقة الرأسمالية، فهل يبقوا من سبب للناس ان تذهب للتصويت و هي امام حزبين طبقيين رأسماليين سواء العمال و المحافظين في بريطانيا، او الديمقراطيين و الجمهوريين في امريكا؟

اظهرت ازمة البنوك بشكل جلي، ان الحكومة هي مجرد مؤسسة واحدة من مؤسسات الطبقة الرأسمالية، هي فقط مؤسسة تقف في المركز، تستخدم كل ما يقع تحت ايديها من اجل انقاذ طبقتها من الانهيار. لذلك تجد اصحاب الرساميل و البنوك و الشركات يشغلون مواقع مسؤولة و متقدمة في الدولة ايضا، يضعون ايديهم على الاقتصاد و يقررون على سياسة البلد.

ان وصول البطالة الى مليونين في بريطانيا و العجز عن تسديد ادنى النفقات مثل قوائم الماء و الكهرباء و حقيقة ان 30% من اطفال بريطانيا يعيشون تحت خط الفقر ليست بازمات تستدعي من جوردن براون او جورج بوش العمل – دع عنك في عطلة نهاية الاسبوع- من اجل ايجاد حل لها، كما استنفر الكونغرس الاميركي ليعمل عشرة ايام متواصلة و لم يوفر حتى عطلة نهاية الاسبوع ليصل الى قرار ضخ الاموال بشكل نظيف و بسيط؟

لم يجانب الصواب البعض حين وصفوا ألسوق الحر بانها ( سوق الموت). ان ما يحدث على الصعيد الداخلي لامريكا و بريطانيا و تاثيراته التي بدأت تظهر للعيان، بانها ستكون( السلاح المالي للدمار الشامل). ان هذه الازمة ستؤثر على تسويق البضاعة الصينية في السوق الامريكي، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن الاميركي. لقد اكد عدد من الاقتصاديين ان هذه الازمة ستؤثر على الهند و على الصين اضافة الى البلدان الاصلية لهذه البنوك، و اسواق المال، الخطوط الجوية الايطالية ( ايتلايانا ) اعلنت بنفس الوقت افلاسها مع عدد من شركات الطيران البريطانية و التركية، مما ادى الى فقدان عشرات الالاف لاعمالهم. ان ابعاد الازمة الاخيرة لهي ابعاد عالمية.

في هذه البلدان ( عريقة الديمقراطية) لم يستفتى رأي المواطن في امر تحويل اموال دافعي الضرائب لتسديد النقص في البنوك، و التي سيكون الرابح الوحيد فيها، في اول المطاف و اخيره، اصحاب البنوك انفسهم. ويتناهي الى سمعك يوميا اصوات و همهمات الناس وهي تقول نحن بحاجة الى بديل عن حزب العمال البريطاني، العمال بحاجة الى بديل عن حزب العمال البريطاني.

مع استفحال الازمة المالية العالمية، عادت مرة اخرى للتداول مفاهيم الرأسمالية، الازدهار، الانهيار، الاشتراكية، و الثورة والاصلاح، والتاميم، و مدنية المجتمع، و بدأ المواطن يتطلع الى احداث تغيير في هذا لنظام كضرورة لا بد منها، بدا الحديث عن قرارات يجب ان تتخذ، و افعال يجب ان يقرر عليها، السؤال، هو من سيتخذ القرار في بريطانيا ولامريكا لعمل ذلك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 30 يونيو 2024 بالصاغة


.. تعرف على الخدمات البنكية المقدمة للمواطنين فى المصيف.. برنام




.. ما الأهمية الاقتصادية مضيق هرمز؟


.. برامج الكتل السياسية الأكبر في فرنسا من الضرائب إلى الاعتراف




.. بعد استهداف قرية روسية.. بوتين يوجه بإنتاج صواريخ نووية محظو