الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الذكريات

نزار عبد الاخوة التميمي

2008 / 10 / 6
سيرة ذاتية


اخذت الكتاب وبدأت اقرأ صفحاته واستوقفتني ذكريات جميلة وحزينة في نفس الوقت اخذتني بعيداَ عن عالمي الرتيب والممل وذهبت الى والدي ( رحمه الله) عندما كان يجلس معنا في كل يوم خميس من كل اسبوع ويقرأ علينا من كتبه ومؤلفاته ومن بقية الكتب الفلسفية والعلمية والاجتماعية التي يمتلكها ويبدأ النقاش بفحوى احدى هذه الكتب لساعات متأخرة من الليل وننهل من منهله الطيب والغزير الكثير من المعلومات القيمة التي جعلتنا نجلس مع المثقفين ونتحدث معهم بلغة مشتركة وواعية وجعلتنا نميز بين الصواب والخطأ وبين الجيد والردئ, هكذا كان والدي يثقفنا ويحرص علينا في ان نواكب التغيرات السريعة في الحياة ويقتل الملل لدينا, اما الآن فقد ذهب والدي الى دار حقه كما يقال ولكن ذهب وهو في قمة عطاءه ذهب ونحن لازلنا كأولاد وكبلد بأمس الحاجة اليه ذهب ليترك لنا مكتبة وكتب من تأليفه تصلح لان تربي اجيال واجيال.
كان رجل طيب القلب دمث الاخلاق يحترمه المسؤول والبسيط في مجتمعه ينتقد السلطان ويدافع عن المظلومين, لايريد ان يكون مسؤولاَ كبيرا وهو اهل لذلك لكي لا يشعر في يوم من الايام بتقصير اتجاه شعبه وبلده.
اعتُقل والدي عدة مرات كان آخرها في يوم الخميس الموافق 4/2/1993 حيث كان مسؤول عن تنظيم سري (تجمع سياسي ديمقراطي ليبرالي علماني) فقدنا اخبار والدي لمدة ستة اشهر حيث كان تحت اقبية المخابرات المظلمة ولكنه كان شجاعا وجريئا بوجه الجلاد ومبدئيا مدافعا عن قضيته واتذكر عندما سألته بعد ان خرج من السجن في يوم 27/3/1995 عندما كان في الزنزانة هل دعوت ربك لكي يخرجك من محنتك بامس الحاجة لعائلتك وكذلك الحال بالنسبة لعائلتك اجابني قائلا ( ان الشيء الوحيد الذي يخرجني من زنزانتي هو افادتي اما المحقق وقناعة القاضي بهذه الافادة فاذا كان مقتنعا بها اخرجني واذا لم يقتنع بالافادة اطلق حكمه عليّ بالاعدام او اي حكم آخر ولايستطيع الله ان ينقذني من محنتي هذه) ثم سألته مرة ثانية هل ستعود الى العمل السياسي بعد ان ذقت الويل من تعذيب المخابرات والسجن لمدة سنتين وشهر قال لي (لا ارغب في العمل السياسي في الوقت الراهن واتفرغ لعائلتي الجميلة ولعملي لان العمل السياسي هو غباء في ظل حكم الدكتاتور صدام) ثم سألته وبعد ان ينتهي نظام البعث هل ستعود الى العمل السياسي رد عليّ (بالطبع ٍساعاود العمل لاني ولدت في مجتمع وتربيت على ايدي اعظم السياسيين) قلت له ومن هم هؤلاء السياسيين, ابتسم بفخر وجاوبني (عندما سجُنت في عام 1963 وكان عمري آنذاك 17 سنة وكنت اصغر سجين سياسي في ذلك الوقت وكان معي في السجن (مظفر النواب و محمد حديد وابراهيم كبة والفريد سمعان) وغيرهم من العمالقة فهذه هي المدرسة التي ربتني على السياسة وعلى المبدئية), كانت محادثتي هذه مع والدي رحمه الله في عام 1996, ثم عدت بسؤالي ماهو النظام او الحكم الذي هو اسوء من نظام البعث او صدام اجابني وعلى وجهه نظرة قلق معينة وتأوه لم افهمها في حينها قائلا (ان النظام الذي هو اسوء من هذا الحكم هو النظام الديني اي ان يأتوا رجال الدين ويحكموا بلدنا عندها سيتم تقسيم البلد طائفياَ وسيكون العلمانيون تحت وطأة هؤلاء الجلادين ويستغلون الدين لتحقيق مآربهم واهدافهم التي ستطيح بالبلد وتجعله من البلدان المتخلفة وتجعل شعبه يعاني من الخلافات الشخصية لرجال الدين وللحكام, ثم سكت قليلا وقال لي في هذه الحال اذا لاسامح الله واتوا رجال الدين ليحكموا هذا البلد عندها افكر بترك البلد واهجره) وفعلا كان تنبؤ والدي بالحكم وترك البلد في عام 2006 الى احدى البلدان الاوربية ليعاني هول الغربة التعيسة ويقاسي آلام الفراق والبعد عن العائلة والوطن وعن الاصدقاء والاحبة ليفارق الحياة وحيدا مع حاسوبه الوحيد الذي يقرأ يوميا عن طريقه في الانترنت وينشر مقالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية, رحل عن الحياة في عز عطاءه ونشاطاته رحل ولم يودع عائلته ووطنه الذين كانا ينتظرانه رحل في يوم (عيد الحب) يوم 14/2/2008


نزار عبد الاخوة التميمي










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يستهدفون سفنا جديدة في البحر الأحمر • فرانس 24


.. الشرطة القضائية تستمع إلى نائبة فرنسية بتهمة -تمجيد الإرهاب-




.. نتنياهو: بدأنا عملية إخلاء السكان من رفح تمهيدا لاجتياحها قر


.. استشهاد الصحفي سالم أبو طيور في قصف إسرائيلي على مخيم النصير




.. كتائب القسام تستهدف جرافة إسرائيلية في بيت حانون شمال غزة