الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


The end of the American dream

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2008 / 10 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


قيل الكثير وكتب أكثر ما يمكن عن الأزمة المالية التي تعصف بالرأسمالية في أمريكا ، وأكثر المحللين يتفقون على أن الولايات المتحدة لم تعد القوة الأعظم في العالم .
لقد شهد العالم فور إعلان انهيار الاتحاد السوفييتي كيف أقامت الرأسمالية الأفراح والأعراس ، مدعية نهاية التاريخ ، بانتصار " اللبرالية" ، وسيادة القطب الامبريالي الواحد بزعامة الولايات المتحدة. واليوم جاءت الأزمة المالية الخانقة للرأسمال المالي في أمريكا ، لتؤكد للبشرية ، أن تطلعات وأماني الإنسان لم تتحقق لكي ينتهي التاريخ حسب زعم منظر العولمة الامبريالية فوكوياما ، ولا تزال أمام البشرية التقدمية الاشتراكية ، أهداف إنسانية ، تستلزم النضال المرير ، لتحقيقها. وإن ما لا بد له أن ينتهي يوما هو تاريخ الاستغلال و الاضطهاد والامبريالية .

الشعب الأمريكي يعاني من الأزمة المتفاقمة منذ سنوات عديدة، والتي تتمثل في نسبة البطالة المتصاعدة التي بلغت 6 مليون عاطل عن العمل فقط في العام الفائت، و استرجاع الكثير من حقوق المواطن وضماناته الاجتماعية، و تقليص فرص التعليم ، و تقليل الإمكانيات الأولية في التعليم والصحة ، والأخطر من كل ذلك ، أن الأمريكيين يرون بأم أعينهم أن أبناءهم يُقتلون في العراق وأفغانستان و مناطق أخرى من العالم . كل ذلك في سبيل أن يجنى حفنة من تجار الحروب رأسماليي الوول ستريت والشركات الإمبريالية الأخرى أقصى ما يمكن من الأرباح ، التي بلغت 600 مليار دولار خلال الخمس السنوات الماضية.
فالإعلام المأجور والمرتزق الذي يعكس السياسة الامبريالية العالمية بات من مهامه المقدسة أن يبرر جرائم الماضي ، و يقدم صورة مشرقة عن المستقبل. ومن المآسي التي تصيب البشرية حجب الحقائق عنها، أو تشويهها، لعدم انتظام الطبقة العاملة، و عدم امتلاكها وسائل الإعلام اللازمة للتوعية ، وفضح الطبقة المستغلة والجشعة في العالم. فمشاهد اللغو، والجدل التي يخرجها ممثلو الرأسمال والاستغلال و الربح القصي ّ، التي تعرض على الناس لا تخرج عن دائرة الخداع والتضليل، وتخفي تحتها المشهد الحزين للجماهير المستغَلة و الكادحة.
فالأزمة المالية الإمبريالية تتفاقم ، إذ أنكر الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء وجودها قبل شهور ، واليوم طغت على كل المظاهر الأخرى ، ولم يعد ثمة أحد بمستطاعه إنكارها. فمنظرو الرأسمال يتحدثون عن " السقوط الحرّ" و " الارتباك الكبير" ، لكن أي إنسان له اطلاع بسيط على التاريخ ، لا يمكنه سوى مقايسة هذه الأزمة بالركود العظيم عام 1930. فليست الأزمة هذه نتاج خطأ أحد ما، أو جهة ما، أو مؤامرة " يهودية " كما يحلو لبعض العرب المهووسين بنظرية المؤامرة، بل هي نتيجة طبيعية جدا لسير الرأسمال الملازم للأزمات، ومنذ العشرين عاما الأخيرة. والعولمة الرأسمالية التي تسرعت وتيرتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، قد أدت وظيفتها، و اضطرت الرأسمال والقوة العاملة إلى الهجرة الإستراتيجية من أمريكا إلى كل بقاع العالم.
هذا الانهيار الاقتصادي يتجلى منذ سنوات على تعطيل دائم للكثير من الصناعات في أمريكا، وسياسة معاداة المهاجرين واليد العاملة المهاجرة في أعقاب البطالة الواسعة التي لم يسبق لها مثيل من قبل، و بالتالي أزمة السكن وانهيار قيمة العقارات في العام السابق، وأخيرا الأزمة المصطنعة لأسعار النفط والبنزين ، وتصاعدها الكبير ، وازدياد معدلات الفقر والبؤس في المجتمع الأمريكي.
ومن الطبيعي أن تنعم الشرائح الحاكمة بكل هذه المصائب التي انتابت الطبقات الكادحة والمحرومة، لتجني أعلى الأرباح المليار دية في السنوات العشر الماضية، بينما توسعت الهوة بين الفقر والغنى في سابقة خطيرة لم يكن لها مثيل في العصر الأمريكي الحديث/ ما دعا أحد السياسيين الديمقراطيين إلى أن يكتب في الصحافة الأمريكية أن " الطبقة الوسطى" أخذت سبيلها إلى الزوال، وأن " الحلم الأمريكي " آيل إلى الانتهاء.

لقد عمق المحافظون الجدد من الأزمة بفشلهم في إعادة التوازن إلى الرأسمالية في أمريكا، إذ كانوا يؤملون أن حروبهم في الشرق الأوسط والعالم سوف تضخ مليارات الدولارات إلى المجتمع الأمريكي، لكنها لم تؤدي سوى إلى مليء جيوب حفنة من تجار الحروب ، والشرطات الرأسمالية، مقابل تجفيف مصادر المال للشعب الأمريكي، و إزهاق أرواح الآلاف من الجنود الأمريكان و أبناء الشعب العراقي والشعب الأفغاني. فمصاريف الاحتلال في العراق تكلف دافعي الضرائب الأمريكان 10 مليارات من الدولارات الأمريكية . وقد أمسى العدوان الامبريالي على الشرق الأوسط الذي ادعى المحافظون الجدد أنه سيأتي إلى الشعب الأمريكي بغنائم كثيرة وخير وفير ، استحال وبالا و جرحا داميا ومدمرا لأمريكا ، شعبا بكل جوارحه، و مشكلة عويصة للإدارة الأمريكية.
والحركات المناهضة للحرب ، والمدافعة عن حقوق المهاجرين والعمال المهاجرين تصاعدت واشتدت في السنوات الماضية ، لكنها للأسف لم تتحول إلى قوة منظمة سياسية في المجتمع الأمريكي ، بإمكانها تقرير مصيره ، و كبح جماح أرباب الحروب والعدوان. فثمة يسار" ديمقراطي" استطاع دفع الكثير من الحركات الاحتجاجية إلى دعم حملة أوباما في الانتخابات الأمريكية، وإظهار سراب" التغيير" الذي يدعيه أوباما ، إلى حقيقة واقعة. فالشعب الأمريكي يعيش حالة ترقب وانتظار مؤلمين لنتائج الانتخابات و منجزات الإدارة القادمة.
إن المناظرات التي يجريها المتنافسون في الانتخابات الأمريكية ، و الحملات الانتخابية للمترشحين يبين مدى البؤس السياسي في الولايات المتحدة، ويكشف الآفاق الضيقة أمام الشريحة الحاكمة . وتبديل الوجوه والإدارة الحاكمة لن يأتي بحل مرضي، إذ أن الأزمة الحالية ، كما أسلفت، هي نتيجة منطقية لمسار الرأسمالية الذي قطعته ، وخاصة منذ انهيار جدار برلين ، ورقص البرجوازية وأفراحها بما سمته بنهاية التاريخ. وليست الأزمة من عواقب خطأ ارتكبه مسؤول، أو نتيجة فساد أو عملية سرقة واختلاس ، مثلما تدعي بعض الأجنحة الحاكمة في أمريكا إذ الرأسماليون ومرتزقتهم لا يخطأون قط، وليست المشكلة مشكلة جمهورية صرفة ليحلها الديمقراطيون، بل هي مشكلة سلطة تمثل أصحاب الثروة والمال الوفير ، مهددة بالسقوط والانهيار.
إن مشكلة الشعب الأمريكي تكمن في النظام الرأسمالي الامبريالي أولا، و في تدنى مستوى الوعي الطبقي عند الجماهير الكادحة والطبقة العاملة الأمريكية، وانعدام تنظيم عمالي اشتراكي يكون بديلا جماهيريا لهذا العفن الرأسمالي ثانيا . فلا حل في الانتقال من الإدارة الجمهورية إلى الإدارة الديمقراطية ، بل يبدأ الحل بتمزيق ستر الضلال والنفاق لميديا الطبقة الحاكمة في الولايات والغرب الامبريالي.
لقد أثبتت الإدارة الأمريكية خلال أيام الأزمة وهروعها لنجدة الوول ستريت والبنوك التي أفلست جراء الأزمة ، وطلبها بضخ 70 مليار دولار من أموال الشعب الأمريكي لنجدة الرأسمالية المتأزمة ، أثبتت أنها حكومة الوول ستريت وليست منتخبة من الشعب ، في وقت لم تهرع هذه الحكومة لنجدة المنكوبين اثر إعصار كاترينا و غيرها، بحجة الالتزام بمبدأ عدم تدخل الدولة في الاقتصاد والقطاع الخاص.
والأدهى أن عالم الاقتصاد الأمريكي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001 لدعوته بالحرية المطلقة للاقتصاد ، بدون أي تدخل من الدولة، واليوم تدخلت الإدارة ألأمريكية لتضيف كذبة كبرى أخرى إلى أكاذيب المفكرين البرجوازيين.
‏05‏/10‏/2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: لماذا تتهم مارين لوبان الرئيس ماكرون بتنفيذ -انقلاب إ


.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية: هدم منازل وضم مزيد من الأرا




.. تقدم ميداني روسي جديد في شرق أوكرانيا.. ما التفاصيل؟


.. من سيفوز بآخر بطاقتين لربع نهائي كأس أمم أوروبا؟




.. ماذا حصل بين محتجين والجيش التركي في شمال سوريا؟