الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل لنا ان نتحرر من قيود ما يسمى بالامة

مالوم ابو رغيف

2004 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


مفهوم الامة الذي  من الصعب العثور على ما يقابله في اللغات الاجنبية ،تنفرد به الشعوب العربية  وحدها  وفق منظور ديني واخر قومي شوفيني ،    رغم ان ثيابه الاسلامية  التي  اعارته lمعناه و شيئا من القداسة  اختزنها العقل العربي والاسلامي واصبحت شيئا من وجدانه وكيانه المميز له عن بقية الاقوام والاديان الاخرى ،اصبحت غير مناسبة له وتنفر من جسدة الذي تظهر عليه علامات الشيخوخة والهزال .

فهل الامة هي مجموعة شعوب ترتبط فيما بينها على الاقل بعامل من عوامل الكينونة الانسانية كاللغة مثلا .؟ واذا صح ذلك لماذا لا يطلق على الشعوب التي تتكلم اللغة الانجليزية او الفرنسية مثلا   ،الامة الانجليزية او الفرنسية  التي لا يمكن ان نقر بها او ربما نحصرها بانجلترا او فرنسا  فقط اذا ما ذكرت . واذا كان الدين هو الذي يصنف البشر ويهبهم  مكرمة الامة فهل يمكن القول بالامة المسيحية  او البوذية او الهندوسية .؟  سيكون المسلمون والعرب هم اول الرافضين لهكذا نوع من التفكير.

واذا صحت تسمية الامة العربية التي تغنينا بها رغم انوفنا منذ ان كنا صغارا ، فلماذا نشترك باكثر من امة في المحافل الدولية  والعالمية مثل منظمة الامم المتحدة .؟

اذا ما امعنا النظر في هذا المفهوم الغريب الذي يتميز به  التفكير العربي الشوفيني والاسلامي  المتدين ، لوجدنا ان اول ضحاياه هو  نحن ، نحن  المكبليين بسلسلة من القيود والاغلال درجنا ان نطلق عليها اصطلاح المبادئ او الثوابت التي لا يمكن لنا كسرها او التخلص منها الا واتهمنا بالخيانة او العمالة والتبعية . هذه  القيود والاغلال الذي نسميها الثوابت ولمبادئ التي يغلب عليها طابع التعصب والتحجر اكثر من صفاتها الانسانية بل انها تتميز بعنصرية واضحة تجاه الاقوام والاديان الاخرى هي بالحقيقة الامة نفسها . الامة مجموعة من المبادئ والثوابت  ومجموعة القيم  والاخلاق القديمة التي لا تتغير بتغيير الواقع ولا تتأقلم معه . هي نمط من انماط  التفكير العنصري الذي يحتكر الافضل ولاحسن ويعزيها الى نفسه ويختلق بطولات وابطال وهمين وينسب اليه كتاب وعلماء من اقوام اخرى و يعتبر الانجازات التاريخية هي انجازاته ويسلب صفات الشعوب الاخرى ويسبغها على  نفسه.

مجموعة المبادئ والثوابت المعبر عنها في الامة هو مفهوم موروث من عهود غابرة قد غطاها التاريخ بازاره السميك المغبر ولكنا لا زلنا نطلب الدفأ تحت هذا الازار اذا ما مسنا او شعرنا ببرد الحاضر وقسوته . هو مفهوم اورثناه الى الشعوب الاخرى المجاورة ايضا ، والتي تعاني ايضا مثلنا من ازمة الدين المتعارض مع الهوية الوطنية .

ولان ما يعرف بالامة هي الوليدة  لهذه الثوابت والتصورات العقيمة بقت في مكانها ترفض التحرك او الانتقال  والسير في الموكب الانساني ،هي مثل الفنانة التي عندما تشيخ ترفض ان تأخذ ادوارا ثانوية وتبقى تعيش  في صدى  تصفيق الماضي البعيد  وتشجيع الاموات ،تبقى اسيرة وهم وحلم ربما قد تحقق يوما ما ولكن سرعان ما خفت بريقه لاصرارها الدائم على احتكار دور البطولة , تبقى تعد امجادها الغابرة ، تماما مثلنا نحن الذين  نعيش في تاريخ لم نره الا من خلال كتّاب ربما كانوا مرتشين مثل كتّاب الكوبونات النفطية او متملقيين يسعون الى عطف الوالي او الخليفة .تاريخ نستطيع تعداد حكامه منذ موت محمد الى سقوط الدولة العباسية ،حيث ينقطع بعدها  حبل الذاكرة والتذكر لان الامة لا تحبذ ذكر نواقصها ولا عيوبها او هزائمها . ولان ذلك  ينتقص من المبادئ والثوابت والتاريخ المجيد .

مفهوم الامة العربية التوأم للامة الاسلامية ، التي كان يراد به السيطرة على الشعوب الاخرى  وتوحيدها تحت راية الدين الخفاقة المنتصرة ،اصبح احد العوامل التي يشتت الاجماع الوطني للدول المستقلة والمتكونة من مجموعات عرقية متعددة تسعى الى الاحتفاظ  بخصائصها ومميزاتها ونشأتها وتاريخها  بعيدا عن معبد الامة ومذبحها . خلق هذا المفهوم اغتراب واستلاب  داخل الوطن الواحد , قضى هذا المفهوم الذي ليس له من معنى الا في كتب التاريخ المغبرة ، قضى على مفهوم الامة الوطنية الجديدة والتي تتميز بخصائصها الثقافية واللغوية والفنية والفكلورية المتعددة والمتنوعة لتخلق شعورا بالانتماء الى مجموعة القوانيين والاعراف والتفاليد الذي نسميها الوطنية .قضى هذا المفهوم المظلل على حق الاثنيات بادارة شؤنها بنفسها ، وعلى تطلعاتها الانسانية المشروعة ان يكون لها وجود مستقل وكيان خاص لا يحق لاحد ان يحكم عليه بالعقوق وعدم الطاعة او اخضاعه الى رغبات و الزج بها في مغامرات  الامة .

عندما تحرر العراق من مفهوم الامة العربية والاسلامية ومن القومية وشعرنا في لحظة ولو قصيرة من الزمن بانسانيتنا عند رؤية المقابر الجماعية التي ضمت الانسان  ، وبكينا ولا زلنا نبكي دون ان نسأل عن انتماء الضحية او هويتها القومية والدينية  ،اعتقدت اننا قد تحررنا والى الابد من قيود الامة او القومية . ولكن والدموع لم تنشف بعد حتى بدأت الخطب والشعارات تملأ الشوارع والازقة ، وتذكرنا بالثوابت القومية والاسلامية ـ تعيد قيود الامة الى ايدينا والاغلال الى اقدامنا ، لنهتف اننا جزء من لامة العربية والاسلامية ، لا نسمح بمس القيود او كسرها مرة اخرى انها  الامة ولا يجوز المساس بثوابت الامة وبمبادءها  ، لا للفدرالية ولا لتقسيم العراق العربي الاسلامي ، الذي ينوخ باثقال الغير واعباء الغير  ، من  لم نرى منهم الا  سفراء الموت والذبح  في الشوارع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا