الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيادة الوزير : هل تضحك على ذقوننا ؟

فراس الحمداني

2008 / 10 / 8
الادارة و الاقتصاد


و صلني على الايميل مقالة للدكتور محمد الحسين و زير المالية السوري نشرت في الصحف السورية من تقريبا أسبوع بعنوان (,سورية أقل الدول تأثراً بالأزمة المالية.. وأسبابها تكمن في الرأسمالية ذاتها) وفيها قام الوزير بتحليل الأزمة الاقتصادية الأمريكية و بعدها تناول أثار الأزمة على الرساميل العربية ( النفطية ) و انتهى إلى الحديث عن حسنات الوضع المالي في سوريا و ابتعادها عن الأزمة الحالية, كانت المقالة نوجز بشكل أو بأخر السياسية المالية المتبعة منذ سنوات بل و حتى الاقتصادية, و بالطبع لا يخفى النفس السياسي المعارض الذي يحمل الإدارة الأمريكية الحالية سبب الأزمة الحالية, وبما أنني كسوري اعتبر أنني ممن تتوجه المقالة إليهم مخاطبة أو تثقيفا سأنطلق من هنا بمحاولة التركيز على المحاور الثلاث التي طرحها الوزير من خلال إلقاء الضوء على ازدواجية الخطاب الموجه إلى الشعب السوري, ستتضمن هذه المحاورنفس النقاط التي تناولها الوزير ولكن بعناوين مختلفة

1- أمريكا هي التي تقود الرأسمالية, وليس العكس صحيح
2- الرساميل العربية و صفات الرأسمال الجبان
3- هل فعلا ابتعاد الأزمة المالية عن سوريا دلالة على حسن قيادية مالية سورية ؟


أولا: أمريكا قائدة الرأسمالية في العالم وليس العكس

ينطلق الدكتور محمد الحسين من بديهية أن النظام الرأسمالي دوما معرض إلى الأزمات الدورية و يستشهد بالأزمات التاريخية التي عصفت في عام 1929 و 1970 و 1997 و أخيرا في 2008, طبعا أزمة عام 1997 هي أزمة السوء ق الآسيوية ويطالب بوجود مؤتمر دولي مالي جديد يمنح للدولة تداخلات و صلاحيات اكبر في التدخل في النظام المالي العالمي ثم يقوم بربط هذه الأزمة الحالية يسؤ تخطيط الإدارة الأمريكية التي اتبعت منهج ( الليبرالية المطلقة ) بمعنى أن السبب الحالي للازمة هو منهج الليبرالية المطلقة التي تعطي للدولة رفاهية الابتعاد عن الحوادث المالية والاقتصادية للسوق , فهل كان محق سيدة الوزير , هل الإدارة الأمريكية اتخذت هذا الموقف ؟
""المهم أنهم اليوم يعترفون بأنها أسوأ أزمة يشهدها الاقتصاد الأمريكي منذ أكثر من 50 عاماً وأنها الأخطر ... وهو ما يعد إحدى )مآثر( إدارة الرئيس بوش في المجال الاقتصادي , الذي ألهته شعارات الحرب على الإرهاب عن معالجة أزمات الاقتصاد الأمريكي مما أوصله إلى هذا الوضع الخطير...‏ "

تاريخياَ: إن أول أزمة اقتصادية أمريكية ترجع إلى عام 1837, كان وقتها الفائض الأمريكي من الميزانية كبيرا جدا بينما الدين العام مساويا للصفر, هذا الفائض سببته الرسوم الجمركية الأمريكية التي كانت تعد الأداة الأولى في الأسواق الرأسمالية, ظهر الفائض في السنوات السابقة و كان بهدف تطوير الصناعات الوليدة في الولايات المتحدة, و على الرغم من وريدية الحلم إلا أن جشع الصناعيين أعاق دون أن يتم إلغاء القانون عند حال تلبية الغرض و الانتهاء منه, في الأزمات الأخرى القادمة سوف تتطور قصة الرسوم الجمركية إلى إن تلغي نهائيا عند ألازمة التي حدثت في 1880, الجدير بالذكر أن حدوث الأزمة الأولى كان السبب الدليل الأول لظهور رأسمالية السوق في الولايات المتحدة و الانتقال من الإنتاج الزراعي إلى الإنتاج الصناعي و المالي, النقطة التي أود طرحها و ذكرها الدكتور الوزير في حديثه هو حتمية الأزمات في النظام الرأسمالي, فالأزمات تتخذ صفة الدورية المتعاقبة يتبعها حالة من النشاط و الازدهار, وكان هدف جميع الاقتصاديين الرأسماليين هو البحث عن عوامل تخفيف اثر ألازمة في النظام الرأسمالي من خلال أدوات اقتصادية ( و بالتأكيد يجب أن تكون حكومية ), تحاول أن تطيل من أمد فترة الرخاء و تقصر من عبء الأزمة ولو أعدنا النظر إلى تسلسل الأزمات التي حدثت في الولايات المتحدة تاريخيا فسنجد أن تاريخ الأزمات هو: 1837, 1858, 1880, 1930, 1971, 2008, طبعا هناك أزمات خفية شهدتها الولايات المتحدة بين أل 1858 و أل 1880 و هي فترة الحرب الأهلية, أهمية النتيجة إن الاقتصاد الرأسمالي الحالي يتميز ببعد الأزمات تدريجيا فينما كان معدل تكرار الأزمة هو من 10 – 15 عام, وصل في العصر الحديث إلى 30 – 45 عام, طبعا وهذا مخالف لتكهنات ماركس الذي تنبىء بقصر عمر الدورة للازمة و زيادة حدتها تدريجيا مع تطور النظام الرأسمالي, ينبع هذا التحسن في الرأسمالية إلى ضبط خيوط و قواعد اللعبة الرأسمالية من قبل دولة واحدة تتحكم بالدخل العالمي بل تتحكم بالنظام الرأسمالي نفسه, بمعنى أن النظام الرأسمالي ليس مجموعة قواعد ثابتة يجب السير عليها بل هو مجموعة الأدوات و القواعد التي تشرف فيها الدولة على التحكم في اقتصادها من اجل تطوير الاقتصاد و الناتج المحلي لها, طبعا من هذه الأدوات هي أداة عدم التدخل في الاقتصاد ة هي السياسة و كانت سائدة حتى عام 1930, نظام الدوارات الاقتصادية كان قد هياء لظهور ويسلسي ميتشل الذي اقر بان لكل أزمة " لكل دورة اقتصادية " سلسلة فريدة من الأحداث المهيأة لها , فالأزمة الأولى سببها رسوم جمركية + زراعية و الأزمة الثانية سببها الاحتكار العالمي و هكذا فان كل دورة اقتصادية بقوم على سبب مالي و تهدف الأزمة إلى تصحيح أو تعديل الأخطاء بهدف الرجوع إلى الدورات الصحيح للاقتصاد و كانت هذه النظريات تمهد ظهور كينز تلميذ الفرد مارشال المخلص , نادى كينز بتدخل الحكومة في ميادين الاقتصاد الرأسمالي , بداية م نرفع مستوى الاستهلاك الاستثماري و الاستهلاك
الحكومي و ليس نهاية بالعائد البطالة الذي يمنح لمن يستحقه , و التمويل بالعجز القومي , كل هذا من اجل إحداث معدل استهلاكي غير متناقص , يتناسب مع نمو الناتج المحلي و لا يمر بصورة سلبية في أوردة لاقتصاد , إذن دور الدولة المحايد ( رفاهية الدولة ) كان قد انتهى من بدايات الأزمات التاريخية و الأسلوب التدخل الكينزي في الاقتصاد كان هو المحرك للاقتصاد الرأسمالي الأمريكي , هذا الأسلوب هو الذي ما يزال فاعلا حتى الآن و مع توافق السياسية المالية مع الاقتصادية من خلال أسعار الفائدة للمجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي , كان واضحا إن الدولة وان كان لها حق التدخل في الاقتصاد عن طريق أدواتها إلا أن حرية الرأسمالية تفرض لتدخل وقت الحاجة , هذا المذهب الليبرالي في ابسط صوره . و كل الإدارات السياسية في البيت الأبيض لم تكون قادرة على انتهاج خط مغاير لتلك السياسة , إن لوم الإدارة الأمريكية على حصول الأزمة هو لوم خاطىء وفيه إبعاد سياسية أخرى أراد الوزير إيصالها , يمكن القول بحيادية أن الإدارة كانت ملومة في وضع حلول استباقية لمشكلة مالية و هي انعدام تسبيل السندات العقارية كانت تظهر على الأفق ,

ثانيا: الرساميل العربية و صفات الرأسمال الجبان, هل سوريا مكان جيد للاستثمار ؟

في القسم الثاني من مقالة الوزير يبدي قلقه على الرأسمال العربي وخصوصا الموجود في المصارف الأوربية و الأمريكية, بل و حتى الموجود في الأسواق العربية ذاتها ضاربا المثل بسوق البورصة الإماراتي و انهياره , و خسارته المتعاقبة , وينصح باستثمار هذه الأموال في دول عربية أخرى ( يقصد سوريا ) بعد أن لا يفوته ان يحذر من ان الخسائر المالية التي سوف تصيب الاقتصاد العربي هى اعلى من الايرادات الحالية لاسعار النفط ( هذا دليل على قصده لراس المال النفطي فقط ) ولابد من الإشارة إلى قلقنا الكبير على الأموال العربية المودعة في المصارف والمؤسسات المالية الغربية وخاصة الأمريكية وكذلك الاستثمارات العربية سواء للأفراد أو للصناديق السيادية العربية أو شركات الاستثمار العربية في الغرب ... يقول الوزير " ونحن نعتقد أنها ستمنى بخسائر كبيرة وبالتالي فإن هذه الأزمة المالية كلفت الدول العربية اكبر بكثير مما كسبته من جراء ارتفاع أسعار النفط في الفترة الأخيرة. لذلك كنا ندعو دائماً إلى استثمار الأموال العربية في مناطق أخرى في العالم وخاصة في الوطن العربي ذاته
تبرز هنا نقطيتين, الأولى حول الأموال العربية وسبل توظيفها و النقطة الثانية حول المناخ الاستثماري في سوريا "
مع ارتفاع النفط منذ بداية 2006 إلى وقتنا الراهن زادت التدفقات النقدية القادمة إلى الدول العربية النفطية و أحدثت تراكمات في الثروة النقدية, تم تجسيدها و تحويلها فيما بعد على شكل صناديق استثمارية بنكية و صناديق سيادية للدول نفسها, وبينما كانت الارتفاعات المصاحبة للزيادة في أسعار النفط في السبعينات قد توجهت إلى الاستثمار في السوق الأمريكي و أوربا من خلال الاستثمارات في البنوك و العقارات الأمريكية, إلا انه بعد أحداث سبتمبر اتجهت الاستثمارات النفطية إلى السوق المحلية مبدية استثمارات ضخمة في قطاعات الصناعات الثقيلة و العقارات و الإنشاءات, جميع سبل الاستثمارات هذه لم تكن لتمتص السيولة النقدية المتوفرة بكثرة , مما أدى إلى البحث عن قنوات استثمارية دولية من قبل صناديق الاستثمارات , الآن تبلغ الاستثمارات العربية في أوربا و الصين ما يساوي تقريبا الاستثمارات في الأسواق الأمريكية , دائما كان الصفة السائدة هي ضعف الاستثمارات النفطية في الدول العربية خارج منطقة الخليج , أي التوجه إلى البلاد العربية التي تتسم برأسمال بشري أو جغرافي كبير , كمصر و السودان و الجزائر , و ربما يعود إلى الأمر إلى ضعف هيكلة هذه الاقتصاديات بالأصل و عدم قدرتها على توفير المرونة التي تتطلبها حركات السيولة الضخمة , بالإضافة إلى بطء الروتين و التعقديات الحكومية المختلفة , و بالطبع ضعف التجارة البينية ( التبادل التجاري ) بين تلك الدول ذاتها مع الدول النفطية فالتجارة البينية لا تتخطى حاجز أل 5 % من إجمالي التجارة بين تلك الدول مع العالم الخارجي , كل هذا كان يقود إلى تفضيل أماكن تتوافر فيها حريات اقتصادية اكبر من المسموح عربيا , إن تطور السوق الأوربية و الأمريكية و تعدد أدواتها و خيارتها هي ما يجعلها المفضلة دائما أمام الرساميل الأجنبية

بالنسبة إلى سوريا : فسوريا كانت تتبنى المفهوم الاشتراكي و بتحكم شديد على الاقتصاد بداء من حركة القطع الأجنبي انتهاء بعرقلة الاستيراد و تأميم المصارف كلها , وفي الآونة الأخيرة كانت قد أعلنت إلى أنها ستغير نظامها إلى نسخة مشوهة من نظام الصين , اشتراكية السوق, و بدأت باجرات منفتحة فعلا , من خلال تخفيض الرسوم الجمركية و تشجيع الاستيراد , و القليل من الحرية في حركة الأموال المستثمرة , هذه التغيرات كانت دائما تتسم بالبطء الشديد و عدم مجاراة الواقع , والحقيقة إن محاولة نقل النموذج الصيني فيه مبالغة سورية نوعا ما لان الاقتصاد الصيني يتسم بصفات مغايرة للاقتصاد السوري , بل يمكن القول إنها صفات متناقضة , فالصين تتمتع بثروة بشرية هائلة , واعتمادها على التصدير و فتح مناطق حرة واسعة و تسهيل قوانين الاستثمار , بالإضافة إلى أراضي زراعية شاسعة لا تتوافر لدى سوريا وخصوصا مع مشاكل المياه الشرق الأوسطية , , كل -لك أدى إلى ضعف الإغراء السوري للرأسمال العالمي بل و حتى النفطي , عامل أخر يجب أن يضاف و هو عامل الأمن و السلام في المنطقة , وهو ما كان يعاند سوريا بتميز . طيلة السنين السابقة, ابتداء من القضية الفلسطينية المتوترة و ثم الحروب السورية الإسرائيلية و حرب الاستنزاف وبعدها التدخل في لبنان و الحصارات الاقتصادية في الثمانينات, وليس انتهاء بالمشاكل الحالية, طبعا من أهم صفات راس المال العالمي, هو الخوف من عدم الاستقرار , ولو كان الخيار لمستثمر إن يستثمر في سوريا بهامش أرباح اكبر أو السويد مثلا بهامش اقل بكثير ( إذا اقترضنا تماثل الظروف الاقتصادية ) فانه من الواضح الخيار الأكثر استقرارا , الاقتصاد السوري , ما يزال اقتصاد يعتمد على تصدير النفط من اجل تغطية النفقات الحكومية , و ضعف القطاعات الأخرى في المشاركة بالناتج القومي

ثالثا: هل فعلا ابتعاد الأزمة المالية عن سوريا دلالة على حسن قيادية مالية سورية ؟

يخلص الوزير الدكتور في القسم الأخير من المقالة إلى القول أن سبب ابتعاد الأزمة العالمية عن سوريا هو السياسات المالية و الاقتصادية الحكيمة التي تتبعها سوريا فيكتب " نود طمأنة أبناء شعبنا ورجال أعمالنا ومستثمرينا بأن آثار هذه الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السوري ستكون محدودة جداً .. وذلك بفضل السياسات الاقتصادية المتبعة وأسلوب الإصلاح الاقتصادي التدريجي مع تأكيدنا على دور الدولة الفعال والهام في حماية الاقتصاد ومصالح الناس سواء أكانوا فقراء أم أغنياء ... وهو أسلوب جنب سوريا آثار الأزمة الراهنة إلى حد كبير...‏""
و طبعا بعد أن يقدم لائحة من الأسباب التي أدت أيضا إلى انعدام التأثير في الاقتصاد السوري و هي يعود إلى ضيق قنوات نقل هذه الأزمة إلى الداخل السوري ... لان من أهم بوابات عبور هذه الأزمة هي المصارف والمؤسسات المالية , الأسواق المالية , الاستثمارات , القروض الخارجية , التجارة الخارجية ... فالسوق المالية السورية لم تولد بعد , والمصارف والمؤسسات المالية لا تزال في بداياتها ويعد رأس المال الوطني هو الأكبر فيها وحتى لو وجد رأسمال غير سوري فان مصدره في الغالب عربي ... إضافة إلى ما تقوم به السلطات النقدية السورية في المراقبة والإشراف على القطاع المصرفي وأسواق الصرف.. ,,, بعبارات أخرى إن سبب عدم انتقال الأزمة إلى سوريا هو أن الأدوات الاقتصادية السورية الحديثة ما تزال بدائية و هي دون مستوى الاقتصاد العالمي , فلا يوجد سوق بورصة , ولا يوجد قنوات حرية نقل أموال و القبضة جديدة على حركة المصارف ( الناشئة ) و الشكر للسياسية المالية التي انتهجتها الحكومة في تأخير تطور الاقتصاد!!!! , بمعنى انه لو كان الاقتصاد متطورا أكثر من هذا لكان من الممكن حدوت أزمة , اقرب تمثيل لتبرير الوزير هو تبرير حكومة افريقية لشعبها عدم بناء بنية التحتية للطاقة الكهربائيه بحجة أنها الصدمة الكهربائية تقتل سنويا 5000 شخص !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالإحصائيات.. الاقتصاد الإسرائيلي يتقهقر بسبب المقاطعة الترك


.. كلمة وزير المالية والاقتصاد الوطني خلال ترأس أعمال المجلس ال




.. عامر الشوبكي: أسعار النفط تأخذ مؤشراتها من تطور المفاوضات بي


.. ولي العهد رئيس الوزراء يلتقي الوفود المشاركة في الاجتماعات ا




.. كلمة وزير المالية والاقتصاد الوطني خلال ترأس أعمال المجلس ال