الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة للفلسطينين ام دولة للمستوطنين

فاطمه قاسم

2008 / 10 / 8
القضية الفلسطينية


لماذا، في هذا الوقت بالذات، تتصاعد بشكل ملفت للنظر الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في مدنهم وقراهم بالضفة الغربية ؟ حيث تتعرض البيوت والمزارع وبقية الممتلكات لهذه العربدة المكشوفة من قبل المستوطنين، دون أن يكون هناك مجرد تبرير لما يحدث ؟
والأخطر من ذلك كله:
لماذا في هذا الوقت بالذات، يتم الاعتراف العلني من قبل ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، ومسئولين كبار في دولة إسرائيل، بان سلوك المستوطنين تجاوز الحدود، وأصبح يشكل خطرا حقيقيا، وان الجيش الإسرائيلي نفسه بدا يتحاشى الصدام مع هؤلاء المستوطنين ؟

وبالعودة إلى الذاكرة القريبة:

فان هؤلاء المستوطنين على امتداد الضفة الغربية، لم يأتوا من تلقاء أنفسهم، رغم كل الدعاية التي أحيطت بهم، بل وجدوا بدفع مباشر، وتشجيع مباشر، ودعم كلف خزينة الحكومة الإسرائيلية مئات الملايين، وان إسرائيل دائمة التفاخر، تاريخيا أمام الجميع بان قوة القوانين لديها سارية المفعول ونافذة ولا تحتمل الجدل أو الفهم الخاطيء، وان قرارات القيادة السياسية لا يقف في وجهها احد، وانه في كل مرة وقفت الحكومة الإسرائيلية بشكل جدي ضد مظاهر الاستيطان اليهودي، فان هذا الاستيطان قد تبخر بسرعة كأنه دخان ليس إلا، والأمثلة على ذلك واضحة وصارخة في الوضوح في يا ميت بالقرب من العريش في شمال سيناء، وفي قطاع غزة حين تم تدمير أربعة وعشرين مستوطنة من رفح إلى بيت حنون، وتم إجلاء المستوطنين بكلمة واحدة رغم المشهد المسرحي الذي جرى في عام 2005، ولكن جميع المستوطنين في القطاع، وضعف عددهم من الذين جاءوا من إسرائيل للتضامن معهم، لم يستغرقوا أكثر من بضع ساعات لتحملهم الحافلات وتغادر بهم المستوطنات التي كانوا قد أقاموها وعاشوا فيها، وولد بعضهم داخل بيوتها، لأكثر من ثلاثين عاما،

وما يثير الاستغراب والحيرة:

ا الائتلاف الحاكم في إسرائيل الحالي هو الأكثر انسجاما منذ فترة طويلة، والذي ما زال صامدا من عهد شارون إلى زمن أولمرت إلى تسيبي ليفني، وان الجيش الإسرائيلي أكثر قوة وأضخم من حيث التجهيزات والاعتمادات المالية، فلماذا يبدوا الآن ضعيفا أمام تجاوزات هؤلاء المستوطنين

والمثير للدهشة والحيرة أكثر:

انه في أعقاب مؤتمر أنا بولس، الذي منه بدأت عمليه المفاوضات مرة أخرى بين الاسرائيلين والفلسطينيين، زاد حجم النقد العنيف والمغطى بتقارير مبعوثين امريكين ضد الاستيطان، وضد المستوطنين، وان القيادة الأمريكية ابتداء من الرئيس بوش ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس، وحتى الجنرالات الامريكين المقيمين بالمنطقة مثل الجنرال دايتون والجنرال فريزر يرسلون تقارير دورية بمخاطر هذا الاستيطان وتداعياته السلبية، وان كل من زار إسرائيل والأراضي الفلسطينية في السنة الأخيرة أدان هذا الاستيطان بكل أشكاله وألوانه، فلماذا تصاعد الاستيطان، ولماذا استشرس، وازداد العنف في سلوك المستوطنين ؟
هناك حلقة مفقودة بين ما يقوله الإسرائيليون وما يفعلون، بين اشتراكهم بالمفاوضات وإدارتهم لها، بين إعلانهم عن قبول مبدأ إقامة دولتين وتفاصيل اجرائاتهم التي تجعل من هذا المبدأ غير قابل للتطبيق موضوعيا، بل إن هذه الحلقة المفقودة تتسع وتتضخم إلى الحد أننا لا نواجه فلسطينيا قرارا إسرائيليا واحدا بل قرارين ،قرار الحكومة التي نتفاوض معها ،وقرار المستوطنون الذين يشتبكون معنا على الأرض،وفي كل مرة يحدث هذا نرى أن الدولة الإسرائيلية بكافة هياكلها تنحاز إلى جانب هؤلاء المستوطنين الذين يتصرفون على أساس أن ما يخص امن الدولة الاسرائلية القومي إن جازت هذه التسمية من اختصاص الحكومة الإسرائيلية ،أما مصير الضفة الغربية فهو يخصهم وحدهم ، والا كيف نفسر هذا المسلسل من الاعتداءات المتلاحقة والمتصاعدة ،لدرجة أن المزارعين الفلسطينيين يحتاجون لكي يجنوا موسم الزيتون إلى اشتباكات ،والى متضامنين دوليين ، والى تكتيك يسمح لهم بجني ثمارهم بسرعة قبل أن يدمرها المستوطنين ،هؤلاء الذين لديهم شبكة معايير خاصة بهم بالنسبة للجدار ،وبؤر الاستيطان ،ومجموعات العدوان اليومي من الشباب الإسرائيلي المنظم ،والذي وصل إلى حد استخدام السلاح ،والى صناعة الصواريخ المحلية .
هل هذه مقدمة لكي يجد سكان الضفة الغربية أنفسهم يطالبون العالم بحل النزاع بينهم وبين المستوطنين بدلا من حل النزاع مع الحكومة الإسرائيلية، وهل هؤلاء المستوطنين يهيئون أنفسهم لحلول وسطيه بينهم وبين سكان الضفة الغربية ؟ وهل تتداعى التفاصيل إلى حد انفجار نزاعات موضوعية مسلحة بين السكان أصحاب الأرض والمستوطنين مثلما حدث قبيل إعلان دولة إسرائيل؟
حتى هذه اللحظة ،فان الحكومة الإسرائيلية ،هي وجيشها وقواها الأمنية ومؤسساتها القانونية لم تعطينا موقفا جادا ضد هؤلاء المستوطنين ،حتى أن هؤلاء المستوطنين الموجودين داخل بؤر استيطانية تقول عنها الحكومة نفسها أنها غير قانونية ،لا يواجهون سياسة إسرائيلية رسمية حاسمة بل يتم تجاهل بتعمد ما يفعلون ،والتجاهل يعني التشجيع وهذا يعني خلق وقائع جديدة ،وهكذا تتهيأ عوامل الاشتباك بينما الحكومة الإسرائيلية تواصل المفاوضات .

مع الأسف الشديد:

فان الأطراف المنخرطة في محاولات حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وحتى الأمم المتحدة لأتبذل الجهد المطلوب، ولا تشير بجدية إلى ما يجري علنا على الأرض بل إن هذه الأطراف تعمل جاهدة حتى لا يتطور الاهتمام الدولي إلى درجة أعلى، واكبر مثال على ذلك، أن المجموعة العربية طالبت بعقد جلسة لمجلس الأمن لمناقشة الاستيطان، مجرد جلسة نقاش، لم يكن هناك مشروع، ولم يكنن مطلوبا تصويت، ولم يكن هناك قرار، إلا أن الولايات المتحدة رفضت حتى مجرد النقاش وأحالت الموضوع إلى جهة الاختصاص، وهي اللجنة الرباعية، في الوقت الذي كانت فيه اللجنة الرباعية تواجه الاتهامات حتى من قبل المنظمات الحقوقية الدولية بالتقصير الشديد،
وهكذا يستمر الدوران في الحلقة المفرغة بينما المستوطنون يرسمون حدود دولتهم في الضفة الغربية، فان الإخوة الأعداء يحاولون تكريس انقسام دولتهم قبل حتى أن تكون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ