الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في القانون الانكليزي السكوت سياج لا يمكن اختراقه!!

خالد عيسى طه

2008 / 10 / 8
دراسات وابحاث قانونية


السكوت في معرض الحاجة بيان ، هي القاعدة الفقهيه المرتكزة على الفقه الاسلامي. بمعنى ان المُشّرع يعتبر عدم الاجابة على سؤال تتوجب الاجابة عليه ، اقرار بما يؤول اليه ذلك السؤال.
ومن منظور عام، نلاحظ تحول التعذيب الى حجر الزاوية في التحقيق بل انه قاعدته واحد اركانه، وبالاخص في غالبية الانظمة العربية وفيما يتعلق بالتهم السياسية ، بالغاً قمته في العراق.
وهكذا فان انتزاع الاعترافات بالضرب بالعصي والتفنن في وسائل التعذيب يشكل الاطار الواقعي المعمول به. ومنذ العهد الملكي فان عاثر الحظ الذي يقع تحت رحمة رجال التحقيق، وهم اشخاص معروفون بالاسم وبالسمعة المتميزة ، ان جاز التعبير في نجاح التحقيق الذي يتولونه مع متهمين عُزّل يتناوبون على ضربهم ضرباً مُبرحاً مكررين على مسمعهم نفس السؤال:
هل انت شيوعي او بعثي يساري او قومي عربي اشتراكي يؤمن بالاشتراكية!! لكنها ليست اشتراكية عفلق!!
ان من القى به حظه العاثر في القاعات المظلمة تحت الارض، في تلك المباني الرهيبة الموزعة بين الرصافة قرب المحاكم العدلية وبين سراديب قصر النهاية او في الرضوانية وغيرها من مواقع منشآت التحقيق الموزعة جغرافياً وفق ماترتأيه قيادات قوى الامن ورجاله، وكما حدث لي يوماً، يرتعب لمجرد استذكار هَول ماراى!
وهي ذكريات يصعب نسيانها فهي تظل محفورة في الذاكرة على مدى الحياة.
ولعل هذا احد اهداف السلطة من اعتماد التعذيب وسيلةً ونهجاً في التحقيق فهو بالتالي سيحقق مبتغاهم في ارهاب الناس واثارة الذعر والفزع، وبالتالي استلابهم روحياً وجعلهم رهينة ذكريات تحقيق بربري لن تفيه حقه من الوصف كلمات او مقالات بل مجلدات ومجلدات .
افراد طاقم التعذيب هؤلاء تراهم دؤوبين على تنفيذ كل مايؤدونه بهدوء وارتياح وكانهم في نزهة على شاطئ النهر. فلا صراخ الضحية يحرك فيهم ساكناً ولا توسله يخفف من قسوتهم بل يزيدهم بطشاً وإيلاماً ، فهم يمارسون نشاطهم التعذيبي بيسر ويتبادلون في الوقت ذاته النكات البذيئة.انهم طراز خاص من البشر معجونين من عجينة خاصة فريدة.
ولعل هذا مايثير الاستغراب حقاً، لا سيما وان القانون العراقي يعتبر السكوت اعترافاً يبني عليه واقعه قانونية تؤدي الى العقوبة حتى وان كان اعترافاً صورياً. والقرار المتخذ في هذا الشان لا يُعّد خاطئاً، وعلى محكمة التميز وهي اعلى سلطة قضائية المصادقة عليه.
مقابل ذلك نلاحظ ان القانون الانكليزي ينطوي في مبادئه على امتلاك المتهم الحق بعدم الاجابة على الاسئلة التي يوجهها المحقق اليه. ولهذا المنهج مبرراته واولها مقدار التطور التقني بمختلف وسائله وادواته بوما يتيح للمحقق جمع الادلة المادية المطلوبة لاحالة المتهم الى القضاء. فهو بالتالي لا يحتاج الى اعتراف وهذا معاكس تماماً لما يدور في اروقة ودهاليز التحقيق عندنا.
اما ثاني تلك المبررات فهو مايعكسه من ضمان لحرية المتهم من قبل جهاز التحقيق وعدم خرق الاخير لحقوق الانسان.
على ان ذلك كله لا يعفي جهاز التحقيق الانكليزي من انتهاجه نهجاً يتصف بالعنف والقسوة في بعض القضايا والتهم ذات الطبيعة المهمة. ويحضرني في هذا الجانب ماقراته عن اصرار احد المتهمين على ملازمة الصمت في نفس الوقت التي اخفق فيه جهاز التحقيق الابتدائي في جمع الادلة اللازمة للادانه، الامر الذي ادى الى اصدار المحكمة قرارها بالافارج عن المتهم، كما ان المحكمة العليا ومقرها مجلس العموم البريطاني تؤيد هذه القرارات.
هذا التوجه القضائي ماهو الا مؤشر على حرص المجتمع البريطاني على تحقيق العدالة بين افراده لئلا يطالهم الغبن الى الحد الذي يُخضّع التحقيق بعد استحصال موافقة السلطات القضائية لاتمام ذلك واعادة محاكمة المتهم ان استجدت ادلة لتبرئته. وكل ذلك يستهدف اعطاء كل ذي حق حقه وعدم غط حقوق الفرد ضماناً لعدالة المجتمع ككل واستمرار سيادة القانون تحت شعار ..
العدل اساس الملك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد اعتقال المحامية سنية الدهماني بالقوة.. محامو تونس يضربون


.. اعتقالات وإعفاءات في تونس بسبب العلم التونسي




.. تونس– اعتقالات وتوقيف بحق محامين وإعلاميين


.. العالم الليلة | قصف إسرائيلي على شمال غزة.. وترمب يتعهد بطرد




.. ترمب يواصل تصريحاته الصادمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين