الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة الراهنة.. هل تطيح بالرأسمالية؟

حسن شعبان

2008 / 10 / 8
العولمة وتطورات العالم المعاصر


أزمة طاحنة..
الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة تمسك بتلابيب النظام الرأسمالى وتهزه بعنف... بدأت بمؤسسات عملاقة فى الولايات المتحدة الأمريكية "ميريل لينش"، "ليمان برازرز"، لكنها لم ولن تقف عند هذا الحد، وسوف تتوالى الانهيارات وإفلاس العديد من الكيانات المالية الكبرى واحتمال امتداد الأزمة إلى كل مفاصل النظام الرأسمالى فى أوروبا واليابان وبقية أنحاء العالم، ذلك لأن حجم الانهيار هذه المرة ليس مألوفا ويتجاوز ما سبق من أزمات خلال القرن العشرين من حيث الحجم والانتشار والارتباط بكل أسواق العالم ومؤشراتها وتداعياتها .. ركود اقتصادى حاد فى أمريكا وأوروبا واليابان، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادى، وتزايد فى معدلات البطالة وسوف تستمر حتى فى ظل محاولات الانقاذ.
المنافسة الحرة فى ذمة التاريخ..
لقد ولدت الرأسمالية فى رحم النظام الإقطاعى وقامت على أنقاضه، على قاعدة حرية التملك وحرية العمل وحرية التنقل وقانونها الأساسى اقتصاد السوق القائم على حرية المنافسة. ومنذ العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أصبحت المنافسة الحرة فى ذمة التاريخ، فالمنافسة الحرة أدت إلى تركز وتمركز الإنتاج والرأسمال، هذا التركز الهائل فى مرحلة من مراحل تطوره أدى إلى تشكل الاتحادات الاحتكارية الجبارة للرأسماليين، ولم تعد البنوك تقوم بدور الوساطة فى الدفع، ولكنها قامت بتجميع العائدات النقدية بشتى أنواعها ووضعتها تحت تصرف طبقة الرأسماليين وغدت الاحتكارات هى القائد فى الحياة الاقتصادية بأكملها وانتقلت الرأسمالية إلى مرحلة أعلى من مراحل تطورها.
وكان القرن العشرين هو نقطة التحول من الرأسمالية القديمة؛ سيطرة رأس المال بوجه عام إلى مرحلة الرأسمالية المتوحشة؛ سيطرة رأس المال المالى. وإذا كانت الثورة الصناعية قد أدت إلى طفرة هائلة فى تطور الرأسمالية فى أوروبا إلا أنها فى المستعمرات التى وضعت يدها عليها، أبقتها قسرا فى أنماط إنتاج متخلفة؛ أنماط إنتاج ما قبل الرأسمالية، وحالت دون أى إمكانية للتطور الرأسمالى فى هذه البلدان.
وفى الفترة التى أعقبت الحرب العالمية الثانية والتى امتدت حتى نهاية الستينيات من القرن العشرين حققت الاحتكارات الرأسمالية أرباحا طائلة وشهدت هذه الفترة أيضا نشوء وتنامى الشركات العملاقة عابرة القارات والمتخطية للحدود القومية، والتى باتت تتحكم بمقادير هائلة من السيولة، ووضعت الأساس لظاهرة تدويل الإنتاج ورأس المال. ومع مطلع السبعينيات كانت الاحتكارات الرأسمالية قد استكملت سيطرتها على السوق العالمية، وزاد توسع وتداخل وتشابك مجالات نشاطها مع الاحتكارات المالية – البنوك، شركات التأمين- ومشاركتها فى عمليات الائتمان والتمويل والمضاربة، وزادت عمليات الائتمان التى كانت تقوم بها المصارف الخاصة فى بلدان السوق الأوروبية المشتركة والبنوك الأمريكية على النطاق الدولى، واتسع نطاق تصدير رأس المال إلى البلدان المتخلفة ومارست الاحتكارات الرأسمالية العالمية عمليات نهب الفائض الاقتصادى للبلدان التابعة بأشكال مختلفة، وتوظيفه فى خدمة تراكم رأس المال الاحتكارى وتعاظم أرباحها.
شهدت بداية السبعينيات طفرة هائلة فى أسعار البترول مما أدى إلى تراكم أموال طائلة لدى الدول المصدرة للبترول، وقامت هذه الدول بإيداع هذه الأموال فى البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية والأوروبية ومع مطلع الثمانينيات أصبح لدى الاحتكارات العملاقة سيولة تفوق مجموع احتياطيات البنوك المركزية فى دول العالم الرأسمالى، وأدى إلى تفاقم أزمة الفوائض المالية المتراكمة لديها وتعاظمت سماتها الطفيلية وازدادت توحشا.

انهيار التوازن الدولى..
شهد القرن العشرين فى عقده الأخير انهيار المعسكر الاشتراكى وتفككه، وسارعت دوله إلى الارتباط بالسوق الرأسمالية العالمية واعتماد اقتصاد السوق، وأدى انهيار المعسكر الاشتراكى إلى انتهاء مرحلة القطبية الثنائية وانهيار التوازن الدولى، وأحكمت الولايات المتحدة الأمريكية هيمنتها على قمة المعسكر الإمبريالى وباتت قطبا واحدا يعمل على فرض هيمنته على العالم وشرعت فى إعادة صياغة العالم على الطريقة الأمريكية وفرض الديمقراطية الأمريكية بالقوة المسلحة فها هى تحتل أفغانستان والعراق وتتحرش بكوريا وسوريا وإيران وتتدخل فى الشئون الداخلية فى الصومال والسودان ولبنان وفلسطين وتفرض عليها أسلوب معالجتها لمشاكلها بالطريقة التى تضعها فى إطار التبعية لها.
الأزمة والفوضى تكمن فى طبيعة النظام الرأسمالى..
فى بدايات القرن العشرين تعرض النظام الرأسمالى لكثير من الاضطرابات والفوضى وشهد أزمات طويلة وطاحنة لعل أبرزها أزمة الكساد العظيم (29-1933) وكانت نظرية كينز فى التوظف والدخل والعمالة وضرورة التدخل ترياقا لحل أزمة الرأسمالية، وكانت الأزمة التى شهدها العالم فى بداية السبعينيات إيذانا بانتهاء فترة الرواج والتوسع التى أعقبت الحرب العالمية الثانية ولعل أبرز سماتها أزمة النقد العالمية وأزمة الطاقة والمواد الخام وأدى اتساع نطاق الأزمة وشمولها إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادى فى البلدان الرأسمالية وإلى مزيد من التضخم والكساد وانتشار البطالة بشكل مخيف، وخرج النظام الرأسمالى من هذه الأزمة بإلقاء عبء الأزمة على الدول الفقيرة بتكثيف النهب والاستغلال وتكريس التبعية.
والأزمة الراهنة ما زالت فى بداياتها وما زالت تداعياتها تدق الأبواب ليس فى الولايات المتحدة فحسب بل تمتد إلى أوروبا واليابان، وبسرعة فائقة تحاول أمريكا انتشال المؤسسات المنهارة والتى فى طريقها إلى الانهيار والكبار يجتمعون فى أوروبا لمحاولة تفادى امتداد الأزمة إليها واليابان تطرح مساندة الاقتصاد الأمريكى فى عثرته...الخ.
وبعد فهل هذه الأزمة طارئة يمكن السيطرة عليها وتفادى آثارها ووضع أساليب معالجتها والخروج منها أم أنها أزمة طاحنة تؤذن بانهيار الرأسمالية التى باتت وحش كاسر يهرس الشعوب ويدمر البشرية ويسوق العالم إلى الموت جوعا ومرضا وفقرا يقودنا هذا إلى الخروج بالنتائج التالية:
- سقوط أمريكا من على قمة الهرم الإمبريالى إيذانا بنظام عالمى جديد لا يوجد فى قمته قطب أوحد.
- سقوط الإمبراطورية الأمريكية وفشل مشاريعها فى شرق أوسط جديد وهزيمتها فى العراق، وأفغانستان ولبنان وفلسطين.
- صعود وتنامى المشاريع الاقتصادية والسياسية المناوئة للولايات المتحدة الأمريكية فى أمريكا اللاتينية.
- صعود التنين الصينى لاحتلال مكان متقدم فى الاقتصاد العالمى إلى جانب اليابان.
إن الازمة الراهنة هى بداية النهاية للرأسمالية كنظام اقتصادى اجتماعى استنفذ كل مقومات تطوره وفرص انتشاٍله ومد أمده وآن له أن يرحل ليحل محله نظام اقتصادى اجتماعى أكثر تقدما، يضع نهاية لوحشية الرأسمالية ويبشر بعالم أفضل لكل شعوب الأرض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سجال إيراني تركي.. من عثر على حطام طائرة رئيسي؟? | #سوشال_سك


.. السعودية وإسرائيل.. تطبيع يصطدم برفض نتنياهو لحل الدولتين وو




.. هل تفتح إيران صفحة جديدة في علاقاتها الخارجية؟ | #غرفة_الأخب


.. غزيون للجنائية الدولية: إن ذهب السنوار وهنية فلن تتوقف الأجي




.. 8 شهداء خلال اقتحام قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين والجيش يش