الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الدراما العراقية في رمضان
حبيب النايف
2008 / 10 / 8الادب والفن
إن نجاح أية عمل فني يعتمد بالدرجة الأساس على ما يقدمه من موضوع وقيمة فنية تؤدي الى استجابة المشاهدين لة لأنه يتمكن من التأثير عليهم والوصول إلى أذهانهم ليحقق الغاية المبتغاة والتي من اجلها تم إخراج هذا العمل ليكون ذو مستوى فني معين باستطاعته ان يخلق حالة من التواصل معه لغرض استمرار المشاهد لمتابعة حلقاته المستمرة وليست مشاهدة واحدة تؤدي إلى انفراط عقد المشاهدين والابتعاد عن الشاشة في اليوم التالي ليضغط بلمسة إصبع من اجل تغيير القناة للانتقال إلى مسلسل آخر قد يجد فيه متعة أو مشاهدة تنقذه من مخلفات المسلسل السابق . لذا نرى الكثير من الأعمال التلفزيونية قد تسجل حضورا من حيث المشاهدة او القيمة الفنية التي يتمتع بها لتجعل فترة العرض تطول او تقصر تبعا لهذه القيمة .
ان عملية جذب المشاهدين ليست من خلال الضحك والإسفاف الذي يرافق العمل الفني وإنما هناك عوامل فنية متداخلة تتحد فيما بينها لتعطيه القوة التي تمكنه من الوصول الى عقل وذهن المشاهد لان طريقة الطرح والأسلوب والفكرة المنتقاة تجعله قريبا لهم وما يدور حولهم وليست من خلال الضحك والتهريج وطريقة الأداء القرقوزية التي يلجا اليها بعض الممثلين لإيهام المشاهدين وزجهم بطريقة او بأخرى مع الحدث لان الكوميديا ليست خطا احمر بالنسبة للعمل بشرط ان تكون ضمن ما تقتضيه مصلحة العمل لتصبح عامل مساعد للتصاعد الدرامي للحدث كما حدث في إعمال قدمها المسرح المصري وبقت عالقة في الأذهان مثل (مدرسة المشاغبين –شاهد ما شاف حاجة –ود سيد الشغال –الزعيم ) لتكون بذلك نوع من الكوميديا الهادفة ليدفعها جمالها وجودتها الى الاستمرار والبقاء هذا الزمن الطويل .
إن ما عرض من مسلسلات عراقية في شهر رمضان من خلال القنوات الفضائية فانه بدا متباينا من حيث الجودة والموضوع والعدد بالرغم من الكم الذي تناوبت القنوات على عرضه إلا انه لم يصل إلى مستوى الطموح والاعتداد به إلا أعداد محدودة تمكنت من ملامسة مشاعر المشاهدين و استطاعت أن توضح الفكرة التي عملت من اجلها وقد تمكن بعض الممثلين من إثبات وجودهم من خلال الأدوار التي قدموها لتكون بذلك إعمال متميزة بحق عبرت عن وجهة نظر معينة ومقبولة وبالتالي استطاعت ان تحوز على رضا المشاهدين والمتابعين لأنها تمكنت ان توضح الوجه المشرق للدراما العراقية التي تعثرت كثيرا في زمن النظام البائد الذي فسح المجال لكثير من الغجر والدخلاء عليها وعلى المسرح لتظهر في حينها ما يسمى بموجة المسرح التجاري (مثلته ملايين وغزلان وغيرهما من الوجوه التي اتجهت فيما بعد إلى ملاهي دمشق وعمان ودبي والقاهرة ) والذي جرف كل شيء من إمامة ليتفتح الساحة لهذه الوجوه المهرجة والتي استقطبت عدد لا باس به من الجمهور الذي رأى في هذا الإسفاف الممل ترويح عما يعانيه ليخرجه من يأسه وقنوطة المخيم عليه في تلك الفترة لتكون مرحلة انتكاسة وتردي للدراما و للمسرح العراقي في حينها ماعدا بعض المحاولات الجادة التي تنفست وسط هذا الكم الهائل من الأعمال الرديئة .
لقد قدمت قناة البغدادية أعمال يشار لها بالبنان (رسائل رجل ميت –سنوات النار )استطاعت من خلالها أن توثق مرحلة من تاريخ العراق الحديث وتكون بحق وثائق إدانة لما كان يدور في تلك الفترة وتمكنت من استقطاب أعداد كثيرة من المشاهدين ليتسمروا على شاشتها بعد الإفطار ويكونوا على موعد مع دراما جادة استطاعت ان تثبت اقدامها وسط الكم الهائل من الاعمال العربية للأداء المتميز من قبل الممثلين او من خلال اللقطات الإخراجية الجملية او النص الذي تناول الأحداث وعكسها بصورة رائعة لتوضح للمتابع صدق الأحداث وواقعيتها .
لكن للآسف نلاحظ قناة الشرقية قد نقلت لنا صور مشوهة وممسوخة لبعض الأحداث تنم عن تناول غير دقيق ومهرج للإحداث مثل (أبو حقي – نجوم الظهر وغيرها من الأعمال الهابطة التي تسجل على هذه القناة للأسف )وكذلك بعض الأعمال المملة والمتشابهه( مثل ماضي –ماضي ) الذي عرضته قناة السومرية .
إن الإرث الذي يتمتع به الفن العراقي والنجوم الكبار الذين نعتز بهم قادرين على خلق عمل جاد وناضج يستطيع ان ينافس الأعمال العربية وبالأخص الدراما المصرية وكذلك السورية التي أخذت بالآونة الأخيرة ان تسير بخطى حثيثة للتجاوز محليتها وتصل الى المشاهد العربي لتكون منافس قوي للدراما المصرية مما يتطلب وقفة جادة ومسئولة من اجل الوصول بالدراما العراقية الى مرحلة أكثر تطورا وشمولا لخروجها من عزلتها المحلية وعدم اعتمادها على الإسفاف والتهريج واستغلال المواقف الكوميدية الهابطة وهذه دعوة للمؤسسة العامة للسينما والمسرح للنهوض بهذه المهمة لغرض خلق الأجواء المناخية الملائمة لاحتضان كافة الفنانين العراقيين وتوفير المستلزمات التي تساعدهم في أداء عملهم بصورة صحيحة تؤدي الى عملية الخلق والإبداع وتقديم ما هو أفضل لخدمة الحركة الفنية العراقية .
[email protected]
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. كلمة أخيرة - الروايات التاريخية هل لازم تعرض التاريخ بدقة؟..
.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حوار مع الكاتب السعودي أسامة المسلم و
.. تفاعلكم | الناقد طارق الشناوي يرد على القضية المرفوعة ضده من
.. ياسمين سمير: كواليس دواعى السفر كلها لطيفة.. وأمير عيد فنان
.. تفاعلكم | بعد حالة الطوارئ الثقافية التي سببها في الرباط، حو