الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواطنو غزة : المعابر شبه مغلقة وقطاعات عديدة متوقفة

محمد داود

2008 / 10 / 13
القضية الفلسطينية


منذ ثلاثة أشهر على الأقل تم الاتفاق في القاهرة على صفقة التهدئة التي بموجبها تمتنع كافة الفصائل الفلسطينية المسلحة عن عملياتها الفدائية والمقاومة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مقابل أن يتم فتح المعابر المغلقة تدريجياً وصولاً إلى فتح معبر رفح البري بشكل تام أمام المواطنين والحركة التجارية والمحظورة منذ عام ونصف على الأقل عقب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وإعلان دولة الاحتلال عن الأخيرة كيان معادي يَحذر التعامل معه فأغلقت المعابر وحاصرت البر والبحر والجو، وأوقفت كل أشكال الاستيراد والتصدير من وإلى قطاع غزة بعد إلغاء الكود الجمركي والوكالات الخاصة بغزة، بل إنها قامت بمنع خروج المرضى أو السماح بإدخال المعدات والأدوية مما أدى إلى ارتفاع النسبة في عدد الوفيات حتى هذه اللحظة، بالتالي وفق الاتفاق وما تناقلته وسائل الإعلام أن المعابر مفتوحة..! فهل المعطيات والواقع يؤكد أن المعابر حقاً مفتوحة وأن السلع الاستهلاكية بأصنافها متوفرة..؟
محمد قنوع عامل في مصنع للطوب توقف عن العمل قبل عام ونصف عقب إغلاق إسرائيل للمعابر المؤدية للقطاع التي تضخ السلع والإسمنت المستخدم في صناعة الطوب وأعمال البناء الأخرى، كانت له ظروفه الخاصة التي تحتاج إلى سرد مفصل، بدأها بالندم لا سيما وأنه لم يحصل على شهادة جامعية و لم يجد وظيفة دائمة مضمونة أسوة بالآخرين، ويقول قنوع لنا: "منذ عامين وأنا خاطب، وكنت قد اتفقت مع أهل العروسة على الزواج بعد ستة أشهر بالكثير قياساً بحسن الحال وتيسره، لكن بعد إغلاق إسرائيل للمعابر بتاريخ 15/6/2007م أي بعد الاملاك بشهرين أصبحت بلا عمل نتيجة إغلاق المعبر ومنع إدخال الإسمنت اللازم للعمل، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن وأنا بدون عمل أنتظر دخول الإسمنت والحصمة حتى أعمل فتراكمت الديون علي، فأصبحت محاطاً بين تراكم الديون وتكاليف الزواج ومسؤولية ما بعد الزواج في حال بقيت بدون عمل، فليتني ما خطبت، وليتني موظفاً.
من جهته يقول أبو محمد قريقع والذي هو الآخر يعمل في قطاع البناء قائلاً : رغم تلبية مستحقات بنود اتفاق التهدئة من الطرف الفلسطيني المسيطر على القطاع وما جلبته التهدئة من أمن واستقرار للجانب الإسرائيلي، إلا أنهم لم يلتزموا باستحقاقات التهدئة لا سيما الالتزام بفتح المعابر بشكل دائم ومستمر والسماح بإدخال السلع دون استثناء التي كانت تدخل في السابق دون قيد أو شرط، وزيادة نسبة وعدد الشاحنات المدخلة.... لكن الواقع يدحض هذه الادعاءات وحال أهل القطاع لم يتغير، ولم يشعروا على الإطلاق بأي تغيير اتجاه فتح المعابر، فما زالت الأسواق تفتقر لكثير من السلع، وأهمها الأدوات الطبية والمبيدات والملابس والأحذية ومواد الخام التي تستخدم في الصناعات الخاصة والتركيب في قطاع البناء والصناعة، خاصة الحديد والإسمنت، كذلك شح الوقود ومشتقاته من الأسواق ونحن مقبلين على فصل الشتاء، وما تزال محطات الوقود فارغة من المحروقات، ومعاناة المواطنين متفاقمة من أجل الحصول على أنبوب غاز .
أبو الحسن أيضاً اشتكى لنا من شح السلع المتواجدة في عدد من البقالات و"محلات" الحي، بعد أن بحث عن علبة لبن لأطفاله فلم يجد قائلاً : منذ أسبوع والألبان مقطوعة من الأسواق وإن وجدتها فيشترط عليك صاحب البقالة أن لا تشتري أكثر من علبة واحدة حتى يتسنى لغيرك التزود، وهكذا سرعان ما يبتاع التاجر أو صاحب البقالة كمية اللبن الخاصة به، وهكذا يبقى الحال حتى الأسبوع الذي يليه أو يزيد، بالتالي الأمر ينطبق على كثير من السلع والمنتجات التي أصبحنا لا نقدر على شرائها، إما لسبب غلائها الفاحش أو لرداءة جودتها.
كما تحدث هاني المبيض صاحب شركة مقاولات عن ظروفهم الاقتصادية الصعبة، نتيجة توقف أعمال البناء قائلاً : لقد كان لدينا شركة ضخمة تدفع الضرائب والتأمين والترخيص باستمرار، كما أننا نأخذ مناقصات ولدينا العمال والماكينات والأدوات المؤجرة التي تعمل، ولكن منذ عام ونصف والكل متوقف بشكل تام، وكما ترى نبحث عن باب رزق أخر من أجل أن ننال بطالة أو "كابونة" نعتاش منها بكرامة، فالكل تغير وانقلب رأساً على عقب، وفي كلا الحالتين يجب أن توفر رغيف الخبز والحليب لأطفالك ولأسرتك.
من ناحية ثانية أستهجن أبو السعيد التهدئة التي أعلنتها أطراف فلسطينية والحديث عن فتح المعابر أو إدخال الشاحنات والتي تخضع للمزاجية الإسرائيلية ومبرراتها الواهية بحجة إطلاق صاروخ هنا أو ربما إطلاق صفارة الإنذار هناك أمام عشرات الجرائم والخروقات الإسرائيلية اليومية،.. ويضيف أبو السعيد قائلاً لا أدري من يخادع من !... نخادع أنفسنا أم دولة الاحتلال.... فمنذ عامين وأنا أنتظر الفرصة الملائمة للبناء، فكيف لي الآن أن أقدم على مشروع البناء والأسعار مضاعفة مرتين وثلاثة، فما زالت مصانع الباطون والطوب متوقفة ولا تعمل إلا بمعدل 5 % تقريباً وهناك العديد من أسقف المنازل محجوزة وبحاجة ماسة للباطون والحديد ألازم وتنتظر منذ عام ونصف، وإن دل فإنه يدل على أن المعابر لا زالت مغلقة ولم تدخل إلا السلع المعينة التي تخضع إلى المزاجية الإسرائيلية وبعض السلع يتم دخولها بشكل مقنن كما يسمح بإدخال الفواكه والخضار الإسرائيلية التي أوشكت على التلف فلم تجد أسواق استهلاك لها إلا قطاع غزة.
وفي ذات السياق كانت لنا وقفة عند إحدى البسطات التي لفتت انتباهي لبائع أدوات تجميل "نتريات"، بعد أن جذبني صوته المرتفع مردداً "يلا يا بنات طقم إكسسوارات مهرب من دبي بضاعة نفق" فسارعت نحوه وسألته باختصار هل حقاً البضاعة نفق ..؟ فأجابني أيضاً باختصار بعد تزاحم المواطنين من حوله للشراء قائلاً : ليس هي بضاعتي التي تأتي من الأنفاق فكل البضائع من حولك هي بضاعة تهريب عبر الأنفاق التي يقتل بها العشرات خنقا لأجل لقمة العيش وسداد حاجات القطاع في ظل إغلاق المعابر، فهي اليوم تخضع لجشع التجار واحتكارهم والضرائب الباهظة التي تفرض عليها من قبل الفئات المشرفة والمستفيدة منها أكثر من استفادة السكان الذين تصلهم السلعة أضعاف أضعاف ثمنها .
وهكذا يشتكي المواطنون الغزيون من شح ونقص حاد في السلع حتى اللحظة في ظل تشديد الخناق على الأنفاق ومكافحة التهريب من الجانب المصري وتقليص البضائع المهربة عبرها وسقوط العديد من الضحايا، فيما تبقى الأسواق بحاجة للكثير من السلع كما تحتاج أيضاً تخفيض في أسعارها التي أصبحت خيالية ولا يقدر المواطنون على شرائها..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لدعم -الصحة العقلية والنفسية-.. شركة صينية تتيح للعاملين بها


.. المستشار الألماني أولاف شولتس يتفقد أضرار الفيضانات بولاية س




.. العربية ترصد انتشال ضحايا القصف الإسرائيلي لمربعات سكنية في


.. الصين تروج لسياستها عبر مذيعي الذكاء الاصطناعي




.. دراسة: صيف 2023 كان الأكثر سخونة منذ 2000 عام.. والحرارة مست