الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة المالية...ولادة لنظام اقتصادي جديد ام أزمة عابرة ؟

رفعت نافع الكناني

2008 / 10 / 10
الادارة و الاقتصاد


ان بوادر الانهيارالسريع والمتلاحق للنظام المالي والمصرفي الامريكي وما يتبعة في المستقبل القريب من اثار على مستوى العالم اجمع، يمكن وصفة بأنة اسوأ بكثير مما حصل خلال الازمة الاقتصادية بين الفترة 29-1933 نظرا لضخامة حجم الاقتصاد السنوي الامريكي في الوقت الحاضر، والذي يبلغ ما مقدارة (14) ترليون دولار، بل يمكن ان نصفة بانة يمثل امكانية تغيير او الغاء لمجموعة النظم والاليات التي كانت تسيرة، لغرض ردم الفجوة الكبيرة التي احدثها والعودة لمرحلة التوازن في سبيل اعادة الانتعاش الاقتصادي العالمي . اذن هل يمكن لنا القول بان العالم بحاجة الى نظام اقتصادي جديد ام ان هذة الازمة هي من سمات المجتمع الرأسمالي والتي تحدث بصورة دورية، ويمكن اثبات قدرة هذا النظام على التكيف واجتياز مثل هذة الازمات والصعوبات الاقتصادية.
بعض الاقتصاديين والمحللين يؤكدون بأن عصر الهيمنة الامريكية على الاقتصاد العالمي قد ضعفت، ونحن الان بحاجة الى نظام اقتصادي ومالي جديد، يعززها قول رئيس الوزراء الفرنسي( فرانسوا فيون) ما نصة- ان العالم يقف على حافة الهاوية او تطُبق علية ازمة مالية عالمية تهدد الصناعة والتجارة والوظائف في انحاء العالم.
من هنا يلاحظ ان الازمة الحالية يتوقع ان تؤدي الى نتائج خطيرة منها فقدان الكثير من الوظائف، وعدم القدرة على انجاز المشاريع الاستثمارية في مجال البنى التحتية مثل الطرق والجسور والمباني السكنية والمطارات...الخ، وما يتبعها من صعوبة في توفير السيولة المطلوبة لتمويل القروض القصيرة والمتوسطة الاجل في ظل ازمة الأئتمان الحالية، والتي يروج لها البعض بان اصل المشكلة هي عدم قدرة اصحاب المنازل والقروض من تسديد الديون المستحقة والمستقبلية وما يسيية من فقدان الثقة بين المصارف من جهة، وبين المصارف والمقترضين من جهة اخرى، والذي سيؤدي الى حالة من ركود اقتصادي قوي طويل الامد، قد يؤثر سلبا على دول العالم اجمع، ليشمل مستوى الاجور واسعار النفط الخام والمواد الاولية الاخرى. اذن الحكمة تتطلب ان تتدخل الدولة في الرقابة على المؤسسات المالية والاقتصادية وخاصة في وقت الازمات وكما صرح بة الاقتصادي الانكليزي ( كينز ) بعيد ازمة 1929، بعيدا عن نظرية السوق الحرة والتي تعتمد على الية التوازن التلقائي للسوق . وفعلا اجبرت الحكومة الامريكية على التدخل لانقاذ مؤسساتها المالية من الانهيار، وذلك بتأمين مبلغ (700) مليار دولار لدعمها، وهذا ما حدا بوزير الخزانة الامريكي ان يحث الكونغرس الامريكي في الاسراع بتمرير خطة الدعم لمواجهة الازمة وان الدولة ستبذل المزيد من الجهود لزيادة رأس المال المتوفر للقروض العقارية الجديدة وأن تكون لة سيطرة على حجم
العمالة والاستثمار، حيث ستقود هذة السيطرة او الاشراف الى نوع من التنظيم الاقتصادي ونوع من قضايا ملئ الفراغ للانفاق على الاستثمار، وتعتبر تلك الاجراءات نوعا من سياسة تدخل الدولة في منع او التخفيف من الازمات الدورية التي تصيب النظام الرأسمالي. أي ان الدول التي تتعرض لمثل تلك الهزات الاقتصادية لا يمكن ان تقف امامة ساكنة او مكتوفة الايدي، وأنما تتخذ بعض التدابير وألاجراءات للحد منها، ومنعها من التطور نحو ابعاد خطيرة تهدد الاقتصاد برمتة .
ويشكك كثير من الخبراء من نجاح خطة الانقاذ المالي لشراء الديون الهالكة في المصارف المتعثرة والتي يرجح المختصون بأن خطة ال 700 مليار دولار ربما تؤدي لانقاذ بعض المؤسسات المالية المحتضرة الا انة لا يمكن وفق هذا التدهور الكبير الذي ظهرت بوادرة جلية على اقتصاديات اوربا بل تعداها بتاثيرة الى الاسواق الاسيوية، ان يجد حلا يعتمد على شراء الديون المستحقة والمشكوك في امكانية تحصيلها من تلك المؤسسات والبنوك... في حين يرى الرئيس الامريكي جورج بوش ان خطة الانقاذ والتكلفة التي يتحملها دافع الضرائب الامريكي تبقى افضل من خيار فقدان الوظائف على نطاق واسع وانهيار صناديق التقاعد،
في حين يرى البعض الاخر ان دافعي الضرائب سيدفعون ثمنا كبيرا لسياسة البنوك والمؤسسات المالية الامريكية والتي تتصف بالفساد وعدم ضبط الرقابة وقلة المحاسبة لادارات تلك المؤسسات. فالضرائب التي يدفعها الامريكي وجدت اصلا لتنفيذ مشاريع متنوعة تعود لمنفعة وخدمة هذا الفرد لا ان تدفع لشراء ديون لمصارف كانت تدار من قبل مدراء مغامرين ، همهم الاول الحصول على اجور وامتيازات ومخصصات عالية جدا بالرغم من الظروف الصعبة والحرجة التي تمر بها مؤسساتهم ..
في حين يرى خبراء ومختصون في هذا الشان، ان اسباب الازمة المالية العالمية، والتي بدأت بوادرها من فترة ليست بالقصيرة، هي نتيجة عوامل وأسباب عديدة ومنها ، سياسة البذخ والاسراف التي تتبعها الحكومة الامريكية مما شجعت المواطن على التمسك بسياسة الاستهلاك المبالغ واتباع نموذج الرفاة الاقتصادي وخير تعليق بهذا الخصوص ما صرح بة المعلق الاقتصادي لمجلة نيوزويك، من ان الامركيين ينفقون اكثر مما يملكون. وما تنفقة الولايات المتحدة من نفقات عسكرية ضخمة لقواتها في العراق وافغانستان ومناطق اخرى من العالم وما تتطلبة تجاربها النووية والفضائية من مبالغ كبيرة، حيث ان مقدار ما صرفتة على برنامجها الفضائي (شالنجر) اكثر من ( 600 ) مليار دولار، اضافةلارتفاع اسعار النفط الخام وانهيار سعر صرف الدولار مقابل اليورو والين، وما يسببة الفساد الاداري والمالي لمدراء البنوك والمؤسسات المالية، والسياسة التي تتبعها الدولة والبنوك بمنح قروض عقارية لبناء المساكن الفخمة او شراء العقارات وباسعار عالية غير حقيقية لم يتمكن المواطن من تسديد اقساطها مما ادى الى انهيار البنوك المانحة، وهناك من يرى ان التقلبات في معدل الاستثمار هي السبب في اصل المشكلة، أي ان التقلبات هذة هي نتيجة التغيير الذي يحدث في هبوط مستوى الارباح العائد الى تلك المؤسسات والبنوك (مستوى الكفاءة الحدية لرأس المال) نظير وضعها القروض في مجالات الاستثمار والتمويل.
ولكن بالرغم من هذا التشاؤم الحاد من نتائج الازمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الامريكي وما تسببة من اضرار اقتصادية ومالية على اقتصاديات الدول الاخرى وما نتج عنة من خسائر مادية كبيرة ادت الى انهيار مؤسساتها المالية والمصرفية ، الا ان بعض الاقتصاديين والمحللين الستراتيجيين يرون بان الأزمة الحالية ربما تكون مفيدة ونافعة على مسيرة الاقتصاد العالمي في المستقبل ... حيث يرون ان قطاع المال والبورصات قد اتسع اكبر من حجمة الطبيعي وبصورة مذهلة وسريعة وحقق ارباح خيالية في فترات زمنية قصيرة ، مما شجع المستثمرين للدخول في هذا الميدان، والابتعاد عن القطاعات الاقتصادية السلعية، كالقطاع الصناعي والزراعي نظرا للتكاليف الباهضة لانتاجها ، وما تلاقية تلك المنتجات في اسواق العالم الاخرى من منافسة ، تحد من تحقيق الارباح المجزية اضافة للقوانين الكمركية التي توضع امامها وما تسببة تلك القوانين من صعوبة الانتقال بين حدود الدول المختلفة... بينما يلاحظ ان قطاع المال والبورصة يحقق ارباحا كبيرة للمستثمرين وبسهولة ، اضافة لسرعة وسهولة انتقال الاموال بين الدول عبر الاسواق المالية والبورصات وبآلية سهلة من خلال الثورة الرقمية والمعلوماتية والطرق الاخرى في الاتصالات السريعة والرخيصة. اذن الخسائر المؤلمة للمستثمرين في هذا الميدان حاليا، ربما تؤدي للاتجاة نحو القطاعات الاخرى، ويجب على الدول التدخل لتوجية الاستثمار للوجهة التي تقوي اقتصاد البلد وتنمي قطاعاتة المختلفة واحداث التوازن المفقود بين القطاعات التنموية المختلفة، أي ان يكون هناك توجهة في السير نحو مبدأ ( تحقيق التناسب ) في تقسيم الاستثمارات بين القطاعات الانتاجية من جهة وقطاع المال من حهة اخرى، لغرض تحقيق التوازن المطلوب في مجالات الاستثمار وتقليل التداخل والاضطراب...خاصة وان الاقتصاد الامريكي يملك من عناصر القوة ما يمكنة من احتواء هذة الازمة، وما يمتلك من شبكة كبيرة من الشركات والكارتلات العملاقة يمكنها من العمل والتعاون المشترك في المجال الاقتصادي والمالي والتجاري يمتد لاغلب دول العالم الصناعي في اوربا واسيا والدول المصدرة للنفط وما تملكة من امكانيات مالية هائلة، تستطيع ان تتحمل الخسائر التي تحدث بين فترة واخرى من فترات الكساد المؤقتة...حيث ان العوامل الاقتصادية في تطور مستمر وتغير وحركة دائمة لا تعرف الجمود والسكون...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاليدونيا الجديدة: كيف ستدفع الدولة فاتورة الخسائر الاقتصادي


.. كيف تؤثر جبهة الإسناد اللبنانية على الإقتصاد الإسرائيلي؟




.. واشنطن تفرض عقوبات اقتصادية على بضائع صينية، ما القطاعات الم


.. وكالة ستاندرد آند بورز تصدر توقعاتها بشأن الاقتصاد المصرى




.. برشلونة يتراجع عن استمرار تشافى ومنافسة بين فليك وكونسيساو ل