الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راديو القدس والخطاب الوحدوي المقاوم

محمد داود

2008 / 10 / 11
القضية الفلسطينية


إذاعة القدس من غزة التي انطلق أثيرها التجريبي قبل أربعة أعوام على الأقل، ضربت نموذجاً للإعلام الفلسطيني الحزبي المقاوم الناجح فلم تنجر يوما لأي سجال إعلامي .. ورغم كونها محسوبة على فصيل فلسطيني كما هي غالبية الوسائل الإعلامية الفلسطينية وحتى الإعلاميين أنفسهم الذين يعملون في تلك الوسائل المحسوبة في غالب الأمر، بما فيها الوكالات الصحفية وعلى اختلاف أنواعها، وهي سمة إعلام دول العالم الثالث بشكل عام، لكنها في نفس الوقت بالإشارة إلى "إذاعة القدس" تبقى إذاعة تتمتع بصفات مختلفة عن الوسائل الإعلامية الأخرى، أهمها المهنية والمصداقية والموضوعية، وبطبيعة الخطاب الإعلامي برمته، وهو الذي لمسته من خلال متابعتي الدائمة لها ولبرامجها المختلفة التي تسعى للوسطية وعدم الميل لطرف على حساب الآخر، بجوانبها السياسية والدينية والاجتماعية والأخلاقية، وإن دل فإنه يدل على مدى الاتزان الذي يعود لعنصرين أساسيين "الدافع الديني، والدافع الوطني"، وكذلك الميثاق المهني والقانوني الذي يحتم على الأطقم الإعلامية الالتزام بها وبآداب وشرف المهنة، وقياساً بما تقدمه من برامج متعددة تلقى اهتمام لدى الشارع الفلسطيني، لا سيما على صعيد الوحدة ولم الشمل الفلسطيني المجزأ بفعل الانقسام الفلسطيني المحتدم، وبرامج أخرى تهتم في شؤون الأسرى، والقضايا والتحليلات السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية وبرامج التربية والترفيه والنشيد الثوري الهادف .....
لقد حاولت إسرائيل مرات عديدة تدمير الإعلام الفلسطيني الذي يسعى جاهداً إلى دحض وكشف زيف الاحتلال وجرائمه التي يرتكبها صباح مساء بحق الشعب الفلسطيني المحتل، وقد سجل الإعلام الفلسطيني أروع صفحات عزٍ في هذا الجانب "إعلام الثورة"، لاسيما في مواجهته للدعاية الصهيونية المغرضة داخلياً وخارجياً، والتي تستهدف التأثير واستمالة عقول ووجدان الرأي العام المحلي والدولي، خاصة الحملات الإعلامية والشائعات "البروجندا" والترويج لثقافة الطمس للتاريخ الفلسطيني والنضالي ومعالمه الإسلامية والحضارية والوطنية والقومية والسياسية، والتراثية، لذلك لم تتوانى قوات الاحتلال الإسرائيلي لحظة واحدة عن محاربة الإعلام الفلسطيني الذي عانى طوال السنين الماضية وحتى اللحظة من قمع وملاحقة ذاق خلالها الويلات، وقد كان إغلاق الاحتلال وتقويضه لدور الإعلاميين في محافظات الضفة لا سيما استهدافه لمقر إذاعة القدس في محافظة جنين ومصادرة كامل الأجهزة والمعدات وتدمير محتوياتها المتبقية وإغلاقها، واعتقال مديرها وملاحقة كادرها الإعلامي، كما صنعت مسبقاً في تدمير مقر إذاعة فلسطين، إنما يأتي في سياق محاربة الحريات الإعلامية وصلت إلى حد التصفية الجسدية للشهيد الزميل فضل شناعة، وهو بلا شك يتزامن مع الهجمة الشرسة التي تتعرض لها مدن الضفة الغربية على كافة الصعد، ... لكن المثير للاشمئزاز هنا هو التناقض المرفوض في المشهد الفلسطيني إذ تمارس إسرائيل أعمال القمع والتشويش والحجب على الأثير الفلسطيني، بهدف إخراس صوته، بينما يمارس الفلسطينيون على بعضهم أعمال القرصنة والمنع والترهيب البوليسي والمصادرة للحريات الإعلامية، وتراجع دور النشاط الإعلامي الفلسطيني بما فيها الوكالات، بفعل التجاذبات السياسية واستمرار مسلسل خنق الصحافة بشكل عام على حساب الاحتياجات التي تتطلبها مرحلة إعادة بناء ما دمرته الآلة الإسرائيلية، ووضعها بين مطرقة الحكومة والسياسيين والحزبيين والتيارات المسلحة وميليشياتها، رغم ما أبداه "الإعلام الفلسطيني" من دور مؤثر ومشهود، بتوظيفه كل إمكاناته وطاقاته لخدمة المقاومة والثورة والثوار والفدائيين لاسيما في تغطيته الإعلامية لاجتياحات المتتالية للمدن الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى.
إن المشهد الإعلامي الفلسطيني مزري نتيجة إغلاق عدد لا بأس به من الإذاعات المحلية وسلب ممتلكاتها ومنعها، وأهمها : "إذاعة فلسطين وتلفزيونها، وصوت الشباب، والحرية، وصوت العمال"، وتقويض نشاط الآخرين، نتيجة الأزمة الأمنية المحلية وهيمنة مجموعات الضغط والقوى المسلحة على شكل الخطاب الإعلامي، وانكشافه وتسييسه فأفرز واقع إعلامي انحيازي منفلت وفوضوي يسير جنباً مع لغة الرصاص والفلتان الأمني القائم الذي ألحق الأذى بصورة الشعب الفلسطيني المناضل أمام العالم، في ترسيخه للغة العنف والتحريض و التخوين و التكفير و استنزاف الجهود في الرد و الرد المضاد وعمليات القمع والقتل والقهر والكبت والتي تحولت إلى سلاح سياسي متصاعد سَعد منها الاحتلال.
وأخيراً لربما نستنتج أن لإذاعة القدس دور متميز عن باقي الوسائل الإعلامية الأخرى، رغم طبيعة الواقع المحرج بالنسبة لها، لكنها تبقى ملتزمة وفق معايير وميثاق وضعته لنفسها أهمها : "العمل من أجل وحدة الأراضي الفلسطينية، والالتزام بمبادئ وأخلاقيات المهنة، واحترام الرأي والإيمان بروح الديمقراطية، وحرية التعددية السياسية والفكرية، وتنمية الحس الوطني الثوري وترسيخ مقوماته، والعمل، على أداء رسالتها بإخلاص من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وقيم المجتمع وفضائله؛ والابتعاد عن كل الخطابات التي تهدم وتشرذم المجتمع، وتزكي التعصب الحزبي فيه، أو التي تشجع على رفض الآخر أو ما يجنب الموضوعية والمصداقية"، ... لذلك نتمنى أن تبقى إذاعة القدس على هذا النهج الإعلامي الثوري السليم والراقي من أجل فلسطين القضية والأرض والشعب وبفصائل المقاومة، المتماسكة لحماية مشروعنا الوطني الفلسطيني .
وكل عام وأنتم وبخير
كاتب وباحث
ماجستير دراسات شرق أوسط








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع