الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في المادة 24 المعدلة من قانون انتخابات مجالس المحافظات في العراق

جليل البصري

2008 / 10 / 11
دراسات وابحاث قانونية


التوصل الى حل توافقي حول الانتخابات في كركوك يعتبر انجازا سياسيا ويؤكد ان الحوار البناء هو الوسيلة الوحيدة التي يجب الالتجاء اليها للتوصل الى حلول لمشاكلنا . ويبرهن التوصل الى اتفاق عن التزام الاطراف ذات العلاقة بالتوافق وتقديم التنازلات المتقابلة للتوصل الى حل يرضي كل الاطراف حل اللاغالب واللامغلوب ، وهو ما اكده الدبلوماسيون الامريكيون وشددوا على ضرورة التوصل اليه بعيدا عن التدخلات الاقليمية . وكانت التحولات في موقف تركيا اتجاه الجبهة التركمانية تحولات مؤثرة في موقف الجبهة المتصلب ، فيما كان الموقف العربي الاكثر مرونة متأثرا بالتحولات في موقف الاطراف السياسية السنية والشيعية التي سعت الى اعادة تسوية الوضع بعد 22 تموز مبينة النية على التراجع المدروس عن المادة (24) التي اقرت في ذلك التاريخ من قبل من حضر جلسة مجلس النواب وسط انتقادات واحتجاجات عاصفة انتهت بأنسحاب الكتلة الكردية وكتلة الاتحاد الاسلامي من جلسة المجلس قبل إقراره القانون . وكان هذا الحدث خطا احمرا في تعاملات القوى السياسية واجهه الكرد بكل قوة مستخدمين كل اوراق الضغط المناسبة لتلك المرحلة ابتداء من نقض القانون من قبل مجلس الرئاسة ومرورا بالمظاهرات والاحتجاجات التي عمدت بالدم وانتهاء بطلب مجلس محافظة كركوك ذي الغالبية الكردية من المجلس الوطني الكردستاني الانظمام الى اقليم كردستان . التوتر الذي حصل وفشل مجلس النواب العراقي في التوصل الى حل وسط لتعديل المادة (24) دفع الى تدخل الامم المتحدة ومبعوثها ستيفان دي ميستورا للمساعدة في تقريب الفرقاء والتوصل الى حل يرضي جميع الاطراف ، وقد كان دور الامم المتحدة دورا مهما في بلورة ارادة الاطراف المختلفة لتتوصل الى الاتفاق المعلن والمتمثل في المادة (24) المعدلة بعد مفاوضات وحوار مضني وصل في مراحل عدة الى التعثر والطرق المسدودة ، لكنه كان جهدا حقيقيا نحو الحل . واذا ما القينا نظرة الى المادة (24) التي رفضت وقارناها بالمادة المعدلة ومع المقترحات الأخيرة لديمستورا ومجموعة 22 تموز توصلنا الى النقاط التالية :
1-الفقرة الاولى : سلم الكرد بمطلب التركمان والعرب في تأجيل الانتخابات واجراءاتها بعد تنفيذ عملية تقاسم السلطة الادارية والامنية والوظائف العامة وليس حتى بالتزامن مع هذه العملية كما كان مقترح دي ميستورا الاخير .
2- الفقرة اولا ايضا : تخلي الطرف الثاني عن شرط صدور ( قرارات المجلس الحالي خلال مدة التأجيل بالتوافق بين مكوناته الرئيسية ( العرب- الكرد-التركمان) . حيث اصبحت هذه الفقرة خامسا ونصت فقط على استمرار المجلس في ممارسة مهامه ويبقى الوضع على ما هو عليه لحين اجراء الانتخابات .
3- الفقرة ثالثا : التخلي عن هذه الفقرة والتي تدعو الى ان ( يعهد بالملف الامني الى وحدات عسكرية مستقدمة من جنوب ووسط العراق بدلا من الوحدات العسكرية العاملة حاليا وخلال فترة عمل اللجنة المشكلة لضمان حريتها ومهنيتها ) كما الغي ( التأكيد على خروج القوى الامنية المرتبطة بالاحزاب السياسية ) . واستبدلت بالفقرة رابعا التي تقول ( تتكفل وعلى قدم المساواة الحكومة المحلية والحكومة الاتحادية بتقديم كافة المستلزمات اللازمة لانجاح مهام اللجنة بالتعاون مع الجهات المعنية وفقا للدستور ) وهو حل وسط بين مقترح مجموعة 22 تموز الذي يوكل المهمة الى ( الحكومة الاتحادية لتوفير المستلزمات الامنية والمالية والادارية لانجاح مهمة اللجنة) وبين مقترح دي ميستورا القاضي بكفالة رئاسة الوزراء الاتحادية ورئاسة حكومة اقليم كردستان بالمهمة وهذا تعديل للفقرة سادسا من المادة القديمة ... وهذه الصيغة المعدلة تترك للكرد مجالا ليكونوا جزءا من الكفالة لجانب الحكومة الاتحادية من خلال الحكومة المحلية في كركوك ، ويلبي مطالب الطرف الثاني بأستبعاد دور مباشر لحكومة اقليم كردستان .
4- الفقرة ثانيا : استبعاد صيغة ( تقسيم السلطة بنسبة 32 % للمكونات الثلاثة و 4% للمسيحين بما فيها المناصب السيادية الثلاثة ) واستبدالها بتقسيم متساوي بدون نسب مع منح المكون ذي الاغلبية ( أي الكرد ) حق اختيار احد المناصب الثلاث الرئيسية ( المحافظ ، رئيس المجلس ونائب المحافظ ) .
5-الفقرة رابعا : تقليص اعضاء كل مكون من 4 الى عضوين والابقاء على التمثيل الاحادي للمكون المسيحي ، والغاء اشتراك الحكومة الاتحادية فيها والاكتفاء بمنح اللجنة الحق في الاستعانة لابداء المشورة والنصح ، وهذا يقلل من دور الحكومة الاتحادية وتدخلها في الحل الذي كان الطرف الثاني حريص عليه . والاهم هو تحويل شرط اصدار القرارات في اللجنة من الاغلبية الى التوافق وهو ما يضمن عدم التفاف الطرف الثاني على اللجنة وعملها كونهم يمثلون الاغلبية منها كما يضمن الروح التي اسست عليها المادة وهي التوافق الذي يحفظ مصالح الطرف الاول ولايسمح بأيذاء الطرف الثاني .
6- استبدال الفقرة ثامنا التي تقول بأن ( لايعمل بأي نص يتعارض مع احكامها ) أي احكام المادة (24) ، وهي فقرة يمكن ان تتخذ ذريعة لمعارضة تطبيق المادة (140) من الدستور العراقي ، استبدالها بـ ( لايتعارض عمل اللجنة مع أي مادة من مواد الدستور العراقي ذات الصلة بكركوك ) وهذه اشارة واضحة الى المادة (140) . وهذه الفقرة تلبي مطالب الكرد في الابقاء على المادة (140) وتنفيذها والتي يعارضها الطرف الثاني بشدة .
7- رفع كلمة ( السكانية ) من التجاوزات المنصوص عليها النقطة (2) من الفقرة خامسا والتي تضمنت مهام اللجنة المذكورة اعلاه والاكتفاء بـ( التجاوزات على الاملاك الخاصة والعامة ) لكن المهم ان الفقرة الجديدة اضافت (قبل) الى عبارة (بعد 2003/4/9) لتصبح (قبل وبعد 2003/4/9) وبذلك تضمن تصحيح سياسات النظام السابق ضد الكرد في كركوك وضد التركمان ايضا وهو ما تعالجه المادة(140) خصوصا ، وتلبية مطالب الطرف الثاني في تصحيح التجاوزات بعد سقوط النظام السابق ، وهي مسألة تمثل اتهاما رئيسيا للطرف الثاني اتجاه الاول يرفضه الاول ويطالب بالتحقيق فيه ... كما اضيفت للحكومة العراقية مهمة ضمان ( تصحيح التجاوزات بالالية وبمقتضى القوانين المرعية في العراق ) وهذه مسألة تخلق مشاكل لاحقا لحل هذه المسألة الجوهرية التي تمثل محور المشكلة القائمة ، كون الكثير من القوانين المرعية هي قوانين وضعها النظام السابق لتنفيذ سياساته التي كانت سببا جوهريا لخلق المشاكل بين مكونات المحافظة والتي نعاني منها اليوم ، وهي قوانين تغطي على الكثير من التجاوزات التي حصلت قبل 9 نيسان تحت يافطات ( اطفاء الحقوق التصرفية في الاراضي ) وتعويض اصحابها بثمن بخس ومنحها للقبائل العربية .
8- تحوير النقطة (3) من الفقرة خامسا ( اعمال اللجنة ) والمتعلقة بأجراء الانتخابات بعد ان ترفع اللجنة تقريرا بتوصياتها الى مجلس النواب لتصبح من ( بموعد وآلية يتم تحديدها من قبل المجلس ) الى ( ووفقا لها سيقوم مجلس النواب بتشريع قانون خاص لدورة واحدة بأنتخابات مجلس محافظة كركوك ) وهذا يعني انتهاء الوضع الخاص الذي يركز عليه الطرف الثاني ، بعد هذه الدورة الانتخابية . كما ان التحوير شمل تحديد سقف زمني لهذا التقرير هو 31 اذار المقبل واشترط متابعة المجلس لعمل اللجنة .
9- نسف النص المعدل الفقرة سابعا والتي ارتكزت على جزء من الفقرة رابعا حيث اشارت الى انه ( عند عرقلة او عدم تنفيذ تشكيل اللجنة او تنفيذ مقرراتها او توصياتها يصار الى اجراء انتخابات مجلس المحافظة وفق نسبة (10) مقاعد لكل مكون و(2) للاقليات في موعد يحدده مجلس النواب اقصاه (2008/12/31 ) . واذا عدنا الى الفقرة رابعا وشرط التصويت في اللجنة بالاغلبية على القرارات ، فاننا سندرك ان الطرف الثاني كان يريد ضمان تنفيذ ارادته ضد الطرف الاول الذي يرفض نسبة الـ( 10) مقاعد ومحاصرته داخل اللجنة وبشروط فشلها .. وظلت مجموعة 22 تموز مصرة الى اخر مقترح لها على هذه الصيغة ، بينما نجح مقترح دي ميستورا الذي قبله الطرف الاول مع تعديل يضيف صلاحية لمجلس النواب بـ ( سن قانون خاص لانتخابات المجلس اولا وفي حالة تعذر ذلك ان يصار الى مقترح دي ميستورا بتكفل الرئاسات الثلاثة ( رئاسة الجمهورية ، رئاسة الوزراء ، رئاسة المجلس ) وبمساعدة الامم المتحدة ( بتحديد الشروط المناسبة لاجراء الانتخابات في كركوك ) . ورغم التوصل الى هذا الحل التوافقي فان عملية تشكيل اللجنة وهو محور اساسي ، والية عملها وتنفيذها لمهامها والمشاكل التي ستواجهها في التنفيذ تبقى محط تجاذبات في المصالح بين الطرفين اذا لم تؤدي الى فض التحالف بين مكوني الطرف الثاني خصوصا في ملف التجاوزات ، كما ستحرص الاطراف المشتركة سواء بحسن نية او سوء نية على رعاية مصالحها ووضع العراقيل امام تنفيذ الفقرات التي ليست في صالحها مقابل الحث والاسراع في تنفيذ الفقرات التي في صالحها ، ويبقى سير عملية التنفيذ مرهونا بأظهار الاطراف المتفقة حسن نيتها وحرصها على المصلحة الوطنية وتنفيذ فقرات الاتفاق بكل امانة وحرص ودون ابطاء لاعضاء بقية محافظات العراق والمنطقة نموذجا فريدا مزيدا في الديمقراطية والقدرة على فض النزاعات يحتذى به .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع


.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: أميركا عليها أن تقول لإس




.. الشارع الدبلوماسي | مقابلة خاصة مع الأمين العام للأمم المتحد


.. اعتقال متضامنين وفض مخيم داعم لفلسطين أمام البرلمان الألماني




.. الحكم بإعدام مغني إيراني بتهمة «الإفساد في الأرض»