الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
وسط السيارات
خالد فؤاد الشافعى
2008 / 10 / 12الادب والفن
كانت السيارات تندفع بسرعة وبلا نهاية
سيول من السيارات تندفع بقوة
حيث لا اجد اى فرصة فى المرور
كانت الامطار تهطل بغزارة
وكل سيارة تريد العودة بأقصى سرعة
وكان الناس يسيرون على الرصيف المقابل
تحت حمايةشرفات المنازل والمظلات
وكنت وحدى على الرصيف المقابل الملاصق لطريق السيارات
تنهمر فوق رأسى الامطار الباردة لتحيل وجهى الى قطعة ثلج
بينما تغوص السيارات فى برك المياة لتصب مياهها فوق جسدى
اركض للامام لعلى اجد ما يمنع عنى المطر
وساترا بينى وبين السيارات
ولكن بلا فائدة
فذلك الرصيف الضيق المجاور لبركة طويلة
من الاوحال العميقة يمتد طوليا الى خارج
المدينة والسيارات تواصل اندفاعها العنيف
غير مبالية بمحاولاتى الخجلة للعبور
اخيرا قررت انتهازفرصة وجود فراغ صغير
بين صفوف السيارات وتخطيت صفهم الاول
بنجاح وركضت سعيدا بأتجاة الرصيف المقابل
حيث أرى المشاة هناك بعد ان كانت
السيارات الضخمة تحول بينى وبين رؤيتهم
لاول مرة اتمنى ان اكون وسط الناس
اخيرا اعبر اخر صفوف السيارات
وقد نسيت اننى اكاد اسبح فى المياة من حولى
ولكن فجأة
اندفعت السيارةالفارهة القادة من بعيد بسرعة اكبر
حاولت الركض اكثر لكن المياة العميقة اعاقت محاولتى الاخيرة
وامام اندفاعها العنيف وصوت الموسيقى الصاخبة المنبعث منها
لم اجد سوى التراجع للخلف ليندفع من ورائها سيلا جارفا من السيارات
لتجعلنى اتراجع تماما للخلف الى الرصيف الاول الضيق
ولكنى لمحت شاحنة ثقيلة تندفع بسرعة اكبر
فى المسار المجاور للرصيف الصيق
فتوقفت لاتركها تعبر
ولكن سيارةحديثة كانت تسير بجوارها قد ضاعفت من سرعتها
واغلقت تماما الطريق فى وجهى
حتى تيقنت انها ستقفز بى خارج الطريق تماما
ولكنى فى اللحظة الاخيرة
اندفعت بأإقصى سرعتى وقفزت لأعبر السيارتين
واعود الى الرصيف الضيق مرة اخرى
ما ان وصلت الية حتى تركت نفسى ارقد علية
واسترخى تماما غير مباليا بالاوحال او
الامطار او سخرية الناظرين
شعرت للحظة بفقدان الوعى
ولكنى افقت دون ان اشعر بأى شىء سوى
التبلد التام فى جسدى وشعورى بالتجمد
حتى اننى لم اعد اشعر بيدى تماما
اخذت نظرة طويلة الى السيارات التى تواصل اندفاعها
والمشاة على الرصيف المقابل وهم يضحكون
]
وينظرون بريبة الى منظرى
لمحت نظرات الشفقة فى اعين بعض الناس
ولكنى لم اجد الفارق كبيرا بين الشفقة والشماتة
فالاثنين لهم معنى واحد عندى
شيئا غريب حقا
اكتشفت الان ان نظارتى قى سقطت
وضاعت عندما قفزت فى المرة الاخيرة
لكنى أرى الناس الان بوضوح
رغم اننى لم اكن أراهم جيدا فى السابق
مرت الان بجوار وجهى شاحنة ضخمة
اهتز لها كل افرع الاشجارواطلقت بوجهى عاصفة
جعلتنى اشعر ان وجهى قد انسحق تماما
ولكن صوت السيارة كان
مميزبشكلا غريب وكانة ضحكة من رجلا عجوزا شامتا
اخذت نفسى من غفوتى وابعدت كل تلك الافكار من راسى
وقررت عبور الطريق بأى ثمن
وقفت على قدمى التى لا اشعر بها
وقبضت يدى التى اصبحت كقطعة ثلج ميتة
ونظرت بعينى الثابتة على الرجل الطويل مهندم الزى
الذى يقف بثقة اسفل مظلتة العريضة
مبتسما تلك الابتسامة الصفراء المستحقرة التى تكاد تنطق وتقول
"انت قذر"
اتجة الان نحو الرصيف الاخر
اتقدم بسرعة غير مباليا بتلك السيارة الجميلة
التى اطلقت كوابحها صوتا يقول
"انت غبى"
اواصل العبور الان وعينى مثبتة على الرجل ذو المظلة
تحاول حافلة كبيرة المرور من امامى
ولكنى اتخطاها بمهارة جعلت ركباها يشهقون فى
اماكنهم بينما اطلق بوق الحافلة صوت يقول
"انت مجنون"
لم يعد امامى سوى صفا اخيرا من السيارات
ولكن الرجل ذو المظلة مازال يحمل نفس
النظرة السمجة والابتسامة الصفراء التى تحرق اعصابى
اشعر الان فقط بقدمى واطرافى
لماذا لم يؤثر فى الرجل عبورى للسيارات رغم سرعتها
لماذا يحتفظ بنفس النظرة الواثقة التى اشعلتنى نارا
حسنا ايها السمج ها انا اعبر
تقترب سيارة قديمة متهالكة ذات صوتا صاخب
يبدو انها تحاول الوصول الى اقصى سرعة
ولكن هذا لا يزيدها سوى ضجة
لن تكون تلك الخردة ما يقف امامى فى النهاية
ها انت بين يدى ايها الوغد اليس لديك
سوى تلك الابتسامة البلهاء؟
ولكنة لاول مرة ادار وجهة عنى ونظر خلفى فى لهفة غريبة
كانت السيارة القديمة المتهالكة
تدفعنى فى الهواء ثم تعبر على جسدى المتجمد
وصوتها المزعج المتحشرج يقول
"انت ميت"
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ
.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟
.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا
.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل
.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل