الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البصرة ... حريق ... ثم احتلال !! -الجزء الاول -

علي السعيد

2008 / 10 / 11
سيرة ذاتية


عدت قبل احتلال ام قصر بأسبوعين على أقل تقدير , عدت الى أرض االوطن بأسبوعين على أقل تقدير , باجازة كان أمدها شهر واحد ثم مددت الى شهرين , عدت وسكنت قضاء ابو الخصيب برهة من الزمن خشية تعرض مركز المدينة لاعمال عنف غوغائية .كانت زيارتي لمدينتي الحزينة غير مخطط لها سابقا , وقد قادني اليها ودون موعد , أعادني اليها الحنين والخوف والقلق الذي انتابني طيلة ايام عديدة قبل احتلالها .البصرة مدينة اشباح , خربة مدمرة , تعاني الانقطاعات المستمرة للكهرباء والماء الصحي الصالح للشرب .عندما دخلتها قارنتها بالبصرة في العقد الخامس من القرن الماضي فأحسست بتدهورها وانحطاطها ومن جميع الوجوه ... عمرانية ... صحية ...سياحية ...ثقافية . كانت البصرة الازهى والابهى والانظف والاكثر انفتاحا بعد بغداد , بل أن البصرة كان لها مذاق وطعم خاص للزائر الغريب والقريب , والاكثر شموخا وعزة . وجدت مدينتي فقيرة حزينة خربة وتعاني مخلفات حروب لاناقة لنا بها ولاجمل .مخلفات الحرب العراقية الايرانية واضحة للعيان وفي كل رقعة فيها , أثار القصف الايراني الذي دك شوارعها وازقتها ومعالمها وبدون تركيز سوى الانتقام والحقد اللعين , وحرب الكويت ...!!! وحصار ظالم همجي ومدروس دام أكثر من ثلاثة عشر عام .كان فيها الكثير من المعالم السياحية والاثرية والعمرانية والثقافية أزيلت من الوجود , ومنذ مطلع العقد السابع للقرن الماضي , كانت فيها ساعة ( سورين ) في بداية سوق الهنود , القنصلية البريطانيةذو المعلم السياحي والعمراني الجميل , عمارة النقيب , منتزهات جميلة وسياحية ( منتزه جزيرة السندباد والخورة والامة ) والعديد من المعالم القديمة والحديثة .تمت ازالتها دون اثر يذكر ودون رحمة , في مطلع السبعينات كنت قد التقيت بصديق , شخصية وطنية من حزب البعث ... التقيته وسألته عن الجدوى من ذلك ... اجابني متألما وبصراحة الانسان المحب ( إزالة معالم البصرة ... اتحسسها بانها مخطط لها ذلك وتنفذ بتصميم وأرادة ... من فوق ) مع العلم إن البصرة لم يحكمها أي محافظ من أهلها وطيلة عقود طويلة . هكذا الحال ... كيف وإن البصرة لم تعمر وتبنى وقد خرجت من الرماد . قبل احتلال ( أم قصر ) وصمودها ومقاومتها للمحتل اياما وليالي سكنت قضاء ( أبو الخصيب ) , في بيت أحد أقاربي , وبشكل مؤقت , ابو الخصيب يحوي اهم انواع تمور العراق والعالم لم يتركها خراب البصرة كما كانت , سرقت اهم انواع نخيلها وأجودها , وامتد التصحر من الجهة الغربية اليها , وكثرت فيها معامل الطابوق الاسمنتي ومخلفاته , جسورها قديمة متهرأة , انسداد انهارها وترعها الجميلة , وارتفاع نسب الملوحة في مياهها وشطوطها ... مما أثر سلبا في زراعتها ... واختفاء الكثير من محتويات سلة الغذاء البصرية ...الرمان , التين , العنب , المشمش ,واصناف عديدة من خيرة ارطابها وتمورها . أما العامل البشري والسكاني فقد القى ظلاله على طيبة وسكينة ووداعة اهلها . نزحت اليها الالاف من عوائل الاهوار والاريف اليها ... مما أخفىلكثير من وداعتها وطيبة أهلها , مجاميع ( المعدان) ميهيمنة ومتحكمة في وداعتها وطيبتها واخلاقها وهدوئها , واصبحت فئة متنفذة ومهيمنة عليها , عوائلها العريقة ...تركتها دون رجعة , مثقفيها تركوها تنام في الجهل والظلام . لم ليتبقى من أهلها الا القليل ... البصرة تشكوا زوال وانقراض خيرة معالمها وتبكي الاطلال ... وتبكي اثار الحروب والفتن والقلاقل والهمجية . البصرة شاهدتها تحترق قبل ان تحتل .... تصرخ بصمت ... وما من مستغيث . هكذا حال البصرة ... المدينة العريقة في كل شيء , إنها البقرة الحلوب والساتر الامامي لكل الحروب ... وعلى امتداد التاريخ ...وجدت البصرة تحترق قبل أن تلتهمها نيران الاحتلال وتدوسها القدم الفارسية الهمجية .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح