الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى جزيرة ديامو..الأسماك لا تكذب

هشام الصباحى

2008 / 10 / 11
الادب والفن


إن الكتابة عند محسن يونس ليست مجرد إضافة كلام بل هي خلق لهذا الكلام والنفخ فيه من روحه الإنسانية حتى يخرج مميزا ومختلفا تماما وليس له وجه تشابه مع كلام آخر أو كتابة أخرى ..إنه اختزال للعالم والأحلام والهزائم والانتصارات وحتى الأساطير في صفحات كتاب يصنعه هو ليعبر عن رؤيته الخاصة والفريدة ويتواصل مع كل الفضاء المحيط الذي يحدده هو من اللحظة الأولى ولا يمنحك فرصة سوى الانتباه والإنصات والدخول بمتعة إلى ما يكتب ويقول..لتشعر وترى وتعيش مع إبداع حقيقي لا يستسهل الكتابة أو إنتاج الكتب من اجل أن تكون الأكثر مبيعا بل لتكون أكثر حميمة وإنسانية,حيث يظل محسن يونس مهموم بالذات الجمعية وما يحدث لها في العالم وفى مصر وفى جزيرة ديامو التي يكتب عن أدق تفاصيلها وحياتها وأحلامها في كتابه الذي يأخذ تصنيف جديد هو موجات قصصية يضيفه إلى تصنيفات الثقافة العربية ,ويأخذ عنوان سيرة جزيرة تُدعى ديامو,وقد صدر في القاهرة عام 2008 في طبعته الأولى عن دار فكرة للنشر والتوزيع
تعتبر سيرة جزيرة هي سيرة حاضرة وآنية للحشد الجمعي حتى أنها تتقاطع مع اعتباره سيرة وطن شخوص الكتاب حيث الحركة والسكون في جموع والحديث والصمت في جموع ,حتى أن المنامات والكوابيس والأحلام أيضا جمعية بمفهومها ودلالتها الأساسية وليس المعنوية
وفكرة أن يكون في ديامو سور حجري مورث يمثل رمز الأجداد وعظمتهم ويكون معلم للأحفاد في ديامو يجعل من ديامو المعادل الروائي لمصر ولكن محسن يونس أراد أن ينتمي إلى بيئة أخرى اقل اتساعا حتى يصل إلى عمق الأثر والالتصاق بذاته وذوات الأسر المعدوده التي تعيش حوله وفى الكتاب أيضا الذي يعتبر رواية في شكل موجات قصصية رائعة,وقد كان لهذا الجدار المكون من حجارة معجزات منها أن كل واحد في جزيرة ديامو إذا وقف أمامه لابد أن يجد حجرا يحمل ملامحه وصورته حيث يحاول الكاتب خلق صور من التواصل بين الماضي والحاضر ,وإحداث ترابط مع هذا الميراث الذي يمثل المعيار
لقد كانت الحكمة لدى شخوص محسن يونس قاتلة ومؤلمة وجارحة,حيث لابد أن تعطيك أثرا لن تنساه ويظل علامة في روحك وجسدك يجعل تفهم الحياة وتتقبل التقلبات والكوارث المهداة إليك حيث في ص22 البهلوان الذي يجعل أهل الجزيرة يضحكون من نكاته وحكاياته عندما يفشل في نزع الحزن من شخص ما (الحزن أقوى من الفرح يا أمنا..الضحك يخرج منا,الحزن يدخل ويقيم) ,كما أن كل الشخوص والمكونات من حيوان وجماد لهذه الموجات القصصية كانت فاعلة ومؤثرة ومهمة ولها نكه خاصة بها حتى أن البحر له دور ورأى وفعل عندما دفع السمك من داخله إلى الجزيرة ليقوم بالتعرية والحديث عن أسرار أهل الجزيرة على الملأ ليفضح البشر عامة وأهل الجزيرة خاصة ويتكلم عن عيوبهم في علانية وخيانتهم لبعضهم البعض ومشاعرهم المخفية إزاء بعضهم البعض,في محاولة لعقاب بسيط لهم عندما حاولوا تغيره واستبداله ببحر آخر يحيط بالجزيرة حيث أنه شاخ وأصبح بحرا عجوزا
إن عناوين الموجات القصصية لها سمه خاصة حيث يكون تساوى التضاد أمر مهيمن على هذه العناوين وهو الجمالية الجديدة التي يكشفها لنا محسن يونس ومن هذه العناوين "السكر يذوب..والملح كذلك","الذي يقيم..الذي يغادر","كُل ساقط صاعد والعكس"
لقد كان فضاء الرواية مكون من قطعة الأرض التي تسمى جزيرة ديامو والبحر والبشر القلائل الذين يعيشون على هذه الجزيرة ,لقد قدم محسن يونس في عمله العاشر في عمره الإبداعي العديد من الأساطير والمعجزات والكوابيس والرؤى في سيرة جزيرته التي نظن أنها جزيرتنا ووطننا


--------------------
الكتاب:سيرة جزيرة تدعى ديامو
المؤلف:محسن يونس
الناشر:دار فكرة للنشر والتوزيع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا