الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انهيار المؤسسات المالية

سلام خماط

2008 / 10 / 12
الادارة و الاقتصاد


إن تطابق الخطاب الليبرالي مع متطلبات العولمة التي تريدها الولايات المتحدة الأمريكية أدى إلى هيمنتها على المركز الامبريالي الذي فرض بدوره السيطرة على مايقارب ثلاثة أرباع العالم , هذا المركز الذي يتكون من العديد من المؤسسات والتي من أهمها منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي , ولكل واحدة من هذه المؤسسات دورها الخفي الذي يتقاطع مع الدور المعلن .
فمنظمة التجارة العالمية تركز دورها المعلن على ضمان حرية السوق كما تدعي إلا أن دورها الخفي هو حماية الاحتكارات الرأسمالية , أما صندوق النقد الدولي فكان من المفترض ان يتدخل في تنظيم العلاقة بين العملات العالمية الثلاث ( الدولار واليورو والين ) لكنه ابتعد عن دوره هذا وتحول الى سلطة استعمارية نقدية لحماية المركز الامبريالي , أما ما يخص البنك الدولي فقد تحول هذا البنك إلى ما يشبه الناطق الرسمي او الناطق الإعلامي باسم الدول الصناعية الكبرى او ما يسمى بالسبعة الكبار,وتساند هذه المؤسسات الثلاثة الكثير من المؤسسات الأخرى والتي لا تقل أهمية عنها والمخصصة للإدارة السياسية والعسكرية للنظام الامبريالي ومنها على سبيل المثال حلف شمال الأطلسي وما يتبعه من قواعد عسكرية منتشرة في العالم للتدخل بالقوة مستندا على المعلومات التي تقدمها وكالة الاستخبارات الأمريكية ,من هنا نستطيع القول نظرية صراع الحضارات لهنتكتون ونظرية نهاية التاريخ لفوكوياما جاءتا لتضفيا الشرعية على هذه الممارسات الامبريالية وهذه الهيمنة .
هنا لابد من ذكر حقيقة يجب ان يدركها الجميع هي :ان من صميم الإيديولوجية الليبرالية الأمريكية ,إنتاج ديمقراطيات حتى لو كانت دون رغبة منها وذلك يرجع الى سبب جوهري هو تخدير وخداع الناس وتشجيعهم على عدم المواجهة والتخلي عن النضال بالإضافة إلى حصر دور الدول الدائرة في فلكها في مهام الدول البوليسية التي تاخذ على عاتقها تصفية الأحزاب والتيارات السياسية والشخصيات الثقافية والإعلامية المناوئة لها او اعتراف هذه الأحزاب والتيارات والشخصيات بدور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة لا يمكن مقاومتها ,لهذه الأسباب فان الادراة الأمريكية تحتاج الى تقوية الممارسات الديمقراطية وتشجيعها ودعمها وخاصة بعض المنظمات والاتحادات والروابط والجمعيات ومنحها المجال الكامل من التحرك ولكن في إطار العولمة وأهدافها المدمرة .
ان الأزمة المالية التي عصفت بالولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام كان السبب الرئيس من وراءها هو الارتفاع الغير مسبق بأسعار النفط والسلع الغذائية والذي يرجع الى مضاربات السوق الحرة التي لا تحكمها او تحد منها القوانين , وهذا ما يؤكد فشل شعار أليبراليين القائل بتقليص دور الدولة ومنع تدخلها في شؤون هذه السوق .
ان الطامة الكبرى في النظام الليبرالي هو الاعتماد والتركيز على أهمية السوق الحرة في تطوير واستقرار النظام الرأسمالي , إلا أن هذا النظام لا يعير اهتماما للعامل الأخلاقي لأنه مبني على أساس أنانية المنافع الشخصية ,فتمركز الثروة بيد عدد محدود من الأفراد لا يؤدي إلى التقدم ,لذا نجد ان المجتمعات التي تسعى للتغيرات الاقتصادية تسعى كذلك لتغيرات أخرى اجتماعية وثقافية وسياسية ,لهذه الأسباب نجد أن السوق الحرة لا تعطي ثمارها بدون تدخل الدولة ورقابتها من اجل إقرار قدر ولو بسيط من العدالة الاجتماعية .
إن انهيار المؤسسات المالية الأمريكية سيؤدي إلى تراجع انفراد الولايات المتحدة في اتخاذ القرارات الدولية خاصة تلك المتعلقة في مكافحة الإرهاب والتعامل مع بؤر التوتر في العالم ,هذا التفرد الذي ألقى بأعبائه المالية الضخمة على عاتق الولايات المتحدة الأمريكية وحدها ,لربما ستقود الأزمة الحالية إلى انفراط خالة القطب الواحد التي سادت العالم في ال20 سنه الماضية والانتقال إلى حالة تعدد الأقطاب التي ستساعد ربما على إيجاد حلول جديدة لمشاكل العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج


.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024


.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن




.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع