الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدهر والعطار.... في الأزمة العراقية

كاظم الحسن

2008 / 10 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تتضارب المواقف والرؤى والقراءات للملف العراقي وبطبيعة الحال تتداخل معه الملفات الدولية والاقليمية الى درجة الانصهار في بعض الاحيان، حين ترى اطرافاً خارجية ان من حقها التفاوض في بغداد حول الشأن العراقي في غياب اهل الدار

ومن الطريف، في هذا المجال، حول تشخيص اسباب الازمة العراقية، ان احد المثقفين في مؤتمر عقد في بغداد، ضم عدداً كبيراً من الكتاب والادباء والمثقفين، قد اشار الى هذا الوضع المضطرب، العصي على التفسير بالقول: ان خبيصة سياسية ادت الى خبيصة اجتماعية واقتصادية، هكذا اختزل الواقع العراقي المعقد!

وهذا الفاصل اعتمدته من اجل التقاط الانفاس قبل الدخول في دهاليز هذه الازمة المتشعبة والمترامية الاطراف، التي يراها البعض، ازمة بنيوية، وان الدهر القى كامل حمولته على جسد الامة العراقية الى الحد الذي اصبح صوت داخل حسن الشجي (عليل ولا دوى يشافي من اعداي) يرن في الاسماع، وما وصفات العطار الا مسكنات لأمراض مزمنة لاسبيل لعلاجها على المدى المنظور.

والبعض الاخر يرى ان العراق اصيب بما اصاب أمماً كثيرة في هذا العالم ونهضت من كبوتها واخرى تحث الخطى في عالم التطور والازدهار السياسي والاقتصادي وان ربط الاحداث بالماضي السحيق نظرة فيها الكثير من المبالغة.

وتزداد الامور قتامة حين يرى البعض، الدواء في عودة الاستبداد، ويندفع بخلفية مريبة تجمل صورة الدكتاتور وتغطي على جرائمه وكوارثه التي لا تحصى، ويصل بهم الشطط مداه حين يمجدون انتصاراته الوهمية في ما يسمى (ام المعارك) عبر مخيلة عاجزة عن الفصل بين الواقع والرغبة وبين الوقائع والامنيات.

احد الساسة العراقيين المخضرمين انتقد المعارضة في العهد الملكي، لأنها كانت ضد ما يصدر عن النظام الملكي حتى لو كان بناء وا عماراً على اعتبار انه سيئ بالمطلق، الان الصورة ذاتها في عداء هستيري للغرب والدول التي تحاول تبني الديمقراطية والانخراط في مشاريع الاصلاح والاعمار والبناء ولذلك لا غرابة حين لا نسمع من يستنكر او يدين اعمال الارهاب التي تطول البنى التحتية ومرتكزات الاقتصاد ومصادر الثروة وبعد ممارسات شائنة عبر سياسة الارض المحروقة يقولون انظروا ان الحكومة وقوات التحالف لا تسعى من اجل البناء والاستقرار والسلام وهو ذات المنطق الذي كان يتحجج به النظام البائد في تشبثه بالسلطة عبر التخويف من المجهول القادم في حالة انهياره على الرغم من ان تداعيات سقوطه هي من جنسه.

الطغيان هو تاريخ العراق المؤلم وظلامه الدامس منحت له الفرصة تلو الاخرى طوال قرون ولم يصلح حاله حتى مع وجود ثروات اقتصادية وبشرية هائلة، ولو اعتمد سياسة (المحاولة والخطأ) التي تلجأ اليها الكائنات الاخرى في تلمسها الطريق والخلاص لربما اهتدت الدكتاتورية الى ما هو أفضل في حياة الشعوب ولكن الطغيان بلا ذاكرة وقيم وهو لا يلد سوى الموت والخراب والدمار.

فالدكتاتورية خاضت تجربة الحكم على مدى مئات السنين فكان حصادها الحروب والاستعباد والاضطهاد، فدعوا الديمقراطية تجرب حظها في العراق من خلال بضعة عقود من السنين وبعدها يمكن ان نحكم على النتائج، هذا ان كانوا يؤمنون بالانصاف والموضوعية ويحلمون بغد يحترم كرامة الانسان وحقوقه.

نحن نعلم ان الادارة الاميركية ارتكبت الكثير من الاخطاء في العراق ولكنها تسعى الى الاستفادة من تجاربها من خلال وجود منافسة سياسية لها في الكونغرس ومراقبة الرأي العام والاعلام في الولايات المتحدة الاميركية وهي بذلك ملزمة في تحقيق نتائج سريعة وملموسة على الارض، وما الصراع الدائر الان بين ادارة الرئيس الاميركي والحزب الديمقراطي حول جدولة الانسحاب وضرورة فتح قنوات دبلوماسية مع دول الجوار الا دليل على صحة ونضج التجربة الديمقراطية.

لنأخذ تجربة النظام الدكتاتوري في العراق ومدى استفادته من الاخطاء والتجارب التي مر بها طوال حكمه في العراق، نلاحظ فقدانه المصداقية سواء في تحالفاته مع احزاب المعارضة ام الاتفاقات التي عقدها مع دول الجوار، فلقد عقد اتفاقية (1975) مع شاه ايران وتنازل بموجبها عن حقوق العراق في مياه شط العرب مقابل بطشه وقمعه للشعب الكوردي ثم عاد لينقض هذه الاتفاقية بعد الحرب الايرانية وبعد تضحيات جسام للشعب العراقي عاد واعلن عن رغبته بالعودة الى تلك الاتفاقية ليعد نفسه لحرب جديدة ضد الكويت.

هكذا هو الطغيان يقتات على متوالية من الحروب والازمات ولا توجد فيها اية بارقة للأمل في نمو الحرية وعليه فان الفوضى التي يعيشها العراق الان قد تلد الحرية يوماً ما.

يقول الباحث ميثم الجنابي في حوار مع صحيفة الصباح (السبت 21 نيسان 2007 م ) ما حدث في العراق منعطف تاريخي، من حيث كونه يحتوي للمرة الاولى في تاريخ العراق الحديث على تنوع الاحتمالات والبدائل اي انه منعطف تاريخي هائل بالنسبة للاحتمالات والبدائل.
فقد كان المستقبل فيما مضى واضحاً وجلياً ولا حياد فيه! اما انحدار نحو الهاوية او موت بطيء ، اما الان فان المجهول يعادل البحث عن بدائل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ويكيليكس يعلن أن جوليان أسانج -حر- وغادر بريطانيا بعد إبرامه


.. الاتحاد الأوروبي يوافق على فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب ا




.. عاجل|10 شهداء بينهم شقيقة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل


.. اللواء فايز الدويري: إذا توفرت أعداد من سلاح القسام الجديد ف




.. العربية تحصل على فيديو حصري لمحاولة قتل طفلة برميها في مياه