الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة - طاغيهْ

ابراهيم الخزعلي
(Ibrahim Al khazaly)

2008 / 10 / 13
الادب والفن



إلى الشُهَداءِ الأبْطال الّذين لَمْ
تَنْحَنِ رُؤسَهم في زنازين الطاغية
إلى نَخيلِ العراقِ الباسقات

طاغِيَهْ

الكوفةُ كانت في عَينيكْ
رُؤُساَ يانعةَ وثمارا
والصارم بين يديكْ
ثمّةَ شئ آخر ..
بَينِ الشاربِ والذّقْنِ
كَقَئِ الأفعى
يَسيلُ .. يَسيلُ مِنْ شَفَتَيْكْ
عِمامَتُكَ الحَمْراءُ
وخِصْلاتٌ مِنْ شَعْرٍ تَتَدَلّى
فالنَخْل ياهذا..
وقوفاَ يَسْجُدُ للّه
مَحال تلويه الرّيحُ الهَوْجاء
ومحال يَحْنيه الموتُ أو الدّاء
الأفْعى مهما إنتَصَبَتْ غَضَبا
لَنْ تَعْلو عُلوّا
ولَنْ تبقى شامخة أبَدا
كالنخلِ وكالطَودْ
مِنْ أينَ أتيتْ ؟
أمِنْ عُمْقِ الصّحراءِ جِئْتَ لِهذا
في حَرِّ القَيْظِ وحَرِّ الصَّيْف ؟
قَلْبكَ ضَمْآن للدمْ
حيناَ تَمْتطيَ الشَّهْوهْ
وحيناَ تَمْتَطيَ النَزْوَهْ
وأخرى تَمْتَطيَ هواك
بعيداَ يأخُذَكَ الغَيْ
وإماماَ للنَخْلِ ترومْ
عَبَثاَ تَنْوي
عَبَثاَ تَسْعى
تَسامى الكُلُّ وأبى
والعُبّاد صفّاَ صَفّا
البَصْرةُ رَفَضَت والكوفهْ
وأهل النَّهْرَيْن رَفَضوا
أنْ يأتمَّ النَّخْل بِسُنْبُلَةٍ فارغَةٍ , أو أبّا
أوْ يأتَمَّ الأسَدُ بِأفْعى
فانتَفَخَتْ أوْداجُكَ حُنْقا
وانْبَعَثَ السُّم غَزيرا
وغَزيراَ هَطَلَ الموتْ
مِنْ فَمِكَ ‘ مِنْ بَيْنِ يَدَيكْ
رُبَّ الصّارم يَقْطع بَعْضَ السَّعْفِ
ورُبَّ يَنال بَعْضَ رؤسَ النَّخلِ
لكنَّ رؤس النَّخل نُجُومْ
فَلَيْسَ بمقدور السيف
أنْ يَلوي أعناق النَّخلْ
كذاك خَطَوْت قليلا
بعض الزمن
بعض الشئ
قَهْقَهْت وغَنَّيْتَ ورقَصْت
ومشَيْتَ .. و تَعَثَّرت
ثَمِلاَ بِدَمِ الأشلاء
مَزْهوّاَ بالبطشِ وبالغدر
فَتَهاويتَ مِنَ الأسفلِ للأسْفَلْ
فازدرء النَّخلُ الشّامخ منكْ
دَوَّتْ قَهْقَةُ السَّعف
وَعَرْبَدة الرِّيح
لكَ الويْلُ ..الويْلُ ..الويْل
فَنَظرتَ مِنْ كُوَّةِ نَفْسِك
وتَلّفّتَ يَميناَ وشمالا
فأبْصرْتَ جَليّاَ قامات النّخل
شامِخَةَ في عَيْنيكْ
وكثيراَ أعلى مِنْك
وأصْغر منها أنت
فَتَشَبّثتَ بِقِشَّةِ روحك
وبِسَيْفِكَ عَبَثاَ حاوَلتْ
أن تَبْطشَ بالنَخْلِ
أن تَفْقأ عَيْن الشَّمسْ
وأن تَحْرُقَ وجْهَ التأريخ
تَوَعَّدتَ وأنْذَرْتَ وَغَضِبتْ
( أنا إبن جلا وطلاّع المنايا
متى أضع العمامة تعرفوني )
لكنَّ النَّخْل أقوى من غَيِّك
والنَخْلُ أقوى من بَطْشك
والنَخْلُ أقوى من سَيْفك
والنَخْلُ أفْصَح من قوْلك
وابتَسَم القمرُ والنَجمْ
فهربْتَ فَزِعاَ مَذْعورا
حين السَّعْف هطل سهاما
ودَويّا في أُذنَيك
وهربت .. هربت بعيدا
فَزِعاَ من نخلِ الكوفهْ
وفزِعاَ من وجهِ الموتْ
واسط آخر مأوى للهربِ
وقَبْراَ يَشتاق اليك
أسعيدا كان هناك؟
أم شَبَح الموت ؟
مطلوبٌ للقبْضِ عليك
وهواجس خوفكَ تَصْرخ
بين اليقضة
بين النوم
تهرب من لون الدمْ
تهرب من نخل الكوفهْ
تهرب من وجه الموتْ
لكنك مَصْلُوب بخطاياك
وعمامتك الحمراء سقطتْ
من أدْنى الأسفل للأسفل
تَتَدَحرجُ مابَيْن القَدَمَيْن المُتَشَقِّقَتَيْن
قَدَمَيْك الرّاعِشَتَيْن..
وقَدَمَيْ إبن جُبَيْر الرّاسِخَتَين
وَتَوارَتْ تحتَ نِعالِ الغَدْر
الغائرِ في بُؤرةِ وِجْدانِكْ
وكَذلك أنتَ تهاويتْ
بالقُرْبِ مِنْ نَمْرود
وبالقُرْبِ مِنْ فِرْعَون
يَسْتَعْصي عليك الهرب
مِنْ نَفْسِك ‘ مِنْ وَجْه التأريخ
من نخلِ الكوفة والبَصرهْ
ها أنّك بَيْنَ الأثْنَيْن
دَويّ حفيف السعف
وَبَيْن صَليلِ السَّيفْ
ويَسْتعصي عليك الهرب
من إبنِ جُبَيْر
ويَسْتعصي عليك الهرب
من طعم الموت
ويَسْتعصي عليك الهرب
من شعبٍ جبّارٍ
عنيدٍ لا يأبه بالموت


الدكتور ابراهيم الخزعلي
20/7/2008
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف