الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأيام السوداء.... في ظلال سياسة - البيت الأسود-

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2008 / 10 / 13
الحركة العمالية والنقابية


تتخبط قوى راس المال العولمية منذ يوم الإثنين الأسود (29-9-2008) عندما إنهارت السوق المالية في نيويورك وتلتها انهيارات في جميع الأسواق المالية – البورصة- في مختلف دول العالم ومن ثم البنوك وشركات التأمين وغيرها من المؤسسات المالية العولمية .

يستمر هذا التخبط الراسمالي ، الذي جاء على شاكلة إجتماعات مُستعجلة لوزراء مالية ورؤساء دول ومنها الإجتماع الذي تعقده الدول في باريس والإجتماعات السنوية للمؤسسات الراعية للعولمة الإقتصادية المنعقدة في واشنطن، والتي تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية - المضروبة في عمودها الفقري الرأسمالي- حيث تتخذ القرارات لهيئات محلية وعالمية ، تهدف الى ضمان دفقات مالية للمؤسسات المنهارة ، لكن هذه التحركات لم تُنقذ الأسواق المالية من مواصلة الإنهيار الذي نشهده في انهيار السوق المالي ، وهذا الأسبوع هيمن على وسائل الإعلام التعبير "الأسبوع الأسود" ... بسبب إستمرار الإنهيار في اسعار الأسهم وتكبد المُستثمرين الخسائر الكبرى التي تُقدر بترليونات الدولارات الأمريكية ...فهل نحن بإنتظار مصطلحات "سوداء" أخرى مثل "الشهر الأسود" او "السنة السوداء" ..بسبب إستمرار الأزمة الرأسمالية ومواصلة الإنهيارات ليس فقط في السوق المالي ، بل في مختلف الشعاب الإقتصادية المحلية والعالمية ؟؟

مصطلح "الثلاثاء الأسود " تم إطلاقه على يوم الثلاثاء 29 -10-1929 من القرن الماضي عندما إنهارت الأسواق المالية خاصة في الولايات المتحدة يومها ، وبدأ مع ذلك الإنهيار مشوار الأزمة المالية من ذلك القرن.، التي إستمرت على مدار عدة عقود ، دفعت الشعوب الثمن الغالي من اجل النهوض من تلك الأزمة التي حملت في طياتها ، إنكماش اقتصادي وتباطؤ وركود وبطالة وفقر وغيرها من المصطلحات التي تعبر عن الضائقة المعيشية التي خلفتها تلك الأزمة يومها ،ويتوقعها الخبراء في ظل الأزمة القائمة

الأزمة الحالية التي عبرت فترة مخاض طويلة إستمرت اكثر من عام ، وانتهت فترة المخاض هذه في يوم "الإثنين الأسود" ، أتت في مرحلة تختلف عن أزمة "الثلاثاء الأسود" من القرن الماضي ، فهي ازمة الليبرالية الجديدة التي نجدها اليوم تتخبط في أزمتها وتتخذ قرارات تنافي كافة المصطلحات التي غذّت بها علوم الإقتصاد خلال الفترة الأخيرة مثل "عدم التدخل في الأسواق" و"فتح الأسواق للتجارة الحرة" و"عدم تدخل الدولة في الإقتصاد" . نعم جميع القرارات التي إتخذها أبطال السياسة الإقتصادية الذين أطلقوا على انفسهم إسم "الليبراليون الجدد" ممن يقطنون معقل البيت الأبيض ، الذي يجب تغيير إسمه هذا وتجانسا مع "الإثنين الأسود" الى :البيت الأسود" ... تتنافى مع دعوتهم الى السياسة الليبرالية الجديدة ، ونجدهم كدول يتدخلون في الإقتصاد وفي الحركة الإقتصادية ... من اجل انقاذ تلك المؤسسات المالية العولمية وأصحابها وهم يلحسون جميع تصريحاتهم السابقة عن عدم تدخل الدولة في السوق .

في ظل غبار وغيوم هذه العاصفة – الأزمة التي تعصف بالأسواق المالية ، لم نسمع أي تصريح من هؤلاء القادة والزعماء يتعلق بخطر الأزمة وتأثيرها السلبي الكبير على الطبقة العاملة ،اذا كان على صعيد الدولة نفسها ،ام على الصعيد العالمي ، ففي ظل هذه الإنهيارات المالية الكبيرة ، هناك مليارت البشر وفي مقدمتهم العمال والأجيرين والمتقاعدين ، ممن فقدوا ودائعهم المحدودة وتاميناتهم التقاعدية، جراء هذا الإنهيار الذي كان نتيجة التهور وفقدان الرقابة الحقيقية على مدخرات الجمهور، وسحب الدول يدها من أية مسؤولية تجاه مواطنيها وفي مقدمتهم الطبقة العاملة التي قدم اولئك الحُكام مصالحها قرباناً للقوى الرأسمالية بدون مقابل .

قرارت مختلف الهيئات الدولية وفي مقدمتها وزراء المالية وقادة الدول ،بخصوص تغذية الأسواق المالية بسيولة نقدية ، من اجل "إنقاذ" المؤسسات المالية الرأسمالية ، لا تأخذ بالحسبان الشريحة المُجتمعية الواسعة من متقاعدين وعمال وعاطلين عن العمل ، حيث قررت تلك الهيئات الرأسمالية مد يد العون بلا حدود لتلك المؤسسات على حساب اموال الشعوب ومن ميزانياتها وهي تعي ان من سيدفع الثمن لهذه السياسة الرأسمالية المغامرة الشعوب على مختلف فئاتها ، وبذلك يقومون بتحويل اعباء تلك الأزمة وتبعاتها الى كاهل ووزر الطبقة العاملة والجمهور الواسع في مختلف الدول ، بينما تواصل قوى راس المال العيش في رغد الدعم الغير محدود من قبل الليبراليين الجدد ، بدون اي التزام او ضمان او تعهد بنشر شبكة امان تضمن الودائع والتامينات والتوفيرات الخاصة بالعمال والمتقاعدين وإعادة الاموال التي قامت تلك المؤسسات المالية بإقتطاعها من التوفيرات واموال صناديق التقاعد تحت شعار "تكبدها الخسائر" جراء هذا الإنهيار المالي .

لم ينجل بعد غبار تلك العاصفة المالية لتكشف لنا كامل الحقائق والقرارات التي تم إتخاذها من اجل انقاذ قوى راس المال ، لكن هناك حقيقة واحدة لا نحتاج لأن ننتظر ذلك الإنجلاء ، وهي ان من سيدفع كامل الثمن لهذه الأزمة هم أبناء الطبقة العاملة والمتقاعدين وغيرهم من الشرائح المُستضعفة ، فالدول ستحتاج الى مصادر مالية من أجل تمويل هذا الدعم الغير مشروط الذي قررت ان تقدمه للكارتيلات الرأسمالية المالية ، هذه المصادر ستكون من بعض الإحتياطي المالي ومن القيام بتقليصات في الميزانيات ، أي تقليص الخدمات والإستثمارات في مشاريع البنية التحتية وتقليص في القوى العاملة وفي مختلف المخصصات التي تقدمها للشرائح المُستضعفة ومخصصات التقاعد والتامين الصحي وميزانيات التعليم والتاهيل المهني والرفاه وغيرها ، مما سيكون له التأثير السلبي على مستوى حياة ابناء الطبقة العاملة ، وهكذا سيكون أثر هذه القرارات سيئ جداً على حاضر ومستقبل العمال على مختلف مهنهم محلياً وعالمياً .مما يجعلنا نؤكد على ان الخطر القادم هو كبير ، وقد تكون السنوات القادمة "سنوات عجاف" اقتصادياً ، رغم المحاولات المُستميتة التي يقوم بها "خبراء الإقتصاد الليبرالي " من اجل التخفيف من سوداوية الأزمة ، وايامها وشهورها وسنواتها السوداء القادمة ، لكنهم لا يستطيعون التهرب من حقيقة كون هذه الأزمة تؤكد فشل المسار الفكري الذي يعتمدون عليه .

لذا لا بد من تشكيل جبهة نضال نقابي عالمي تتوحد فيها الجهود من اجل مواجهة هذه الأزمة ، ومحاولات اباطرتها بتحميل تبعاتها للطبقة العاملة محلياً وعالمياً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتى تحقيق مطالبهم كافة.. طلاب في جامعة غينت البلجيكية يواصلو


.. شركة ميكروسوفت تطلب من موظفيها العاملين في الذكاء الاصطناعي




.. محامون ينفذون إضرابا عاما أمام المحكمة الابتدائية في تونس ال


.. إضراب عام للمحامين بجميع المحاكم التونسية




.. توغل صيني في سوق العمل الجزائري