الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظهور راسمالية الدولة التبعية

بلكميمي محمد

2008 / 10 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لقد سجلنا سابقا بان الراسمالية التبعية المغربية ، قد مثلت التجاوز التاريخي للراسمالية الكولونيالية ، لكن الراسمالية التبعية ، ماهي ؟
ان عبارة « راسمالية تبعية » لاتعبر سوى عن مفهوم عام مجرد ، شانه شان كل المفاهيم المجردة الاخرى مثل ، الانسان ، المادة ، الوطن ، الحياة ... الخ
فانا مثلا عندما اكتفي بالقول : الانسان ، فاني بذلك ابقى في المجردات ، ولايمكنني الانتقال من المجرد العام الى الملموس المعين ، الا اذا تقمص المفهوم المجرد مضمونا ملموسا ، كمثل تجاوز مفهون الانسان بشخص جمال عبد الناصر ، او شخص فيروز ، او أي شخص محدد اخر .
كذلك هو الحال تماما بالنسبة لمفهوم الراسمالية التبعية المغربية اذ لكي يمكن تجاوز ذلك المفهوم المجرد ، لابد من مضمون ملموس محدد ، فماهو اذن المضمون بالنسبة للراسمالية التبعية المغربية ؟ .
ان هذا المضمون لم يتحدد تاريخية بطريقة اعتباطية ، من طرف هذا الزعيم السياسي او ذاك ، او وفق رغبة هذه القوة الاجتماعية او تلك ، ولكنه تحدد بفعل الضرورة التاريخية ، لان الذي حدده هو الراسمالية التبعية المغربية نفسها ، انسجاما مع واقعها القائم حينئذ ، وهذا الواقع نفسه ، قد انجبه التناقض الموضوعي الذي كان قائما في نهاية المرحلة الكولونيالية / كيف ذلك ؟
ان التناقض الذي جاءت الراسمالية التبعية لحله ، لم يكن بين طبقة بورجوازية مغربية مكتملة النمو ، وبين الراسمال الكولونيالي المعيق لذلك النمو ( فالبرجوازية المغربية كانت في ذلك الوقت ، لاتزال في بدايات تطورها) ، ولكنه كان بين الاقتصاد الراسمالي المغربي الذي اصبح ذا طابع وطني ( بحكم انتشاره وتوسعه على الصعيد الوطني ) ، وبين استمرار السيطرة السياسية الكولونيالية عليه ، من هنا فان حل ذلك التناقض حلا موضوعيا تاريخيا ، كان يقتضي احداث التطابق بين الاقتصاد والسياسة ، أي تحول الاقتصاد الراسمالي الوطني الى اقتصاد وطني حقا ، عن طريق تحريره من السيادة السياسية الكولونيالية ، وهو التحرير الذي كان يقتضي بدوره تحويل الدولة الكولونيالية الى دولة وطنية مغربية .
ان التطابق بين الاقتصاد والسياسة ( او وحدة الاقتصاد بالسياسة ) ، هو نفسه الذي حدد موضوعيا الشكل الذي ستكون عليه الراسمالية التبعية الخارجة حديثا من احشاء الراسمالية الكولونيالية ، ذلك ان الدولة المغربية الوطنية ، في غياب طبقة بورجوازية مكتملة النمو ، لم تكتف فقط بتأميم السياسة ( الغاء الدولة الكولونيالية وتحويل السيادة السياسية للدولة الوطنية ) ولكنها عمدت ايضا الى تاميم الاقتصاد نفسه ، عبر اخضاع المرافق الاقتصادية الاساسية لسيطرتها ضمن القطاع العام ، ومن هنا كان الشكل الاول الذي ظهرت به الراسمالية التبعية المغربية ، هو راسمالية الدولة التبعية .
ان الراسمالية المغربية التي تجسدت اقتصاديا في شكل راسمالية الدولة ، قد تطورت وتوسعت أيضا على اساس ذلك الشكل نفسه . هكذا كان شكل راسمالية الدولة حاضرا وممثلا في كل شيء ، في الزراعة ، في الصناعة ، في التجارة ، في المال ، في النقل ، في المعادن ، في الكهرباء ، في الماء ، في البريد ، في السياحة ، وغيرها .
لذلك ليس من قبيل الصدفة ، اذا كانت راسمالية الدولة المغربية تعتبر اول مستثمر ، واول مشغل لقوة العمل ، واول زبون واول مصدر .
ان القوة الاقتصادية لراسمالية الدولة ، يعبر عنها عدد المؤسسات الخاضعة لها ، وفي سنة 1983 ، بلغ عدد مؤسسات القطاع العمومي 600 مؤسسة .

في الجزء المقبل : تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا.. الشرطة تعترض مسيرة احتجاجية نظمها 6 مترشحين للري


.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين وصحفيين بمخيم داعم لغزة




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -