الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة طريق للبحث عما هو خارج ألذات

رحاب حسين الصائغ

2008 / 10 / 14
الادب والفن


أجرى الحوار: صالح البيضاني
رحاب حسين الصائغ كاتبة وشاعرة عراقية من مدينة الموصل تحاول من خلال نشاطها الابداعى الذي تمخض عن إصدار عشرة مجاميع شعرية أن تقول إن المبدع العراقي قادر على تجاوز العوائق التي فرضها الواقع السياسي والأمني.. وعن واقع المبدع العراقي في الوطن والمهجر والكثير من القضايا الثقافية كان هذا الحوار:

*هل تسبب الواقع العراقي في زيادة مساحة الكتابة الذاتية في الأدب العراقي أم حصل العكس؟

- للإنسان وعى يملكه وعلى أساسه تجد كل مستجدات أفكاره، والاستحواذ الذاتي يعتبر شيئا غير مقبول، والحصول على الإمكانيات الأخرى هو ما يهدف إليه في سعيه، وهذا معروف عند الإنسان في وادي الرافدين، منذ محاولاته الأولى في البناء والتقدم الحضاري، في اختراعه الزراعة والكتابة وأساسيات الصناعة مثل وجود العتلة وغيرها من أدوات الآلة الأولى، والإنسان بطبعه يحلم بكل ما يعمد إلى التطور والحضارة.

إن ما يحصل للواقع العراقي هو البحث عن سر الخلود والبقاء من خلال الكتابة والمعرفة وهو طريق للبحث عما هو خارج الذاتي، لذا استطاع الأديب العراقي الحصول على نوع من الخلاص فى واقع سببته الظروف المحيطة به أنواع مختلفة من الخوف.

* كيف انعكست ظروف العراق السياسية على الأديب والكاتب العراقي؟

- انفتح أكثر على نفسه وانطلق إلى مساحات أكبر في طرح أفكاره وآرائه وأصبح بعيدا عن القيود، وتطورت أفكاره باتجاهات أخرى لكنه آنيا يعانى عدم الاستقرار الذي يأملهُ ويود أن يجده في ظل العراق، العراق الذي في قلبه وداخل كل ذرة من جسده يقع، والعراقي الذي دائما يطمح إلى الحرية العامة، والحرية الفكرية والعلمية والثقافية، لكن يبدو انه محكوم على العراقي أن يتقلب بين أنواع مختلفة من الخوف، خاصة بعد ظهور تحديات جديدة خارج سياق أي منطق يصب في خدمة العراق الحبيب جملة وتفصيلا، ما انعكس على الكاتب والأديب في شكل ظروف قهر جديدة، وبدلا من العودة والانضمام إلى البلد تعرض الأديب للتهجير والإقصاء مرغما، نتيجة لما تلبس الواقع العراقي من ألم لا يتلاءم مع التغيير المطلوب.

والذي حصل أن الأديب العراقي أصبح يعيش وسط جلجلات أصواتها غير معروفة بالتحديد، ورغم ذلك بقى الأديب والكاتب العراقي قلمه مستمرا في الإبداع وسائرا فى اختراق الظروف القاسية بفكره وإبداعه المتنوع، أما ما يمر به حاليا من قسوة الحدث فقد زاده عنادا في معانقة قلمه.

قمة الخلاص

*تنشطين من خلال الكتابة الالكترونية عبر مواقع الانترنت.. هل وفر الانترنت لك هامشا أكثر رحابة للكتابة وتجاوز الحدود التقليدية للمكان؟

- ألنت كالمرآة بالنسبة إلى الأديب والكاتب في هذا العصر الذي فسدت فيه كثير من الأمور والعلاقات وأصبح الإنسان شبه محنط وخاصة المرأة، وعلاقتي بالنت علاقة تكاملية مبنية على مبدأ يحمل كل الحرية التي أبحث عنها وعلى كافة المستويات من ناحية المجال الثقافي الأدبي وخارج الحدود التقليدية للمكان، أبعد عنى ما يسمى بالتهميش، بل بالتحديد أكمل لي فضاءاتى ولولا وجوده لما كنت حصلت عليها وأنا بحاجة إليها ككاتبة، ولولا ألنت لكنت في سجن الحياة ودهاليزها المظلمة.

وبما أنى لا أحب الجمود لكنت أعمل في مجال آخر غير الفكر مثل الحياكة أو الخياطة واندثر مثل باقي النساء في ظل آخر وأموت كمدا لما أحمل من نشاط فكرى يتعبني جدا، فبطبعي أحلل كل ما يصادفني وأتعقب كل شاردة وواردة من حولي وأتساءل بيني وبين نفسي لما هذا؟، ولما هكذا؟، ولما هذا كذا؟، وبما أنى في صغرى سألت عن بعض الأمور ولم أجد لها جوابا شافيا لدى من حولي، تحولت للقراءة عسى أن أشفى غليلي من معرفة أبعاد كل ما يحدث وأشاهد، وبعد قراءة دامت ما يقارب العشرين سنة، حاولت الكتابة، ولكن كنت أجهل أبعاد ما أكتبه وأخاف من أن يقال عنى ما لا أحب سماعه..

كان كل شيء اكتبه في طي العتمة، وبعد ما يقارب الخمس عشرة سنة وعند لقائى بزوجي واحتضانه لرغبتي ورعايته لي وتوفيره الجو المناسب للكتابة وتشجيعه الدائم وتحفيزي على عدم الشعور بالخوف والانطلاق نحو الساحة الأدبية وخوض غمار عالم الفكر الذي املكه، بقيت ست سنوات اكتب دون أن يحظى ما أكتبه بالموافقة على النشر.

ويوم نشرت لي قصيدة "رحلة في قعر الشيء" ولاقت نجاحا في الأوساط الثقافية بالموصل كان لها صدى في نفسي وبعدها ومنذ ذلك اليوم لم أتوقف عن الكتابة ومتابعة القراءة بل كنت أعاود قراءة ما سبق. للنت فوائد لا تعد ولا تحصى وبالذات للمرأة، لأن وجوده أعطاني مساحة كبيرة لبث طاقاتي الفكرية والنفسية والأدبية، وساعدني على الانتشار ومعرفة صدى كتاباتي، ألنت قمة الخلاص من التقييد والتحنيط والتحجيم للفكر.

تحليل وتماوج

*تكتبين العديد من الأصناف الأدبية.. هل يلبى هذا التنوع احتياجات داخلية للكاتب عموما؟

- الكتابة شيء يشبه النهر الجاري وتدفقه لا يقف عند حد أو صد، والقارئ الذي يطالع كثيرا لا بد أن يكون مع مرور الزمن قد تخمرت عنده أفكار متنوعة وكلها ضمن مجال فكره، فما بالك إن كان نهما في القراءة ويحب التحليل للفكر الذي يتماوج معه أثناء القراءة وفى نفس الوقت تتشكل أيامه بتجارب قاسية خاصة وعامة تشمل حياته وحياة المحيطين به وتصل حد الشعب والبلاد، منذ صغرى وكلى لهفة للحصول على الأجوبة المفقودة لهذه المعرفة.

ولم اترك لحظة تمر من حياتي دون قراءة وكل يوم مع كل فكرة تدخل رأسي ازداد شوقا للبحث عما عرفته من خلال القراءة وأجد كل ما يغذى حاجاتي الفكرية والنفسية والجمالية، ولم تسلبني القراءة خصوصيتي.

ولم استسلم لفكر معين أو أنقد له على العكس كنت أفتش عن أسباب وجوده ومن الذي أوجد مثل هذا الفكر ولماذا تحيزوا أو انقادوا أو تشعبوا، واربط بعض التأويلات التي تجتاحني مع ما عندهم من أفكار طرحوها بصيغهم وأسلوبهم وبعد ذلك اخرج بأفكار خاصة بي، وأدون ملاحظاتي عليها واتركها لزمن ثم أعود إليها لأجد فيها الجيد وما يحتاج إلى مزيد من التفكير.

مجموعتي الشعرية الأولى كتبتها وتركتها لسنوات قبل أن تحصل على موافقة رسمية عام 1998 لأنه سبق أن طبعتها عام 1989 ولم تلق رواجا وبقيت دون موافقات رسمية وطبعت منها 20 نسخة، بعد الصيغة الجديدة وتنقيحها شاهدت النور فى ظل أجواء جديدة أعطتها وأعطتني سمة الظهور على الساحة الأدبية.

ثم توالت كتاباتي في مجال القصة والدراسة والمقال والرواية التي هي تحت الطبع حاليا، وجهودي هذه هي ثمن تعب وسهر وجهد ليس بالهين أو اليسير، ولكن قمة سعادتي هي لحظات الانتهاء من موضوع بدأته، وأتمنى لو عاد بي الزمن لكنت أكثر نشاطا.

تقلبات

*الأحداث المتسارعة في العراق والتقلبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ..هل ساهمت في خلق أجيال متباينة من الأدباء والمثقفين؟

- العراق زمكانيا وفى حدود مناخه المختلف وعلى مدى سنوات لا تقل عن ثلاثة أو أربعة عقود لم يتوقف عطاءه وواضح ذلك في مختلف أجياله، أما ما يعيشه الشباب من تقلبات متسارعة وأحداث آنية فقد ساهم ذلك في خلق نوعية تحمل سمات التباين بحكم التجارب التي مرَّ بها والشباب دائما يحمل الجديد، فما بالك إن كان يعيش تقلبات متسارعة مصحوبة بالألم والقسوة والموت والدخان.

شغف وتنوع

*أخيرا.. هل مرت تجربتك الإبداعية بمراحل معينة؟ وما هي تلك المراحل؟ وما الذي ساهم في خلقها؟

- قبل ارتباطي بزوجي كنت في سجن الأسرة المحافظة جدا والمتزمتة، كنت مفقودة مثل كل امرأة حدود وجودها الكوني في نظرهم لا يتعدى المطبخ وما يجعل منها لولبا مطيعا في جو سلطوي ليس لها خيار في أي شيء ما دام يقدم لها المأوى والطعام وتحيطها جدران عالية.

أما بعد ارتباطي بالرجل الذي قال لي: "أنا خلقت من أجلك" وساندني بكل قوة وثبات وحب وصبر، وفتح لي نوافذ وشبابيك العالم وشرع لي حرية التجوال في عالم الفكر ومساحاته الشاسعة عوضني سجن أسرتي الأولى، وبدأت بفك رموز الإلغاز القديمة، مما جعلني اصرخ فرحا.

وزوجي يملك مكتبة لأمهات الكتب القيمة في الشعر والقصة والنقد والمسرح والموسيقى التي هي اختصاصه والفن التشكيلي والرواية وكتب التراث والأساطير والملاحم والتاريخ الاجتماعي وعلم النفس والفلسفة والفلك والطب، وكتب الاتيكيت والديكور وكل ما يتعلق بثقافة المرأة واهتماماتها الصحية والشخصية والجمالية، أشبعت نهمي للقراءة ولسنوات لم أنم من الأربع وعشرين ساعة من اليوم غير ساعتين أو ثلاث، كي اقدر على تعويض ما فاتنى من معرفة، وأجد ما كنت ابحث عنه من أسرار هذا الكون، شغفِ بالقراءة هو الذي خلق عندي هذا التنوع في الكتابة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا