الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


2700 ليتر من المياه لصناعة قميص واحد !! ..حروب تخفي الحروب

بشير زعبيه

2008 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


لا تخاض الحروب في الغالب تحت عناوينها المعلنة .. فكل حرب تخاض ، تخفي خلفها حربا أخرى لا تكشف عن عنوانها انما تفضحها النتائج ، وكم من شاهد على ذلك يحفل به التاريخ ، من حرب فرنسا على الجزائر الى حرب أمريكا على العراق اذا استحضرنا شواهد تتعلق بمنطقتنا العربية ، واذا زدنا على ذلك – ونحن نتحدث عن منطقتنا – فسنقول أنظر الى دار فور المهددة بحرب مجهزة العنوان (حقوق الانسان وحماية الأقليات) لكنها تخفي عنوانا آخر (النفط) أو ما نسميه في العموم (الموارد الطبيعية ) ومن أجل هذا تخاض الحروب الحقيقية، والا كيف يستقطب نزاع محلي في شبه صحراء وفي زمن قياسي اهتماما دوليا سرعان ما يتحول الى تجاذب ثم قضية دولية ثم ساحة مهيأة لتدخل عسكري سنسمع خلاله أسماء تتردد لدول مثل أمريكا والصين وبريطانيا وفرنسا وهي تما ما القوى الصناعية الكبرى المعنية بالحاجة الى الموارد والصراع من أجلها.
ووفق تقارير ودراسات الخبراء فان كوكبنا موعود بحروب وصراعات قادمة هدفها السيطرة على الموارد الطبيعية أمام معطيات تزايد سكان الكوكب وزيادة الطلب على تلك الموارد التي ينحسر مخزونها دون أن تتجدد أو يصار الى مواد بديلة .. كم من الدم سيلزم لحسم تلك الحروب ؟ وكم من الأرض ستتسع لها ؟
قبل سنوات أصدر البروفوسور الأمريكي – مايكل كلير- كتابين حول الموارد والدم والجغرافيا ، الأول بعنوان (الدم والنفط) والثاني (الحروب على الموارد: الجغرافيا الجديدة للنزاعات) وفي محصلة الكتابين يرى كلير أن ازدياد حاجة أمريكا للنفط ( ستستورد عام 2010 حوالي60 % من احتاياجاتها ) ووجود هذه الثروة في مناطق لا ترتبط بعلاقات ود معها قد يدفعها في حالة الضرورة الى التدخل العسكري ومن ثم سيكون الدم ثمنا مقابل النفط وأن الموارد هي التي ستحدد الجغرافيا الجديدة للحروب القادمة ، ولسنا في حاجة الى أن ندلل على ذلك بأكثر مانراه من دم يسيل في العراق في حرب أمريكا من أجل النفط وممراته رغم كل العناوين الأخرى التي تحاول بها تغطية حربها الحقيقية .. تقول أحدث دراسة ميدانية أعدها مركز استطلاعات الرأي "اوبينيون ريسرش بيزنس" الذي يتخذ من لندن مقرا له ان اكثر من مليون عراقي قتلوا منذ غزو الولايات المتحدة وحلفائها للعراق في العام 2003" بينما تعترف الاحصائيات الرسمية الأمريكية بسقوط أكثر من 3000 قتيل من جنودها خلال المدة نفسها ، ولعل خروج المتظاهرين الأمريكيين بين حين وآخر حاملين شعار ((لا لإراقة الدماء من اجل النفط)) يكشف عن وعي الرأي العام الأمريكي بمعادلة (الدم والنفط ) .
ما قيل حول النفط يمكن أن يقال أكثر منه عن الماء وعن التحذيرات من نشوب حروب وشيكة بسبب المياه ، وجاءت آ خر هذه التحذيرات خلال منتدى دافوس الذي التأم مؤخرا في سويسرا حيث أكد عديد الخبراء الذين شاركوا في المنتدى، ان « هناك مخاوف من تغير المناخ ومن أزمة مياه قد يتأئر جراءها نصف سكان العــــالم بحلول عام 2025 ، وفق نمط الاستهلاك الحالي مع وجود 20 % من سكان العالم يعانون شحّا في المياه" .. وربما « لن يبقى ما يكفي من المياه لتلبية احتياجات العالم من الغذاء بعد عقود قليلة » ، وما يجدر ذكره هنا أن الحديث عن هكذا مشكلة لا يعني النظر فقط الى استهلاك المياه من زاوية استخدامها في أغراض الزراعة والشرب ، فهناك جانب آخر موازي في الأهمية وهو دور الماء كطاقة لازمة للصناعة اذ نقل عن مدير «مبادرات البيئة» في المنتدى دومينيك ويجيري «لا تكمن فقط أهمية المياه في مجال الزراعة والشرب، بل تحتاج إليها كل الصناعات» وكمثال ملفت أورده للتدليل على حجم المشكلة أشار الى أن «إنتاج ليتر واحد من النفط يتطلب استهلاك ما يصل إلى 2.5 ليتر من المياه، و نحتاج إلى 2700 ليتر من المياه لصناعة قميص من القطن، وإلى 4 آلاف ليتر لإنتاج كيلوغرام واحد من القمح، وإلى نحو 16 ألف ليتر لإنتاج كيلوغرام واحد من اللحم البقري».
ان هذه التحذيرات لم تعد سابقة لأوان وقوعها الفعلي أي لم نعد نسمعها أو نقيمها في سياق كونها تنظيرا ، بل هي اليوم أصبحت فعلا قائما على الأرض في غير مكان من العالم وان كانت هذه الأمكنة متباعدة على خريطة الجغرافيا التقليدية الا أنها وفق الخريطة الجديدة للنزاعات أصبحت قريبة بل هي واحدة يربطها عنصر (الموارد) فما الذي يجمع كما يقال بين أفغانستان والعراق وما يحدث فيهما : انه نفط الخليج ومعابر تصديره .
ان هذه الخريطة أو الجغرافيا الجديدة للنزاعات هي التي ينبغي أن تبنى عليها استراتجياتنا الجديدة نحن كبلدان هذه المنطقة القريبة من النفط والماء .. ان العراق أو دار فور على سبيل المثال وفق هذه الاستراتجية لن تكون بعيدة عنا ، ولم تعد الكيلومترات والأميال هي مقياس التقارب أو التباعد في هذه الخريطة أو الاستراتيجية الجديدة .. ان الموارد الطبيعية والحيوية هي التي ستصبح المقياس في رسم السياسة الخارجية وتحديد أولويات التعامل مع الآخرين ، كما ينبغي في ضوء ذلك القراءة الواعية للمتغيرات المحيطة ولما يبدو فيها من توترات بين حين وآخر تحت عناوين مخادعة قد تجر الى صدامات أو حروب ليست تلك عناوينها الحقيقية ، انما هي حروب تختفي وراءها حروب أخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا