الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق الذي يريده الأكراد : ماوراء اجتماع دوكان واشياء اخرى

مصطفى الكاتب

2008 / 10 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بداية اود التوضيح انني كنت ومازلت متعاطفا مع الشعب الكردي ومعاناته ولم ولن اتخذ في يوم من الايام موقفا شوفينيا ضد الأكراد ، ولكنني ارى ان النهج الذي أخذت تسلكه الاحزاب الكردية بعد التغيير مازال اسير التصورات القديمة رغم كل مايدعيه القادة الاكراد عن ايمانهم بعراق جديد "فيدرالي" و"موحد" ، فالطريقة التي يتصرفون بها لاتوحي ابدا بان هناك امكانية للتوفيق بين المفهومين ، فالعراق الفيدرالي الذي يريدونه هو ذاك الذي يغدو فيه اقليم الحزبين دولة مستقلة لايمكن للحكومة المركزية ان تتعامل معها الا كند ، فالحكومة "الاتحادية" غير مخولة بـ"التدخل" بشؤون الاقليم حتى عندما تتصرف قيادته ضد مصلحة العراق ككل وكما يحصل في استضافتها لعناصر من حزب العمال الكردستاني ، الجيش "الاتحادي" غير مخول بدخول الاقليم ، وزارة النفط "الاتحادية" غير مخولة بالاشراف على السياسات النفطية للاقليم ، والحكومة عليها ان "تتفاوض" مع الاقليم من اجل حل المشاكل في "المناطق المتنازع عليها" وهي التسمية التي تطلق على اراض خارج الاقليم تخضع لاحتلال الميليشيات الكردية ، ووصل الامر الى ان مدينة عراقية رئيسية وغير كردية مثل الموصل تصبح مناطق نفوذ موزعة بين الميليشيات الكردية وتنظيم القاعدة وعندما تحاول الحكومة الاتحادية التدخل فانها تواجه بعراقيل امنية وسياسية يرافقها زعيق اعلامي تتحالف فيه الاحزاب الكردية مع التنظيمات الارهابية لافشال هذا التدخل . اما العراق "الموحد" الذي يريده الاكراد فهو ذاك العراق الذي عرفناه بعد 2003 حيث الحكومة المركزية ضعيفة ومقسمة الى مراكز قوى للاحزاب الرئيسية ، والتي يتصرف وزرائها الاكراد وكأنهم خارج هرم المسؤولية في تلك الحكومة بل وعندما تستحدث مشكلة مع الاقليم يصبحون طرفا مفاوضا لها ، انه العراق الموحد القابل للتصدع مع اي خطوة تقوم بها "حكومة بغداد" ولاترضي "حكومة اربيل" ، انه العراق "الموحد" الذي لاتعني صفة الوحدة فيه غير ورقة توت تخفي شتاتا لايريد الزعماء الاكراد له ان يلتم ...
مناسبة هذا الحديث معلومات جاءت من هنا وهناك لتستكمل صورة طالما تمنيت ان لاتكتمل ، واقصد بها صورة الاكراد وهم يتآمرون ضد العراق الذي ولأول مرة يريدهم ان يكونوا ابنائه . فالصحف الكردية وبقية وسائل الاعلام التابعة للاحزاب الكردية شرعت مؤخرا بحملة اعلامية تستهدف رئيس الوزراء المالكي تذكرنا بحملة سابقة استهدفت الجعفري ، وهي حملة تردد نفس الاسطوانة القديمة عن محاولة رئيس الوزراء التصرف بطريقة فردية وبـ"ديكتاتورية" وهي التعريفات الكردية لاي رئيس وزراء يسعى ان يعيد بناء الدولة ويقوي دعائمها ووحدتها ، هذه الحملة تزامنت وتبعت اجتماعات القادة الاكراد في "اقليمهم" ثم لقاءاتهم مع نيغروبونتي الذي زارهم حاملا غضبه من عدم تكالب المالكي على توقيع الاتفاقية الامنية كما هم "الاصدقاء الاكراد " ، واخيرا لقاء الطالباني وبحضور البرزاني كلا من عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ، واعلان محمود عثمان اثر ذلك ان رئيس الوزراء "خلق مشاكل كثيرة مع أميركا والأطراف السياسية العراقية، وأن اجتماعات دوكان جاءت لحل تلك المشاكل" . هذا التوجه الكردي وجد لنفسه وعاءا "مصلحيا" اقليميا – دوليا يلتقي مع الاكراد في ذات الهدف ، اي ان لاتكون لدى العراق دولة قوية . فالمعلومات تشير الى ان مسعود البرزاني كان قد زار السعودية مؤخرا وان الاخيرة طلبت منه مقابل "دعم مالي لامحدود" ان يرمي بكل ثقله ضد حكومة المالكي "وضد الشيعة عموما" ، ومؤخرا كان من اللافت ان السيد عبد الرحمن الراشد مدير قناة العربية التي توصف بانها الاكثر قربا من السياسة الامريكية في المنطقة، وهو معروف ايضا بقربه من العائلة السعودية الحاكمة ، قد كتب مقالا غريب الاطوار كان فحواه ان افضل مايمكن ان يحدث للعراق هو خروج المالكي ومجئ "عادل عبد المهدي او الجعفري" لرئاسة الوزراء ، واذا كان اسم الجعفري قد اقحم للتورية ربما فان وضع اسم عادل عبد المهدي وهو عضو المجلس الاعلى الذي يفترض انه "غير مقبول من السعوديين لعلاقته القديمة بايران " انما يوحي بان الراشد ومن اشار عليه بهذه النصيحة يتصورون بديلا لابد وان يناسب مقاسات الاحزاب الكردية التي طالما اعتبرت عبد المهدي صديقها المفضل .
المسألة اكبر بالتأكيد من رئاسة الوزراء ، انها تتعلق بما يريده الاكراد للعراق و بما لايريدونه ، فهم بالطبع يريدون عراقا هم جزء رئيسي فيه وهذا من حقهم ، لكنهم لايريدون عراقا تحترم فيه طموحات ومصالح الاجزاء الاخرى ، هم يريدون عراقا مستقرا الى الحد الذي لايخرب "منجزاتهم " ، لكنم لايريدونه مستقرا الى الحد الذي يصبح للاخرين منجزات فيه ، انهم يريدون عراقا يدفع ميزانية الاقليم ، ولكن ليس عراقا يسأل اين صرفت هذه الميزانية ، عراقا يحتلون مواقع رئيسية في مؤسساته الاتحادية ، ولكن ليس عراقا يمكن فيه لتلك المؤسسات ان تتدخل في توجهات احد اقاليمها . السياسيون الاكراد يتطرفون الى الحد الذي بات واضحا ان وحدة وسلامة الدولة العراقية ليست بين اولوياتهم ان لم نقل ان نقيضها هو بين هذه الاولويات ، وهم في تطرفهم هذا يدفعون الاخرين كي ينتجوا تطرفا مقابلا ، والاستقطاب "القومي" لن يكون قطعا مباراة مثمرة لهم في بلد ثلثا سكانه على الاقل ليسوا اكرادا .
المشكلة لاتكمن في الزعماء الاكراد فقط ، بل وايضا بالسياسيين العرب الانتهازيين "سنتهم وشيعتهم " من الذين لايجيدون الا اللعب على التناقضات الداخلية والاقليمية من اجل اهداف مصلحية ضيقة ، وهي للاسف ذات السياسة التي صارت الاحزاب الكردية تعتنقها اعتناقا الى حد ان ممثليها في بغداد لعبوا دورا رئيسيا في اضعاف الموقف التفاوضي العراقي حول الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة ، في تناغم ملفت مع مايبدو فلسفة لعلاقتهم بالعراق ، اي أن يكونوا جزءا منه كي يضمنوا ان لايصبح الكل قويا ومعافى بما يكفي ليعاملهم على انهم كذلك : مجرد جزء منه !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان