الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن البوصلة

محمد أحمد

2008 / 11 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يمكن القول بأنّ الثنائيات المتناقضة التي تحكم أغلب النظريات والأيديولوجيات أصبحت غير مؤكدة فلا يمكن تصور أن تكون الأشياء محكومةً بثنائيات مطلقة (أبيض – أسود) أو (خير – شر) أو (كبير – صغير) أو من قبيل ثنائية (رأسمالية – اشتراكية) أو ثنائية (إيمان – إلحاد) إلى ما هنالك من ثنائيات مرسومة وثابتةٍ في الأذهان والأدبيات كحقائق مطلقة.
مقدمة لا بد منها:
بما أنّ مقتل الأفكار والأيديولوجيات اعتبار نفسها "كليّة مطلقة" هو من أحد المبادئ الصحيحة، واشتمالاً على أنّ المنطق الرياضي جدلي متجدد، والحياة متسارعةٌ في معطياتها، تلهث ورائها النظريات أو أنّها استباقيةٌ تخيلية تحاول فهم أغوار الكون والكائنات، أو رياضيةً حالمةً تؤسس للإبداع العلمي وتفتح آفاق التقدم التقني والمعرفي، أو هي تشكيل إبداعي يكتشف قدرات ومكنونات البشرية ومؤسسٌ لرقي قيمي إنسانّي، ولئن كان الجبر المنطقي الذي أنتج ثنائية (0-1) الذي بنيت على أساسه تقنيات الحوسبة والرقميات أو العالم الرقمي بما نجده الآن حولنا محيطاً بكافة جوانب الحياة، ورغم ذلك لم يكن هذا الجبر هو نهاية الفتوحات العلمية في مجال الرياضيات وتطبيقاته الهندسية، ولكنّه أيضاً أطلق ثنائية جديدة هي (0-1) واعتبرت ثنائية مقدّسة على قياس قدسية الثنائيات السابقة، فهل هذه الثنائيات هي حقيقةً ثنائيات مقدّسة مطلقة الصلاحية والإلزام ؟، بالتأكيد إنّ الجوب هو بالنفي ففي مجال العلوم أثبتت التجارب العلمية عدم كفاية هذه الثنائيات أو عدم مصداقيتها، فمثلاً ثنائية (ناقل- عازل) تبين بعدها أنّ هناك أنصاف النواقل التي ولّدت الإلكترونيات الحديثة، وثنائية الألوان باءت بالفشل وثنائية جبر بول أو الجبر المنطقي رغم ما قدّمته من فتوحات علميّة إلاّ أنّها جوبهت وتم سبر أغوارها واهتزت قواعدها المطلقة بما جاء حديثاً من تطبيقات جبر Fuzzy والذي أطلق عليه الجبر الضبابي، الذي اكتشف العالم الهائل بين تلك الثنائية والذي ثبت قواعده الرياضية والمنطقية وبدأت تطبيقاته العلمية التي سدت ثغرات عجز عنها كل ما سبقها من نظريات في الرياضيات، وتتمثل تطبيقاته في مجالات الهندسة المتنوعة.
محاولة للفهم:
وبيت القصيد في تلك المقدمة التي تحتاج إلى تفصيل علمي دقيق، هو ما يطرح من توصيفات متعددة وحداثية أو شتائمية على الاتجاهات الفكرية، أو بمعنى أنّ المطلوب هو الخروج من عقدة العناوين باتجاه المعاني الحقيقية، وبعيداً عن الآراء التوفيقة والتي ما تلبث أن تتحول إلى تلفيقية براغماتية، التلفيقة التي نراها تصنع خلطات غير متقنة لتوائم لفظياً ولغوياً أو استجدائياً بين متناقضات لا يمكن أن تستوي أو تتوائم، أمّا فيما يتعلق بالتوصيفات فإنّه يتم اللجوء عادةً إلى استجداء المصطلحات أو محاولة استخدام مصطلح ذي شبهة مثلاً كأن يستخدم أحدهم مصطلح الليبراليون الجدد لتوصيف حالة الليبراليين العرب متوجهاً في قصده إلى سياسة المحافظين الجدد تعميماً وتعمية على أنّ الليبراليين العرب هم صنيعة "بوشية" بامتياز، أو بتوصيف مقابل يستخدم صفات نضاليّة أو بطولية على الحركات الإرهابية التي ما فتئت تفتك بالإنسانية عبر العصور، أو توصيفات القداسة على منتهكي حقوق الإنسان وأئمة فكر التكفير والتطرف والشعوذة، وهنا لابد من التنويه إلى ما تشهده ساحة الإعلام من توصيف لا يخلو من الشبهة، حيث تعمد إلى لقاءات وحوارات مع بعض الإرهابيين المتقاعدين تحت مسمى مفكر إسلامي أو باحث في شؤون الجماعات الإسلامية وهي شخصيات لم تجف بعد الدماء التي سفكتها، غير متناسين هنا الصفة الأخرى الأشد غرابةً هو ما يطلق على فقهاء التجهيل من صفة "علماء المسلمين" وفي كل تلك الحالات استباحة للمنطق والعقل وتشويه متعمد.
والآن بين أيدي مهرة الصناعة الخطابية ونجوم فضائيات الفتاوى الصريحة أو المبطنة وفضائيات "البترودولار" أو "النهب دولار" وفضائيات "دقي الربابة" إلى مواقعهم على شبكة الإنترنيت، جملة من مصطلحات تبدو للوهلة الأولى حداثية لتصبح على أرض الواقع قنابل لا تختلف كثيراً عن مفخخات التفجير، وعندما تصدر هذه القنابل ممن تحدثنا عنهم سابقاً تتحول إلى قنابل "ربانية" لا يجوز التعرض لها أو المساس بقدسيتها وتتحول بين أيدي المنفذين إلى أحزمة ناسفة، يؤيدها على ما يظهر تيارات شعبية مساقة بقدرية حولّتها "آيات الله وعلماؤه" إلى بؤر ومؤسسات أو جماعات أو شعبيّة رافدةٍ ومؤيدةٍ للإرهاب، وذلك بتحويل إيمانها المتوارث السلمي الذي يملأ خواء الروح إلى تدين سياسي تحت شعار "الإسلام هو الحل" وغيرها.
ولعّل البحث ينصبّ الآن لدى الليبراليين العرب رغم قلتهم والعدائية تجاههم، حول الالتفاف على فهم ما يحدث من انهيارات مالية وانهيار أسواق المال والبنوك وأزمة الرهن العقاري وغيرها من أزمات الاقتصاد الليبرالي، ورغم الجهود التي بذلها ويبذلها رواد الليبرالية العربية للخروج من عباءة الأيدولوجيات المطلقة التي تشبه إلى حد بعيد توصيف أحد المفكرين المرموقين " جرب كلما حككته ازداد انتشاراً وحكاً"، ومن ناحية أخرى نسمع صرخة أيدولوجية لم تستفق بعد من خمسينيات القرن الماضي تقول " انهض أيّها النبي ماركس فقد صحت نبوءتك"، وكأنّه لا يكفينا أنبياء ونبوءات ومنجمين، أو أننا بحاجة إلى "نطاط" يقفز كل مرة "ليستمني" كتب التاريخ أو كتب الفقه عن عبارة هنا أو هناك يخرجها من سياقها ليستخدمها في الموقع غير المناسب واهماً أو مستغبياً الآخرين، أو أنّه يفهم الحدث من ثقب الرؤيا التي تسمح له به أيدولوجيته الدينية أو الماركسية مثلاً.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا الأميركية تهدّد ب«طرد» الطلاب الذين يحتلّون أ


.. دونالد ترامب يحمل نتنياهو مسؤولية هجمات 7 أكتوبر 2023| #مراس




.. ما تداعيات ومآلات تدخل شرطة نيويورك لفض اعتصام الطلاب داخل ج


.. مظاهرة لأهالي المحتجزين أمام مقر وزارة الدفاع بتل أبيب للمطا




.. الرئيس الأمريكي جو بايدن: سنعمل مع مصر وقطر لضمان التنفيذ ال