الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا قال ساترفيلد في السفارة الأمريكية في بغداد؟

صائب خليل

2008 / 10 / 17
السياسة والعلاقات الدولية


لم أجد حتى اليوم أي رد فعل على سؤالي عن الضامن للمعاهدة! سألت في أكثر من مقالة: "بفرض توقيع اتفاقية ممتازة:إلى أين سنذهب لو اختلفنا مع الأمريكان على تنفيذ بنود الإتفاقية؟ الى من سنشتكي إن قالوا غداً إن الأمن القومي الأمريكي يوجب عدم الإلتزام بتأريخ الإنسحاب أو أنهم غير مقتنعين بكفاءة الجيش العراقي لمواجهة الإرهاب بعد، أو أن قوته الجوية ليست على استعداد لحماية سمائه فوق ارتفاع كذا قدم؟"
ولعل السبب في عدم ورود رد على السؤال هو أنه من الواضح للجميع عدم وجود ضامن على الإطلاق! فأمام الأمريكان لايوجد مجلس أمن ولا محكمة دولية أو أي شيء من هذا القبيل.
هذا ما يقوله العقل، لكن الأحلام تفكر بشكل آخر. أنها تقول: ...لعل يمكننا الإعتماد على "إلتزام أخلاقي، أو مبدئي" مثلاً..؟ وهو ما أشار أحد الكتاب إليه مؤخراً، بشكل غير مباشر، كضامن لتصرف أمريكي جديد على ا لتأريخ!
إن فكرة أن الأمريكان ربما تغيروا، تجد صدى لدى الكثير من المثقفين العراقيين، وينسب البعض هذا ا لتغير إلى 11 سبتمبر وآخرون إلى العولمة ومجموعة أخرى إلى نهاية الحرب الباردة...الخ. المهم أنها جميعاً تصب في "تفكير التمني" القائل بأن الظرف تغير وأن مصلحة الأمريكان صارت تقتضي الديمقراطية والعلاقات الإيجابية المتوازنة مع الدول الأخرى وأن الأمريكان قد أدركوا أن من مصلحتهم ألتصرف بشكل عادل وحضاري!

الذين يفكرون هكذا يستبعدون كل الحقائق المزعجة لخطة أحلامهم، ولذا لم تلق التهديدات الأمريكية الأخيرة التي حملها الرئيس الطالباني من الأمريكان، بتجميد أو الإستيلاء على الخمسين مليار دولار المودعة من قبل الحكومة العراقية، إضافة إلى النفط، لم تلق ما تستحقه من اهتمام من تحليل وردود فعل عراقية، واستمر النقاش حول المعاهدة عن مدة البقاء والفصل السابع وحصانة الشركات الأمنية، وكأن لم يطرأ شيء خطير, ولم يستجد ما يستحق التوقف عنده واتخاذ موقف منه.
تجاهل الناس الخبر رغم أنه لايحتمل الشك وهنا أضع روابط للمصادر بضمنها تصريح للسفير العراقي في واشنطن نفسه! (1) وتجاهل الناس الخبر رغم أنه يكشف هذا "الصديق" كما يكشف القمر لصوص الليل.
هل قال الأمريكان للحكومة العراقية أنهم سيعيدون الأموال بعد توقيع المعاهدة؟ لو أنهم فعلوا لربما وجدنا لهم بعض عذر في هذا الإبتزاز الصريح، ولمنا الحكومة على تبعيتها وتبذيرها مصالح شعبها. لكن الأمر لم يكن كذلك...
فقبل بضعة أشهر فقط من إصدار الأمريكان تهديداتهم هذه، وبشكل محدد في 10 حزيران 2008، زار العراق السفير الأمريكي ساترفيلد وعقد مؤتمراً صحفياً في السفارة الأمريكية وقال ما يلي:

"إنها ليست مفاوضات مبنية على الضغط. إنها ليست مفاوضات تبنى على إملاء الإرادة الأمريكية. ليست هناك أية مطالب في هذه المفاوضات. إنها محادثات تم تصميمها لتنتج شراكة ذات معنى، تمتلك بعداً أمنياً، والذي يقصد منه، كما كان القصد دائماً، المساعدة على تقوية العراق، الحكومة العراقية, القوات المسلحة العراقية، لتمكين العراق في النهاية من تأمين الدفاع عن نفسه، من تأمين أمنه بنفسه."

" إننا لن نقوم بأي شيء في هذه المفاوضات يحتمل أن يصيب بالضرر، أو يحتمل أن يضعف الحكومة العراقية. إننا لن نفعل أي شيء في هذه المفاوضات مالم يكن في النهاية في تمام الشفافية."

"إن مبتغانا، كهدف لهذه المفاوضات، أن نجهد لتقوية السيادة العراقية"

"أما بالنسبة للـ 50 بليون التي أشرت اليها، فليس هناك أي مقولة على الإطلاق من أميركا، والتي يستنتج منها بشكل ضمني، مباشر أو غير مباشر، بأن (هناك علاقة بين) وضعية أية أموال قد تتواجد في مجموعة البنوك الأميركية، المصرف الإحتياطي الفدرالي الأمريكي، وهذه المحادثات. إنهما (قضيتان) منفصلتان عن بعضهما تماماً. ولا أستطيع أن أؤكد لك اكثر، بأن أية حسابات أو أي تقرير يدعي بأننا ربطنا بين الموضوعين، فإنه خاطئ كليةً، ومضلل بشكل كامل."

" هناك موضوع حقيقي وهو أن الحكومة العراقية أثارت السؤال عن الكيفية التي يمكن بها حماية أرصدتها دولياً من المطالبات الجدية المحتملة. هذه قضية صحيحة. وهي قضية يتم بحثها بيننا وبين الحكومة العراقية."

"لقد تصرف الرئيس (الأمريكي) ضمن الحدود القانونية والدستورية لصلاحيته لتقديم تلك الحماية، وفعل ذلك بشكل ممتاز. ألقلق العراقي يركز على مطالبات دولية جدية محتملة، مطالبات خارج الولايات المتحدة. لكن هذا ليس مرتبطا بأي معنى للتأثير على هذه المفاوضات. حقاً لا أستطيع أن أكون أكثر وضوحاً في هذا الأمر معكم."

إنتهت مقتطفاتي من المقابلة، وأرى أن السيد السفير ساترفيلد محق تماماً في أنه أكد وكرر مقولته ولا يستطيع أن يكون "اكثر وضوحاً".
وأنتم يا أصدقائي المعترفين بعدم وجود ضامن مادي للمعاهدة، ولكن الآملين بتصرف أمريكي أخلاقي لرادع مبدئي، او التزام بوعد أو خجل من موقف تجنباً لإحراج… الم تكن أميركا واضحة في هذا بقدر ما تستطيع؟ إننا نتعامل مع لصوص يلبسون البدلات، نتعامل مع لصوص العصر أيها الناس...بل مع أسوأ لصوص التأريخ، ونسلمهم بلدنا أمانة بيدهم، بعد أن نطلب منهم أن يكتبوا تعهداً بأن يتصرفوا بأخلاق وصدق! هل يعني ما ينص عليه إتفاق مع اللصوص أي شيء مادام يسمح لهم بالبقاء في البيت ولو لحين؟ هل هناك سبب معقول لهذا الإصرار المتناهي الذي وصل حد التهديد والإبتزاز، من أجل توقيع معاهدة تبقيهم ثلاث سنين لحراستنا من أجل "استقرار العراق" فقط، لو لم يكن في البال أشياء أخرى؟ هل يعقل أن يصل الأمر بفاعل خير لايريد سوى الإستقرار إلى الكذب والإبتزاز والتهديد ليقبل الآخر خيره؟ هل يخاطر أحدكم بالتكهن بحدود الأشياء الأخرى؟


هوامش
(1) التهديد الأمريكي بالإستيلاء على الأمانات العراقية
• كشف السفير العراقي لدى الولايات المتحدة سمير الصميدعي عن وجود محاولات في الكونغرس لمصادرة الأموال والأرصدة العراقية الموجودة في البنوك الأميركية والتي تقدر بنحو 51 مليار دولار لسد العجز في ميزانية بلادهم. وقال الصميدعي إنه تمكن من إقناع أعضاء في الكونغرس بحاجة العراق الماسة الى تلك الأموال وأن من مصلحة الولايات المتحدة صرفها في العراق لتخفيف الأعباء على نفسها بدل مصادرتها.. 11/06/2008
http://www.idu.net/portal/modules.php?name=News&file=article&sid=10867

• واشنطن تضغط مالياً على بغداد لتوقيع المعاهدة الأمنية
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/print.php?sid=34527

• أمريكا تهدد العراق بالحجز على خمسين بليون دولار من أموال العراق اذا رفض توقيع الاتفاقية الأمنية
للكاتب/ باترك كوك بورن: المصدر /Independent .UK ترجمة / آمنة البغدادي /خاص
http://www.alrashead.net/index.php?prevn&id=1270&typen=5

• رابط الموضوع الأصلي بالإنكليزية:
http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/us-issues-threat-to-iraqs-50bn-foreign-reserves-in-military-deal-841407.html

• واشنطن تنفي ممارستها لأي ضغوط على الحكومة العراقية لتوقيع الاتفاقية الأمنية طويل
http://www.iraqmc.com/modules.php?name=News&file=article&sid=1912&mode=thread&order=0&thold=0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف