الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب و سؤال الملكية

إدحماد مولاي عمر

2008 / 10 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


إلى جانب قضية الصحراء و ملف الأمازيغية كملفات كبرى مطروحة على طاولة النقاش السياسي الكبير الدائر في المغرب نجد المؤسسة الملكية المغربية تتموقع بين العناوين العريضة لمغرب اليوم فلأول مرة في تاريخ المغرب المعاصر تجد المؤسسة نفسها أمام لحظات تاريخية عصيبة، لأنها صارت مباشرة تحت أعين الجماهير المغربية و أصبحت حديث الشارع العام المغربي بمختلف مكوناته، فمن قبل اعتادت المؤسسة الملكية على النقد الموجه إليها من الخارج وتعاملت معها حسب ما تقتضيه الظروف إما بالهجوم أو الدفاع و بغض الطرف، فمنذ عقود طويلة و المغرب يعرف صراعا حامي الوطيس بين طبقات سياسية مغربية وبين قوى القصر كما عرف أيضا الصراع بين القصر و الحركة الوطنية إبان الاستقلال، و خلال السنوات الأخيرة و تحديدا منذ المرحلة الانتقالية التي دشنتها حكومة التناوب برئاسة اليسار المغربي في شخص محمد اليوسفي و مع ارتفاع سقف الحريات، عاد سؤال الملكية المغربية إلى الواجهة ليطرح نفسه بحدة داخل الشارع العام المغربي، ورغم أن هذا السؤال ذهب في بعض الحالات إلى مدى غير مسبوق مثلما صرح به بعض قوى اليسار بأن الأصلح لمغرب القرن الواحد والعشرين هو الجمهورية، إلا أن من تبني هذا التوجه أقلية لها أسبابها و دوافعها الخاصة و كذالك مصالحها، بينما الفئة التي تشكل الأغلبية و الموزعة على كل الانتماءات السياسية و الاجتماعية باتت تطالب بتحديد مهام و صلاحيات الملك و إدخال إصلاحات على الدستور و تحويل المؤسسة الملكية من ملكية مطلقة تسود وتحكم إلى ملكية تسود ولا تحكم.
وقبل أن تصبح الملكية محط سؤال و تحليل المراقبين للشأن الوطني، كانت الضحية الأولى لمناخ الحريات النسبية التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، كما أن خصوم القصر عادوا لتعزيز مواقعهم من أجل تصفية حساباتهم الشخصية مع الملكية، ليكشفوا لنا الكثير من الأسرار ومن الحقائق المبهرة في الكتب و المجلات و الجرائد المنشورة أمام الملأ من خلال الصحف و القنوات الفضائية و دور النشر، فأسرار القصر الملكي لم تعد كما كانت عليه من قبل، لقد بدأت تتسلل من خلف الأسوار المنيعة لتحتل موقعها كعناوين بارزة فالكثير من التصريحات الصحافية والأحداث المثيرة كشفت للرأي العام المغربي بعض من الجوانب الخفية من حياة القصر لتتسع معها دائرة الجرأة في التعاطي مع القضايا التي تهم الملكية، وتصل إلى درجة مساءلة الملك في بعض الأحيان.
استقرار الملكية المغربية لا يتوقف عند الجانب السياسي والإنساني بل يتجاوزه إلى الجانب الاقتصادي، فكما يعلمه عامة المواطنين المغاربة أن أكبر مؤسسة مالية اقتصادية تهيمن على السوق المغربية هي مجموعة أونا-ONA التي تعود ملكيتها إلى العائلة الملكية و التي استفادت من امتيازات يستحيل معها أن تنافسها أي مجموعة مالية أخرى كانت وطنية أو أجنبية، و انطلاقا من هنا بدأت الدائرة تضيق و السؤال يتسع، و تعتمد الملكية المغربية على حماية نفسها أيضا على المرجعية التاريخية، حيث تعتبر من أقدم الملكيات في العالم بعمر يناهز 1300 عام، والأسرة العلوية الحاكمة هي من تحكم المغرب منذ 300 عام، إلى جانب السياسة و الاقتصاد و التاريخ نجد أيضا أنها تستند على المرجعية الدينية، حيث نجد في الدستور المغربي أن الملك هو أمير المؤمنين، و مع ذلك لم يمنع المجتمع السياسي المغربي من تغيير مواقفه والمطالبة بإدخال إصلاحات عميقة على الدستور في أفق تحديد صلاحيات الملك، وفي هذا السياق أصدر فاعلين من المجتمع المدني مذكرة تقترح من خلالها توضيح صفات الملك الدستورية بما يخدم هدف تحديد صلاحياته بدقة، واعتبرتها بعض وسائل الإعلام بمثابة إشارة جد قوية من المجتمع المدني المغربي بأن على المؤسسة الملكية المغربية أن تحدد موقعها و تعيد بناء نفسها وفق المتغيرات المحلية والدولية، قبل أن يتحول مطلب الإصلاح الدستوري إلى مطالب أخرى يصعب التحكم في تداعياتها، وبعد أخذ و رد وسط قطاع واسع من الشارع السياسي المغربي حول صلاحيات الملك، والمطالبة بتغيير نظم الملكية الحالية، أخذت الصحافة المغربية المستقلة زمام المبادرة وبدأت توجه انتقادات مباشرة لقرارات صادرة عن القصر الملكي و في الوقت ذاته انبرت بعض الأقلام الحزبية للدفاع عن الملكية في مواجهة للصحافة المستقلة، ليكون الرد من المستقلين حاسما بما يفيد أنه على المؤسسة الملكية تعيد النظر في اختصاصاتها و بنيتها التنظيمية و بما أن الملكية قبلت أن تكون طرفا في اللعبة السياسية، وجزءا لا يتجزأ من سياسة الدولة لذا عليها أن تتقبل النقد و بما أن المتعارف عليه عالميا هو أن الشعب هو المصدر الوحيد لكافة السلطات في البلاد فعلى الدستور المغربي أن يقر بالفصل بين السلط، وإذا أرادت أن تبقى بعيدا عن النقد عليها أن تبتعد عن تدبير الشأن اليومي و هي رسالة عميقة و واضحة تهدف إلى المطالبة بملكية تسود ولا تحكم على غرار الملكيات المتعارف عليها بأوربا.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -