الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتجاه تطور الطبقة البورجوازية

بلكميمي محمد

2008 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


قالت احدى الشخصيات الرئيسية في تراجيديا « فاوست» للكاتب الالماني جوته ، بحسرة : ثمة وبالاسف ، روحان تسكنان قلبي .. والواحدة منهما تريد الطلاق مع الاخرى .
لعل هذا الكلام لهو اصدق تعبير ، عن الحالة النفسية التي تمر منها اليوم الطبقة البورجوازية المغربية ، ان هذه الاخيرة يمزقها تناقض داخلي حاد ، تتكون اطرافه من :
من جهة : فهذه الطبقة التي نمت وترعرعت في احضان السوق الداخلية ( صناعة احلال الواردات ) ، سرعان ما وجدت نفسها بعد استنفاذ تلك السوق لامكاناتها التاريخية السابقة ، امام هذين الخيارين : 1- اما الاستمرار في الاعتماد على السوق الداخلية . لكن هذا يتطلب توسيعها ، ، الامر الذي يقتضي بدوره احداث اصلاحات جذرية على البنية الاقتصادية – الاجتماعية ... 2- واما هجرها الى السوق العالمية الراسمالية .
ولقد اختارت الخيار الثاني السهل .
ومن جهة ثانية : بعد انتهائها الى قرار اللجوء الى السوق الخارجية ، وجدت نفسها تصطدم ( في ظروف انفجار الازمة الراسمالية العالمية ) ، بجملة عوامل ردعت اندفاعاتها الطموحة . ولقد تمثلت تلك العوامل المعيقة في ثلاثة رئيسية : 1) انضمام اسبانيا والبرتغال الى السوق الاوربية المشتركة .. 2) الخلل الكبير الذي اصاب نظام التبادل التجاري والنظام النقدي ..3) السياسة الاقتصادية المزدوجة التي تنهجها البلدان الراسمالية المتطورة ، والمتمثلة في: من جهة ، توجهها نحو التحديث الاقتصادي عبر التخصص في المجالات ذات التكنولوجيا المتطورة ، وهي سياسة تفرضها ضرورة تحسين موقعها التنافسية في السوق العالمية .. لكن من جهة اخرى رفضها احداث قطيعة تامة مع الصناعات الكلاسيكية ، رغم انها اصبحت بدون مردودية اقتصادية ورغم انها تكلف الدولة دعما ماليا ضخما . والسبب في ذلك هو ان تلك الصناعات تمثل مجالا هاما للتشغيل ، وبالتالي فان الدولة تتجنب تصفيتها من اجل الحد من اتساع البطالة . وبالطبع فان تلك السياسة المزدوجة ، تحرم البلدان المتخلفة مثل المغرب ، من التخصص في الصناعات الكلاسيكية ، وفق قسمة عمل دولية جديدة .
والخلاصة اذن هي ان الطبقة البورجوازية المغربية ، لا يمكن لها ان تتقدم الا عن طريق تحقق واحد من اثنين : اما اصلاح السوق الداخلية اصلاحا جذريا ( وهذا هو الخيار الوطني ) ، واما اصلاح السوق الراسمالية العالمية ، وهذا يعني تعميق الارتباط والاندماج بالراسمال الاحتكاري العالمي .
ان الخيار الاول في متناولها ، لكنها لاتريده ، لانه يتطلب منها تنازلات كبيرة ( مثل الاصلاح الزراعي ، وتاميم التجارة الخارجية والابناك الرئيسية ، واعادة الاعتبار للقطاع العام ).
اما الخيار الثاني فهي تريده ، ولكنه ليس في متناولها ، كيف سيتم الحسم ؟ .
لكي ينتصر الخيار الوطني ، لابد من توفر شرطيين رئيسين : الاول ، ان تكون الطبقات الشعبية وتنظيماتها السياسية والنقابية ، قادرة على فرضه .
والثاني ، ان تكون افاق السوق الخارجية افاقا مظلمة بالنسبة لها .
لكن القوى الشعبية لا تملك في الوقت الحاضر ، القوة التي تمكنها من فرض الخيار الوطني .
ثم من ناحية اخرى ، ان الطبقة البورجوازية المغربية تستطيع دائما ، ايجاد موطئ قدم في السوق العالمية ، فضلا عن ان هذه الاخيرة مرشحة لنوع من التغير يستجيب لبعض رغبات البورجوازية المغربية ( ان التوفيق بين سياسة التحديث الاقتصادي في المجالات ذات التكنولوجيا المتطورة ، وبين المحافظة على الصناعات الكلاسيكية ، لدرء اخطار تفاقم البطالة في البلدان المتقدمة ، هي مجرد سياسة انتقالية بالنسبة للراسمال الاحتكاري العالمي . ذلك ان تناقضاته الداخلية نفسها ، عندما تعجز عن التوفيق الدائم بين مصالح الربح الراسمالي وبين الاعتبارات الاجتماعية المحضة ، فانها تدفعه بالضرورة الى التضحية بمصالح الشغيلة . وهذا ما بدانا نلمسه بشكل صارخ في بريطانيا ، التي تمت فيها بطريقة عنيفة ، تصفية الصناعة الكلاسيكية في مدن الشمال العريقة ، التي مثلت تاريخيا مهد الثورة الصناعية الكلاسيكية ) .
من هنا يبدو بان اتجاه تطور الطبقة البورجوازية المغربية ، سيتبع طريق المزيد من الاندماج في الراسمال الاحتكاري العالمي ، وليس الارتداد ضده لصالح السوق الوطنية .
وفي الحقيقة ان الاتجاه الاندماجي التبعي الجديد ، قد تم حسمه منذ مدة ، وهذا ما يبينه التوجه الليبرالي المتبع حاليا ، والمتمثل بشكل خاص في تبني البرنامج الاقتصادي لصندوق النقد الدولي .
ان المرحلة التاريخية التي نحن بصدد اجتيازها ، ستكون قاسية بالنسبة للشعب الكادح ، سواء من الناحية الاقتصادية ( الضغط على الاجور لتحسين الموقع التنافسي للبورجوازية المغربية في السوق العالمية ) ، او من الناحية السياسية ( قمع الحريات لفرض ذلك الضغط الاقتصادي ) .

8- تناقضات الطبقة البورجوازية المغربية

ان البورجوازية المغربية لايمكن لها ان تنمي ذاتها كطبقة ، بدون تنمية في نفس الوقت ، الطبقة العاملة والطبقة الوسطى .
وفي مرحلة معينة من التطور ، سيحتد التناقض مابين : الطابع الديمقراطي للمجتمع المغربي ( الناجم عن تنامي الطبقات الديمقراطية ، وعلى راسها البروليتاريا والطبقة الوسطى الحديثة ) ، وبين الطابع الهيمني للبورجوازية السائدة على راس الدولة .
ان الحل السياسي الوحيد الممكن لذلك التناقض ، هو احداث تطابق بين المجتمع المدني والدولة السياسية وهذا يعني الانتقال من دولة الهيمنة للطبقة الواحدة الى دولة كل طبقات المجتمع .
لكن هذا التناقض السياسي الذي يقود الى ترسيخ الحياة الديمقراطية في البلاد ، لن يكون نهاية المطاف ، بل انه سيدفع الى بروز على السطح بتناقض جديد هو : مابين الطابع الاجتماعي للانتاج ، والطبع الخاص لملكية وسائل الانتاج .
ان الحل التاريخي الوحيد الممكن لذلك التناقض ، هو احداث تطابق بين الانتاج والملكية . وهذا يعني الانتقال من الملكية الراسمالية الى الملكية الاشتراكية لوسائل الانتاج . انتهى .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأمريكي يهدد بإيقاف إمداد إسرائيل بالأسلحة إذا اجتاح


.. طائرة شحن من طراز بوينغ تهبط بدون عجلات أمامية في اسطنبول




.. سيفا الأمير عبد القادر المسروقان يعرقلان المصالحة بين الجزائ


.. صحيفة إسرائيلية: تل أبيب تشعر بالإحباط الشديد إزاء وقف واشطن




.. مظاهرة مرتقبة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي بمدينة ما