الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغاء مشروع النهر العظيم في ليبيا

عصام البغدادي

2004 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يتخذ الباحث الاكاديمى المصري حسن نفاعة في مقالة منشورة له في موقع الحياة بعنوان ‏الشجاعة والحكمة على الطريقتين العربية والغربية من موضوعة اسلحة الدمار الشامل الليبية ‏نموذجاً كان من المفروض اساساً توظيفه للخروج بالاستنتاجات عن مفهوم الشجاعة الحكمة ‏على ريقتين العربية والغربية.. لكنه اذ يعد القارىء بذلك  نجده لا يصل الى اي استنتاج مفيد ‏ونافع البتة.. بل يستعرض الموضوع  ليكرس هدف المقال الى مقترحات تتبنى وجهات نظر ‏اسقاط النظام الليبي
ان قرار القذافي التخلص من اسلحة الدمار الشامل اثر مفاوضات سرية استغرقت شهورا مع ‏الادارتيين الاميركية والبريطانية وصف من قبلهما بالشجاعة والحكمة، الحقيقة المنطقية الاكيدة ‏ان العقل العربي وصل الى مرحلة التشويه للحقائق او عجزه عن ادراكها واستيعابها، فلا تل ‏الشجاعة في المفهوم العربي هو التحدى والتصدي والعنترية الفارغة حتى مع الادراك التام ان ‏هذا التحدي سيواجه الهزيمة الساحقة لخلوه من عوامل انتصاره اساساً كما حصل لمفاهيم الشجاعة ‏الصدامية التى اندحرت  لقيامهها على اسس فارغة مغلوطة، برهن الواقع والمصير ا انتهى ‏اليه صدام  انها كانت استغلال لمفهوم الشجاعة التى انتهت الى الاختباء في وكر.
في حين الشجاعة في المفهوم الغربي هو امتناعك عن الفعل الاحمق في الوقت المناسب ..عندما ‏تدرك العجز التام عن الاستمرار في طريق مسدود لهذا هم  يصفقون لشجاعة الفرد الذى يتراجع ‏عن القاء نفسه من قمة بناية عالية لانه استجاب لنداءات المحيطين به او من جاءوا لانقا . لكن ‏المثقف العربي يحث أحيانا على ركوب موجة التهور او اللامعقول او البعيد عن الواقعية ، ‏ويعتبرها أقداماً ً في طريق البطولات الوهمية  التى اعتاد عقله على تقبلها . والمثقف العربي لا ‏يزال مصراً على تشجيع الحماقة مادام هو لن يكون جزء من الضرر في استمرا. فالمثقف ‏المصري يشجع على دفع الليبي بالسير في طريق الحماقة ولو ارادت غدا السعودية او سلطنة ‏عمان او تونس  امتلاك السلاح النووي فستجد الاف المثقفين العرب  الحمقى يهللون لهذه الدول  ‏ويشجعونها رغم ادراكهم ماذا يعنى هذا الاقدام.. وسوف يشجبون اي صوت مناهضطلق من ‏مثقفى تلك الدول ويعدونه جبانا وانهزامياً.
مشكلة العقل العربي عجزه عن المواجهة الشجاعة مع الذات: ماهي الجدوى من قيام دول مثل ‏العراق وليبيا وسوريا من امتلاك اسلحة نووية ؟ اذا كانت القضية امتلاك اسرائيل لاسلحة الدمار ‏الشامل وتفوقها ، فلماذا  لم تفكر مصر عند توقعيها كامب ديفيد  في زمن السادات  من اتفاق ‏على نزع اسلحة نووية متبادل ؟؟ والعمل على اخلاء منطقة الشرق الاوسط منها؟؟
السؤال الاخر  لماذا لم تقدم دول اخرى مثل : مالطا أو قبرص او بيرو او الفلبين او اليمن على ‏امتلاكها؟؟ ستقول لي هذه دولا فقيرة ، نعم ، اتفق معك ، لماذا لا تحاول دول اخرى مثل ‏البرازيل، السعودية، ماليزيا ، كوريا الجنوبية؟ وهذه دول اغنى‏الشعوب عادة ليس لها حق الاختيار في هذه المسالة  فالامر تقرره قياداتها، وتهدر تلك القيادات ‏مبالغ طائلة هي اجدى بصرفها في تحقيق برامج اخرى لشعوبها.. وخير مثال ان ايران التى تقع ‏على خطوط زلزالية لم تستطيع ان تنقذ سكان احدى مدنها من زلزال اهلك مايقارب 5000نسان ‏واتضح انها لاتملك حتى كلاب مدربة للكشف عن الناجين تحت الانقاض، في حين تسعى لامتلاك ‏قنابل نووية!!. ولو ان صدام حسين استفتى شريحة علمائه أو اعضاء حزبه بنزاهة وأمانة  عن ‏مثل ذلك التوجه فانه حتما سيتلقى حكمة، لكنه بالتالي سيرفضها كما فعل مع خبراء ال عام ‏‏1971-1972  الذين شرحوا له ان تأميم النفط سيعرض العراق الى مشاكل عديدة مستقبلية ، ‏كان رايهم يتسم بالحكمة بأن مثل تلك المسالة يجب ان تدرس بعناية فائقة والا ستكون باهظة ‏الثمن كما حصل لناصر بعد تأميم القناة عام 195
وها نحن نكتشف ان مافعله صدام حسين ‏من مسالة تاميم النفط (راجع كتاب عندما تكون وزيرا مع البكر وصدام لمؤلفه الدكتور جواد ‏هاشم وزير التخطيط في حكومة البعث في السبعينات) لم يكن من أجل العراق بل كان من اجل ‏الاستيلاء على ثروة النفط لتسخيرها لحزبه وعائلته، فكان تأميم النفط بطريقة صدام شجاعة ‏وحكمة او حماقة فردية دفع الشعب العراقي ثمنها على مدى ثلاثة عقود؟
وماذا جنى العراق من ‏تأميم نفطه لكي تجنيه ليبيا من أمتلاك اسلحة الدمار الشامل؟؟ وهاهو العراق الغني يصبح فقيرا ‏مكبلاً بديون تسعى امريكا لتحريره منها لكي تكون أرباح المستقبل في خزائنها وليس تسديداً ‏للديو
اليس مطلوباً من العقل العربي السياسى التراجع عن المضى في الطرق المسدودة  مادام ‏الاعتراف بالخطأ فضيلة وشجاعة في الموروث الثقافي العربي، وعدم النظر دائما بتطرف : أما ‏المضى الى انتصارات صار العرب عاجزين عن الوصول اليها وباتت اوهاماً وتهويمات لذر ‏الرماد ون السواد من المواطنيين او في ادراك المسألة على انها استسلام.

والقذافي بغض النظر عن الاسباب التى دفعته لأتخاذ القرار وبغض النظر عما سيجنيه من الدول ‏الغربية مقابل القرار ، فهو تراجع سليم من السير في طريق ارتكاب الحماقات العربية الكثيرة . ‏فامريكا وبريطانيا لم تطالب القذافي بالغاء مشروع النهر العظيم وردمه ولو طالبتهذلك ووافق ‏على مطالبهما فهذا يعتبر استسلام لانه تسليم بمشروع حيوي يخدم الشعب الليبى ومستقبله ، لكن ‏المشروع النووي لن يضيف شجرة واحدة في صحارى ليبيا ولن يوفر الامن الغذائي لشعبها
لماذا ينظر العقل العربي الى مسالة الغاء المشاريع العديمة الجدوى: على أنه جبن واستسلام ‏؟؟لو ان فردا منكم قام بتاسيس شركة واكتشف انه يمضى بطريق مسدود وغير منتج سينتهى ‏بخسارة فادحة فماذا ينبغى ان يفعل؟ هل يستمر نحو مزيد من الخسائر والافلاس وفقدان السمعة مالية؟ ام التوقف والمراجعة واتخاذ القرار السليم بقبول مامضى من الخسائر والتوقف واعادة ‏استثمار الاموال المرصودة لمثل تلك الشركة الفاشلة الى مشاريع اخرى اكثر جدوى؟؟
دعونا نرى كيف سوف تتصرف سوريا وايران والمطرقة قاب قوسين منهما بحجة موضوع ‏اسلحة الدمار الشامل؟؟ هل سوف تستخدم  سوريا العقل والحكمة الاموية كما فعلت في قضية ‏عبدالله اوجلان؟؟؟ أم ستختار المواجهة مع عدوين من أمامها وخلفها؟؟‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خان يونس: مخيمات في برك الصرف الصحي • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قراءة في الصحف • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أول منشور لترامب على -تيك توك- بعد أن حاول حظره ذات مرة


.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية اللبناني والقائم بأعمال وزير الخار




.. وزير الخارجية المصري: ندعو حماس وإسرائيل لقبول مقترح وقف إطل