الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذاكرة الشعب ....الروائي / غالب هلسا

عاطف الكيلاني

2008 / 10 / 19
الادب والفن



...وطني أردني صميم ...قومي عربي باعتدال .....وأممي بامتياز ...هذا هو باختصار شديد الروائي غالب هلسا ...هذا الفارس المنحدر من صلب العرب الغساسنة المسيحي الديانة ...كان من المبدعين القلائل الذين استطاعوا المزج ...حد التماهي بين وطنيتهم وقوميتهم وانتماءهم الأممي ...دون ان يقع في فخ الدين او المذهب ...كانت حياته القصيرة نسبيا مزيجا فريدا من المفارقات وسلسلة لا نهائية من معاركة الظروف والإنتقال القسري من ساحة نضال الى اخرى بحثا عن ساحة آمنة يمارس فيها ابداعه ونضاله في سبيل وطن عربي حر وشعب عربي سعيد ....ولعل أشد المفارقات وضوحا أنه ولد بتاريخ 18 / 12 1932 م وتوفي الى رحمة الله في نفس التاريخ عام 1989 م عن 57 عاما بالتمام والكمال في مدينة دمشق ...وكان ميدعنا الراحل / غالب هلسا قد ابصر النور في قرية ماعين بالقرب من مدينة مادبا ...وماعين هذه قرية صغيرة يسكنها منذ مئات السنين مزيج من ابناء العمومة ( مسلمين ومسيحيين ) شأنها في ذلك شأن مادبا والكرك والفحيص والسلط والكثير من المدن والقرى الأردنية والفلسطينية وبلاد الشام عموما ...أنهى الراحل / غالب هلسا دراسته الإبتدائية والثانوية في مدارس ماعين وملدبا وعمان ...ثم وعندما انهى الدراسة الثانوية انتقل الى عاصمة الثقافة العربية حينها ( وفي كل حين ) بيروت لإكمال دراسته في جامعتها الأمريكية ...ولكن ..أنى له ان يكمل دراسته وهو الوطني القومي الأممي المناضل وصاحب الفكر المنحاز دائما الى جانب الحق والعدل والفقراء والمهمشين ؟! ...أجبر غالب على قطع دراسته وغادر لبنان الى الأردن الذي ما لبث ان غادره الى بغداد...وكان ذلك أيام الحكم الملكي البائد في العراق و الذي لاحقه بسبب انتماءه الفكري ...فترك بغداد الى القاهرة هذه المرة ...وفي القاهرة ...قاهرة عبد الناصر وما كان يمتله عبد الناصر من فكر تحرري عروبي ثوري تقدمي استطاع الراحل هلسا ان ينهي دراسته للصحافة في الجامعة الأميركية ...كانت تجربةغالب في القاهرة ايضا قاسية... وفيها تجرع غالب كؤوس المرارة من نظام وطني تقدمي اختار طريق الإشتراكية كنهج سياسي واقتصادي ...دون ان يتصالح او ان يجرب ان يتصالح مع حلفاءه الطبيعيين ...وأقصد الشيوعيين ...وكل من يتذكر تلك المرحلة يعلم مدى ما عاناه الشيوعيون على يد الأجهزة الناصرية من سجن متواصل وتعذيب وفصل من الوظيفة ومحاربة في لقمة العيش ...ومع كل ذلك فقد كان الشيوعيون المصريون والعرب المقيمون لسبب أو لآخر في مصر من أشد الناس اعجابا بمنجزات عبد الناصر والمرحلة الناصرية ..وكانوا دائما في مقدمة المدافعين عن عبد الناصر والمنجز الإشتراكي ...وهذا كان حال الراحل / غالب هلسا الذي سجن وعذب واضطهد مرات ومرات إبان تلك الحقبة ...ولكن طفح الكيل بغالب أيام حكم السادات فاضطر الى مغادرة مصر عام 1976 م بعد أن اجبره نظام السادات على المغادرة ...فغادرها الى بغداد ...ثم بعد ثلاث سنوات غادر بغداد الى بيروت ...وفي بيروت اكمل الراحل غالب مشواره الإبداعي في مجال القصة والرواية والقصة القصيرة والترجمة الى العربية والنقد الأدبي ...حتى الإجتياح الصهيوني للبنان والعاصمة اللبنانية بيروت عام 1982 م .....فما كان من غالب الا ان حمل السلاح مدافعا عن بيروت وملتحقا بصفوف المقاومة الفلسطينية في الخنادق الأمامية مشتبكا مع العدو الصهيوني يوميا ...ومترجما لما يعنيه الإلتزام بالفكر الثوري على ارض الواقع ومن خلال التجربة والممارسة ...وقد كتب غالب الكثير عن تجربته في بيروت ...كتب نصوصا تجمع ما بين التحقيق الصحفي والقصة ...ارتحل بعدها غالب هلسا على ظهر احدى البواخر مع المقاتلين الفلسطينيين الى عدن ..ثم الى اثيوبيا فبرلين فدمشق التي اقام بها الى ان وافته المنية بعد سبع سنوات من وصوله اليها ...
كان غالب هلسا روائيا متميزا ...عميق الفكر ...سهل العبارة والأسلوب ...وعالمه الروائي كان متعدد المناحي ولكنه متواتر ومتماسك وسلس في نفس الوقت ...وكما يذكر ادوارد الخياط في كتابه " ما وراء الواقع " فإن الكثير مما كتبه غالب هلسا يمكن ان نصنفه كسيرة ذاتية ...ومن السهل ان نجد ملامح هذه السيرة الذاتية بين طيات أي رواية كتبها غالب هلسا ...وحيث أنه عاش تفاصيل كل تلك الفترة القلقة من تاريخنا العربي ( منذ اواسط الأربعينيات وحتى نهاية الثمانينيات ) ...فقد استطاع ان يكون شاهدا على تلك المرحلة بكل ما انطوت عليه من آلام وآمال وآفاق وخيارات وشعارات ووعود وتطلعات وانجازات على مستوى الأمة العربية وأيضا على كامل فترات المخاض المتتالية ...السياسية منها والإجتماعية ... ثم الضربة الماحقة عام 1967 م وما رافقها من هزيمة مرة وما تلاها من انهيار على كل الأصعدة في بلاد العرب ...
للراحل غالب هلسا سبع روايات تعتبر وبحق من العلامات المميزة في الرواية العربية ...وله مجموعتان في القصة القصيرة ...بالإضافة الى ما ترجمه في مجالي النقد الأدبي والقصص الأجنبية ...
...عليك الرحمة ايها الراحل الكبير ...فقد كنت ابنا بارا لشعبك الأردني ولأمتك العربية وقضاياها ...حاملا بين ضلوعك ...في قلبك لأعظم فكر انساني عرفته البشري ...فكرا منحازا لكل ما هو جميل في هذه الحياة ...
الكاتب : عاطف الكيلاني
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع