الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتح ومؤتمرها السادس

فاطمه قاسم

2008 / 10 / 19
القضية الفلسطينية


بعد كل لقاء تعقده اللجنة التحضيرية لمؤتمر عام فتح السادس في عمان، يتجدد السؤال

هل حركة فتح جاهزة لهذا المؤتمر؟
هل اكتملت أركان المؤتمر؟
هل تم الاتفاق على شمولية الإحاطة بالحالة الفتحوية في هذا المؤتمر؟
وما هي الأفكار الملهمة التي سيحتشد جهد المؤتمر حولها؟
والأسباب وراء هذه الأسئلة عديدة وهامة جداً، بل هي أسئلة مفصلية، لعلنا نذكر منها بإيجاز:-
أولاً: أن المؤتمر العام السادس لحركة فتح إذا قدر له أن ينعقد قبل نهاية هذا العام أو مطلع العام القادم، سوف يكون قد مضى على انعقاد المؤتمر الخامس الذي سبقه عقدين من الزمن بالتمام والكمال، أي عشرين سنة، وهي سنوات لم تكن عادية أو نمطية أو عادية لا على الصعيد المحلي ولا على الصعيد الإقليمي والدولي.

ويكفي أن نذكر في هذه النقطة على وجه التحديد، أن القيادة المؤسسة لهذه الحركة الوطنية التي امتلكت القرار الفلسطيني قرابة أربعة عقود، قد غابت بغالبيتها الساحقة وكان آخر وأبرز الغائبين هو الرئيس عرفات نفسه، وبالتالي فإن وراثة تلك القيادة التاريخية لا تتم بواسطة الاختطاف أو التحايل أو استغلال اللحظة الراهنة، لأن هذا الموضوع لو جرى على النحو الذي يفكر فيه البعض أو تدفع إليه بعض التجاذبات الإقليمية أو الدولية فلن يفيد بشيء سوى موت هذه الحركة الوطنية الممتدة في الزمن الفلسطيني وفي الوطن وعلى امتداد الشتات .

وأقول ذلك، لأن الحركة في سنواتها الأخيرة قبيل وخلال حصار الرئيس عرفات حتى استشهاده، وفي الأربع سنوات التي أعقت استشهاده، واجهت حالة متسارعة من التآكل، ولا ندري كم كان سيكون الأمر صعباً لو لم نجد أبو مازن بعد غياب عرفات، لربما كانت الأمور أكثر كارثية، لأن "أبو مازن" يمتلك عبر تاريخه قدراً لا بأس به من الشرعية التاريخية والرمزية الوطنية التي أعطت تقلاً للشرعية الدستورية، أو الانتخابية.

وقد ثبت بعد غياب الرئيس عرفات، أن انتقال التركة لم يكن سلساً، لأن الإطارات الفتحوية كانت أقرب إلى الشكلية الفارغة، لم تكن جاهزة، لم تكن حافظت على روح التواصل، ولم تكن احتشدت حول فكرة ملهمة جديدة، ولذلك ظل انتقال الحركة من المنفى إلى الوطن، وظل نظامها الداخلي القديم، وظلت مكونات إطاراتها القيادية والقاعدية، فارغة من التطور الحقيقي المتوائم مع حجم التغيرات الدراماتيكية، وباختصار تقلص العمل الحركي، وحل بدلاً منه توسع في مشاركة فتح في هيكليات السلطة الوطنية دون فلسفة واضحة لهذا التوسع، ولهذا السبب ربما فإن حركة فتح تحملت وزر الأخطاء والسلبيات الكبيرة، ولم تجن ثمن النجاحات والتضحيات، وخاصة في مزاج فلسطيني يحكمه الإعلام السجالي الذي ينظر إلى الإنجاز بأنه واجب لا يستحق الشكر بينما تعتبر التقصير فعلاً يجب المعاقبة عليه، ولم يكن هناك عقوبة أكثر من نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في مطلع العام 2006.

ولكن الشيء الخطير جداً:

أن المحاولات الجنينية لإنتاج نمط جديد من القيادة الجديدة لفتح، وتحديد الإطارات، تلك المحاولات انطبعت في ذهن الرأي العام الفتحوي بنوع من السلبية، على اعتبار أن تلك المحاولات لم يكن معظمها يحظى بشرعية، ولم يكن يدعمها تراكم تاريخي، بل إن تلك المحاولات اصطدمت مع بعضها بطريقة شوهت صورة كل تلك المحاولات.

ثانياً: خلال العقدين الأخيرين على انعقاد المؤتمر الخامس، فإن التحولات لم تقتصر على الانتقال من المنفى إلى الوطن، ومن صورة الغائب إلى صورة الحاضر، بل أن تلك التحولات امتدت إلى النظام الدولي برمته الذي انتقل من نظام ثنائي القطبية نشأت في ظله كافة فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية إلى نظام دولي أحادي القطبية تغيرت معه كافة أنماط العلاقات الدولية، وهذا التحول شئنا أم أبينا قد جرف في طريقه كل الإمبراطوريات والدول والهياكل السياسية التي لم تستطع أن تغير نفسها، واعتقد أن جزءاً كبيراً من معاناة الحركة الوطنية الفلسطينية، وعهودها الفقري فتح، أنها لم تستطع أن تتغير جوهرياً، سواء على صعيد الأفكار الملهمة، أو على صعيد الهياكل البنيوية وعلاقاتها الداخلية.

ماذا يعني كل ذلك:

إنه يعني أن حركة فتح خلال العشرين سنة الماضية مرّت بمحطات هامة ومفصلية كانت تحتم انعقاد المؤتمر العام السادس، فلقد كان من الممكن أن ينعقد المؤتمر قبيل الانتقال إلى الوطن، أو بعد الانتقال مباشرة، لكي تنتج الحركة خطابها السياسي، وتحافظ على وجود درجة عالية من الحالة المؤسسية القوية خارج هياكل السلطة الوطنية، وقد كان من الممكن عقد المؤتمر العام السادس بعد أن تبين حجم النكوص الإسرائيلي عن عملية السلام على اثر اغتيال اسحق رابين في نهاية عام 1995م، وقد كان من الممكن عقد المؤتمر العام السادس بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية وكيفية التعامل مع انتفاضة الأقصى التي تشتت وأصبحت تدار بفعل مراكز القرار الإقليمية أكثر مما تدار من مراكز القرار الفلسطينية.

التأخير كبير،
والتعقيدات كبيرة،
والتحضيرات التي جرت حتى الآن لعقد المؤتمر العام السادس جرت تحضيرات أقل جدية وأقل جذرية، والتوافقات التي جرت حتى الآن على عقد مؤتمرات المناطق والأقاليم في الضفة والقطاع جرت تحت شروط الحد الأدنى، والطموح المتواضع، وهو إنتاج قيادة وإعطاء هذه القيادة شرعية الانتخابات في المؤتمر، ولكن الملاحظة الرئيسية حتى الآن هي غياب الأفكار الجديدة التي سيحتشد حولها المؤتمر السادس، ما هي هذه الأفكار الجديدة، لم نسمع عنها شيئاً في مؤتمرات المناطق والأقاليم في السنة الأخيرة، ولم نر ولم نسمع سوى مؤتمرات تجري انتخابات لإعادة إنتاج ما هو قائم، وهذا أمر بالغ الخطورة، بل إن التحدي الأكبر الذي وقع في مطلع عام 2006، وفي صيف 2007 يعطي وزناً لعلاقات داخلية جديدة، ولأفكار ملهمة جديدة، ولعل أبرز مثال على هذا الهبوط أن الستة عشر شهراً الأخيرة من وصول المأزق الفلسطيني إلى ذروته في قطاع غزة، يزداد الانفصال والتباعد بين القاعدة الفتحوية من جيل الشباب، الذين خاضوا تجربة قاسية جداً، وخرجوا منها أكثر عمقا وأكثر شجاعة وأكثر تحديداً في انتمائهم الفتحوي، أقول ازداد الانفصال والتباعد بينهم وبين الهياكل الفتحوية القائمة وخاصة على مستوى اللجنة القيادية العليا لفتح في قطاع غزة التي يمكن القول أنها فقدت اتصالها الموضوعي والحقيقي مع القاعدة الفتحوية، القاعدة العريضة، القاعدة التي خاضت الاشتباك التفصيلي على الأرض، القاعدة التي عبرت التجربة الرهيبة بنجاح مذهل، ولكنها لم تجد من هذه اللجنة القيادية المعنية سوى تكرار ما هو مكرر، وانكفاء حول أساليب قديمة لم تعد مجدية ولا مفيدة.

من وجهة نظري:

مازال هناك وقت متاح لإعادة الاتصال الحيوي مع القاعدة الفتحوية، ومع نبضها الفعلي، ومع نظرتها إلى المستقبل، يحتاج الأمر بطبيعة الحال إلى شجاعة في اتخاذ القرارات غير ما يجري الآن، ما يجري الآن قائم على أساس فكرة سطحية جداً ملخصها أن من يحضرون المؤتمر السادس يتحملون مسئولية القيادة التي يختارونها في انتخابات تجري في قاعة المؤتمر.

هذه الصيغة هابطة جداً، لأن الشرط الرئيسي لانعقاد المؤتمرات هو فتح كل الأبواب لحوار جاد وحقيقي، وأفكار ملهمة تتجاوز الواقع القائم، ثم يأتي المؤتمر كخاتمة لإنتاج هذا الميلاد، وليس انعقاد مؤتمر مكون من نسبة عالية من الأشخاص الذين لم يفعلوا شيئاً ذا بال طوال العشرين سنة الماضية سوى أنهم دخلوا إطارات غالبيتها الساحقة بالتعيين عبر الحصص، ولم يشتركوا في تفاعل سوى البقاء سالمين خلال هذه الفترة، والكثير منهم شارك بدور معروف في إلحاق الأذى بهذه الحركة، أو أعضاء مؤتمر لا يعرفون شيئاً عن حركة فتح إلا من خلال من جاءوا بهم إلى المؤتمر دون معايير.

وهل سنخرج من المؤتمر نردد نفس الجملة التي قيلت بعد المؤتمر الخامس بان المؤتمرين اشتركوا في دق مسمار في نعش فتح
هذه المرة لو انعقد المؤتمر دون أن يحضر له بمعايير وطنية مسئولة واعية عميقة
فإننا هذه المرة سنخرج لنقول المؤتمرون جميعا اشتركنا في وئد فتح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب يقلد المشاهير ويصف بعضهم بكلمة ????


.. إيرانيون يعلقون على موت رئيسي • فرانس 24 / FRANCE 24




.. آفة التنمر تنتشر في المدارس.. ما الوسائل والطرق للحماية منها


.. مصرع وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان في تحطم مروحية




.. مصرع الرئيس الإيراني.. بيانات تضامن وتعازي ومواساة ومجالس عز