الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عسل السماء وزرّقة الفلاسفة

وديع شامخ

2008 / 10 / 19
الادب والفن



يوما ما مرّ الفلاسفة كلّهم على طريقٍ معبد بالإسفلت، مرشوشٍ بمحيطات من عرق جباه العمال المصريين ، ومخلوط بدم الرومان والأغريق ، ومن عظام السومريين أيضا كانت هناك حدائق على جانبي الطريق.
لكن الفلاسفة، كلّهم .. توقفوا عن السير، تركوا الطريق المُعبّد ، ونزلوا الى البحر المتاخم للسفن الهابطة بالعبيد والجواهر والجواري .
لم يقل احدٌ : إن الطريق غير مأهول..
لم يقل الرواة : إن الاهرامات والعجائب والمرويات والمسلات وسواها، تأكلها عثة العقل ، ويعشش في أناملها وسخ ، وفي أظافرها وحشة وشهوة مبريّة بأناقة وكبرياء....
..............
هذا نصف دينهم .. وهذا عيبنا الأبدي
أن نحترم الفلاسفة ، ونتمرأى على مقاس جنوحهم ..
أليسَ من السهل أن نبني إهرامات بغير فراعنة،
اليس من العدل أن نبني مسلات دون دماء،
أليس من الحق أن يكون الطريق صالحا لعبور الحمير وعربات بيع المأكولات الشعبية ‘ وفي ظلاله وعلى جوانبه تنامُ كتب الفلاسفة ببلاهة وحرّية ...!!؟
.....................
في اليوم التالي لبدء الخليقة
لم يقل الله : إن الطريق للوصول في كنانة أحد
لم يقل الله : إن حجر الفلاسفة على مرمى من عرينه
لم يقل: إن روما ولودة بالطرق
وسومر ممهورة بالحكمة والمسلات والطين والدم والآلهة
لم يقل الله : إن المدن مبغى والحكماء سبعة على مر الدهور
.................
في اليوم الثاني لبلوغ الفلاسفة عدّتهم .. صار العالم غابة
والانسان يتنمّل في التسلق وصولا الى خانة القرود!
لم يقل الله : إن العرش محاط بوبر الحكمة وجلود الأوصياء.
لذا نزل الفلاسفة بعمائمهم للتنزه في حواري الطرقات
والعامة يجرون عربات المأكولات الشعبية جزيّة وعرفانا لنبوغهم .
............
في الطريق الى الحكمة :
صادف الفيل نملة
وأسقط الهدهد عرشا
وسارعلى الماء رجل
ولكن الله لم يقل :
إن الحجر جنّة
ولا النار تحت لسانه بوقا
لذا كان الفلاسفة على مرّ العصور يولدون من حجر .

....................

من حجر الأيام
كانت المدن تغزل أبناءها
وتعبّد طرقاتها
ومن ريح الأريج
تٌحنّط نَحْلَها..
..... ومن قحط الأيام،،،
كانت الآلهة تتناسل عل مسابح العرافين ، وقِبلة القرابين.
طوابيرمن العبيد تتناسل على الطرق المعبّدة .
كلهم يركضون الى المنتهى
كلهم .. على صفير النحاس ... يتسلقون أشجار الغابات
ويتقرّدون بسعادة غامرة
والفلاسفة ينحتون لهم أسودهم ولبواتهم
ويصنعون لهم خمرتهم وإكسيرهم
وأحلامهم .

...............
الفلاسفة الذين نزلوا من زرقة الحجر الى زرقة الموت
ومن بخور الآلهة الى زعفران الحناجر
يتدلون على الأيام كتقويم مديد.
فلاسفة وأسفلت وطريقة !!!
وسومر وإهرامات ،عربات وبغايا مقدسات
وملوك من رجيم القول
ورماد .

............
همّْ، فلاسفة اليوم الأول للخلق
إذ بدأوا بصنع حنجرةٍ ولسان..
وجبهة هائمة، وأطراف ترقص في متاهة القول
......

وهم... بدء الغابة وقراطيسها ،
قالوا : للنور كن حجرا
وقالوا : للحكمة كوني دما
ولم يكن للغابة غير أن تكون
........

فكان للعربات أن يَسحلن الخيول والملوك والأصفاد
وكان للخيول أن تحمل التيجان
وكان للتيجان شأن في تلك العاصفة!
...........

حجر مرصوص من فلاسفة
وغابة القول .....
يتدلّى ..
وعربات المأكولات الشعبية تواصل سيرها لبلوغ زرقة السماء
...........
كلهم أيادٍ من عسل
والفلاسفة كزاجل كذّاب
لم يقل الرب : إن الغابة لها أجنحة
ولم يقل الرواة: إن الرب قال !!
فلاسفة من حجر ونحاس وكبريت
عمائم من طرائقَ
وغابة من كوابيس

..............
في اليوم الخالي من أوكسيد القرابين
نزلت الأحلام من عسل السماء تجرّ العربات الشعبية وتقضم حجر الفلاسفة ...
والطريق ......

.....................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي