الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين اجتمعت الفئران لحل مشكلتها مع الهر

صائب خليل

2008 / 10 / 20
السياسة والعلاقات الدولية


يقال إن الفئران اجتمعت يوماً للتداول في مشكلتها مع هر المنزل الجديد الشاب النشط، الذي رحب به أول الأمر حين طرد القط القديم الذي أذاقهم المرار، لكن سرعان ما تبين لهم أن هذا الهر ربما لايكون أقل سوءاً من سابقه.
ركز رئيس الجلسة في كلمته على الخطر الذي يتعرض له شعبهم من هذا الزائر الجديد وكيف أن فرحتهم بهزيمة القط القديم لم تتم "للأسف" وقال إن على بني الفئران أن يجدوا حلاً، وأن لايكون الحل مقتصراً على هذا القط بل يصلح لمعالجة جميع القطط بشكل عام لتعيش أجيال الفئران القادمة بالسلام والأمان وتودع إنهيارات الأعصاب التي كتب عليها منذ خلقت.

صفق المستمعون ببرود من سمع مثل هذا الكلام كثيراً، ثم بدأ "الحكماء" بعرض أفكارهم وخططهم المختلفة للخلاص من المشكلة. بدأ أولهم بعرض فكرة قديمة نفذها أجداده كما قال لطرد هر من منزلهم بتحذيره بوجوب المغادرة، وحين رفض راحوا يضايقونه بالقاء الصحون عليه إن مر تحت الرف، أو الماء الساخن أن سار قرب الطباخ, وكثرما يعود إلى سلة نومه ليجدها ملوثة بالفضلات أو مبللة بالماء وبين الحين والآخر يخاطر الاكثر جرأة منهم لعض ذيله وهو نائم، حتى لم يعد يستطيع التحمل، فغادر ولم يعد.
كان الجميع يعرف بتلك الخطة فلم تلق الحماس اللازم. قال أحدهم أنها خطرة وستكلف المجموعة العديد من الضحايا. وقال آخر إنه لافائدة من ذلك، فإن ذهب هذا الهر قد يأتي هر الجيران وسيتوجب علينا أن نعيد الكرة ونقدم الضحايا من جديد في كل مرة، "إنها فكرة مزعجة" أضاف وهو يتلقى التصفيق المؤيد من الجمهور.

إستمر النقاش وطرح الأفكار دون أن تتمكن أي من الخطط المطروحة من إزالة جو اليأس والقلق الذي كان يسيطر على الجميع، حتى جاء أحد الحكماء بفكرة بدت رائعة للجميع! قال: لنعلق جرساً في رقبة القط، وبذلك نسمعه وهو يتحرك فلا يستطيع أن يفاجئنا!
هتف الجمع استحساناً وفرحاً، وتغيرت روح الكآبة في جحر الإجتماعات إلى انشراح كبير، ونشّط الحماس الرؤوس فارتفعت الأيادي تطلب الكلام لتضيف إلى الخطة الممتازة تفاصيل تجعلها أكثر فاعلية وحسماً.

أحدهم قال إنه يجب أن يكون الجرس صغيراً لتكون نغمته مرتفعة، وقال آخر بل يكون كبيراً ليسمعه الفئران من بعيد، واقترح آخر وضع بندولين في الجرس ليمكن تمييز رنينه عن صوت جرس الطعام، وابتدع احدهم فكرة طلائه بمادة تلمع في الظلام لكي يبقى فعالاً حتى عندما يكون القط نائماً أو جالساً أو يحاول التخابث والسير ببطء شديد، بينما ركز آخر على أن الرباط الذي سيحمل الجرس يجب أن يكون قوياً ومحكم الربط فلا ينحل أو يهترئ مع الوقت.

هكذا استمر النقاش طويلاً لسد كل ثغرة يمكن أن يفكر القط الخبيث بها للتحايل على الجرس، وطال الإجتماع وبدت الأفكار لا نهاية لها والحماس لاينثني، حتى همس فأر صغير: ولكن من سيعلق الجرس في رقبة القط؟

صدم الجميع لهذا السؤال الذي حطم أحلامهم بضربة واحدة! وبدون أن ينبس احدهم بكلمة، رأى الجميع في لحظة واحدة الفكرة "الذهبية" التي أملوا أنها ستكون البدء في حياة جديدة سعيدة طالما حلمت بها الفئران منذ أجيال طويلة في هذا البيت، وهي تتحطم إلى أشلاء! وسرعان ما وجدوا أنفسهم ينظرون إلى صاحب الفكرة الأولى المزعجة.

***
قبل أن يشتد بك الغضب يا صاحبي فتمزق مقالتي لتشبيهها المهين لنا بالفئران، أود أن أذكّرك بأن الفرق الأساسي بيننا وبين فئران القصة، هو أننا بعد أن همس "فأرنا الصغير" متسائلاً: "ولكن من سيضمن تنفيذ ما سيتم التوقيع عليه مع الهر؟" ولم يجد أحد جواباً، استمر الجميع بحبور في مناقشة تفاصيل وشروط المعاهدة التي "ستعيد سيادتنا" وتجعلنا مثل ألمانيا واليابان! أتريد فرقاً آخر؟ إن هرّنا أكثر حماساً للفكرة من الفئران، وهو يهددنا بالويل والثبور إن تخلينا عن فكرة جرسنا ألذي سيعيد سيادتنا على البيت!
أنا معك أن التشبيه ظالم بعض الشيء ياقارئي العزيز، لكننا قد نختلف في اتجاه الظلم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -