الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنظر حولك وتفاءل !

بشير زعبيه

2008 / 10 / 21
حقوق الانسان


قبل حوالي مائة عام وتحديدا عـام1907 م تم التوقيع على ما بات يعرف باتفاقية أو معاهدة لاهاي التي تتعلق بقوانين وأعراف الحرب بما فيها حل النزاعات سلميا وحماية الحقوق الفردية أثناء الحرب والاحتلال وتحديد مسؤولية وواجبات الدولة المحتلة ازاء الدولة الواقعة تحت الاحتلال وقد رأى كثيرون من محبي السلام حينها في تلك الخطوة سببا جديدا يبرر الاحتفاء والتفاؤل على طريق الجهد الانساني المستمر من أجل التخفيف من مآسي وأهوال الحرب والحلم بتخليص العالم منها نهائيا .. ولم يدر هؤلاء أنهم سيقفون بعد بضع سنوات فقط شاهدين على احدى أكبر الخيبات التي أصابت البشرية جمعاء باندلاع حربين عالميتين طالت رحاها اليابسة والماء والسماء وخلفت وراءها جثامين أكثر من ستين مليون انسان .. لم يتوقف العالم بمجالسه ومنظماته الدولية ومبادرات أفراده الانسانية عن التوقيع على المعاهدات وابرام الاتفاقيات وسن القوانين واقرار الأعراف من أجل تحقيق واقع تتوفر فيه أسباب الحماية للانسان وللأرض وللبيئة والتأسيس لمستقبل أفضل لامكان فيه للحروب والدمار والقتل الجماعي .. ولم تتوقف بالمقابل عبقرية هذا الانسان نفسه عن ابتكار مزيد من مسببات وأدوات اقتتال البشر والفتك بالأرض وصنع الخراب ..أسلحة نووية وبيولوجية .. جراثيم وفيروسات ومبيدات.. حروب دولية وأهلية ومجازر عرقية وطائفية .. مهجرون ومشردون ولاجئون وموبوؤون .. تقول احصائيات أن مجموع القتلى في القرن العشرين بلغ 167مليون إنسان لقواحتوفهم نتيجة معارك حربية و دينية وأيديولوجية .. أحلام كبيرة تتربص بها خيبات أكبر في عالم لا يعرف أحد الى متى سيظل مختل التوازن مفتوحا على احتمالات الانفلات والهلاك.. هذه هي عناصر الصورة التي تشكل وقائع مايجري أمامنا اليوم في العالم .. واذ يستحضر أحدنا على سبيل المثال ما يحدث في منطقتنا - العراق نموذجا - فانه سيتساءل بمرارة وسخرية معا: أين اتفاقيات لاهاي تلك وما خرج من رحمها وما انبنى عليها من اتفاقيات وأعراف لاحقة ازاء ما يرتكب في هذا البلد من أهوال أمام نظر الاحتلال وتحت مسؤوليته التي حددتها تلك الاتفاقيات .. أكثر من 650 ألف عراقي قتلوا منذ غزو الولايات المتحدة واحتلالها للعراق في مارس 2003 وفقا لاحصائيات محايدة من بينها تلك التي تضمنتها دراسة نشرتها مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية وبحسبة بسيطة اتضح أن هذا يعني أن 2,5 % من سكان العراق قتلوا خلال ثلاث سنوات بينما تشير احصائيات أخرى الى أن العدد يتجاوز هذا الرقم ليصل المليون ما يعني زيادة النسبة الى 3% وليس من معطيات أو شواهد تحول دون تصاعد هذا الرقم وبالتالي هذه النسبة واذا كان الوضع العالمي الجديد والتشوه الخطيرالذي آلت اليه العلاقات الدولية منذ 11.9.2001 يجعلنا (نتفهم) هذا(التفهم) الدولي بما فيه من لا مبالاة ازاء المدحلة التي تطحن العراقيين فانه يصعب فهم هذا التبلد في المشاعر لدى العرب بمستوياته الرسمية والشعبية وكأن الاحصائية تتحدث عن كائنات رصدها مسبار فضائي على سطح المريخ وليس عن شعب شقيق يعيش في بلد شقيق لايزال حتى الآن عضوا بجامعة الدول العربية .. أكثر من نصف مليون عراقي يبادون في مشاهد قتل معلنة وأحيانا متلفزة وبأسباب ولأسباب واضحة وضوح وجوه القتلة والمسؤلين عن القتل ولا شيء سوى البلادة نفسها .. بينما تقام قيامة العالم بما فيه بعض العرب لاختطاف اسرائيلي مثلا ليس مدنيا بل جنديا وفي عملية عسكرية قامت بها حركة مقاومة ضد قوات احتلال ويصبح هذا الجندي قضية تحتل مقدمة جدول أعمال كبرى الدول العربية والشغل الشاغل لرئيسها شخصيا .. أ دم العربي ماء ودماء الآخرين زرقاء أم أن هناك خلل ما ؟! ومع ذلك ستجد من يتهمك بالتشاؤم والانتقائية ويلقي عليك ذلك السؤال التقليدي لماذا تنظر الى النصف الفارغ من الكأس .. تفاءل .. ان في العالم ما يدعو الى التفاؤل ؟
وأسأل نفسي وأنا أنظر حولي : فعلا لماذا لا أتفاءل؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #