الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة عراقية لملف الأزمة المالية العالمية

أمير المفرجي

2008 / 10 / 21
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تحاول الدول الأوروبية تحديد أولوياتها لإصلاح النظام المالي الدولي بعد أن تم الاتفاق على الإجراءات التي تبنتها القمة الأوروبية المصغرة في باريس الأحد الماضي لمعالجة الأزمة المالية القادمة من الولايات المتحدة. وقد انضمت بريطانيا وألمانيا إلى فرنسا في دعوتها إلي عقد قمة عالمية هذا العام لصياغة نظام مالي عالمي جديد في الاجتماع الذي عُقد موخرا في بروكسل, في الوقت الذي يقابل من جانبه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الرئيس جورج بوش في كامب ديفيد، داعيا وبصفته كرئيس حالي للاتحاد الاؤروبي إلى نظام مالي عالمي جديد ينهي حقبة جديدة من السيطرة الفوضوية التي ساهمت بها الولايات المتحدة الأمريكية في النظام المالي والاقتصادي العالمي لمنع الأزمات المالية في المستقبل. وبهذا وجب تجديد الهيئات الإدارية والقوانين الطوعية التي شرعت في اتفاق يطلق عليه *بريتون وودز* بعد نهاية الحرب الكونية الثانية .

ولمعرفة أسباب هذه الأزمة المالية العالمية بات من المهم البحث عن مسبباتها ومصادرها. لقد أتفق البعض بأن الذي حصل هو ليس أكثر من عمليات (ربا) وهوالاساس الذي يقوم عليه الاقتصاد الأمريكي بالإضافة للمعاملات الأخرى كبيع الدين والقمار بالأموال, ويمكننا من التعاطي بهذا الموضوع من جانبيه الأساسيين : الجانب العملي والروتيني للعمليات النقدية لتحديد مكان الخلل وهذا بسيط حيث يكفي للمرء من التركيز على سبب هذه الأزمة المالية العالمية والتي هي أمريكية المنشأ‏,‏ من حيث الجوهر ‏والتي من أصولية السوق الحرة‏. حيث يستطيع المجتمع من تجاوز هذه الأزمة عن طريق إسقاط هذه الأصولية بمثالها الأمريكي الرأسمالي الأعلى‏ وهو نموذج قائم على حرية السوق القادر علي المناوره الذاتية دون ضبط ورقابة ومحاسبة الدولة ‏,‏ والربح الفردي الجشع وعلى حساب الربحية المجتمعية‏ في غياب تدخل الدولة في اقتصاد السوق وإنعدام الشفافية والرقابة عن المعاملات الاقتصادية‏ خارج نطاق القطاع العام ‏. وبهذا يشرح لنا الأخصائيين ألأسباب والمسببات لهذه الأزمة. ولكن لمعرفة حقيقة الكساد والإفلاس المالي وأنتشاره ليشمل جميع دول العالم بالرغم من كونه مشكلة أمريكية داخلية بحتة, وجب علينا معرفة الجانب الاخر المهم القائم على نوعية النظام المالي المُهيمن ودور الدولار الأمريكي في النظام المالي العالمي ناهيك عن دور الولايات المتحدة الأمريكية في الاستحواذ على أرصده العالم والمقامرة بها وهنا بيت القصيد.

وهنا وجب أن نقف قليلا عن أهم الأحداث التي مرت على خشبة المسرح الدولي وعن الأدوار الأولى لأجزائها خصوصا الدور المهم المنفرد ومسؤولية القوه الأمريكية المهيمنة إقتصاديا وعسكريا في عالم أُحادي القطب. لم يعد خافياً على كل ذي بصيرة بأن المشهد العراقي وفشل المغامرة الأمريكية في بلاد الرافدين قد كلفت المليارات من الدولارات للمجتمع الأمريكي الذي يعيش بدون أي إدخار وهذه المليارات التي تُدفع في قتل العراقيين وإحتلال العراق ليست سوى أموال عالمية ربطها النظام الرأسمالي الأمريكي بنظام الدولارالمُسيطر والمُهيمن على إقتصاد العالم إبتداءاً من سعر النفط ومروراً بتجارة الاسلحة والطائرات المدنية. وبمعنى أخر : تحويل السيولة النقدية من دول الجنوب لتذهب إلى الشمال لتوضع في الخزائن الأمريكية تحت ظل الدولار. وهنا يطرح السؤال نفسه. هل هذا يعني بأن الكساد الحالي وأزمة العالم المالية هي تحصيل حاصل للتبذير الأمريكي واستعمال أموال الادخار الأجنبية المودعة في البنوك الأمريكية والمربوطة قسرا بالدولار الأمريكي في حروب بوش الفاشلة في العراق وأفغانستان؟ وهل يعني هذا أيضا من أن الإدارة الأمريكية قد استعملت الأموال التي أودعها العالم في نظامها وقامرت بها في مغامرات فاشلة للسيطرة على اقتصاد العالم ..الجواب هو نعم إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الحالة الأمريكية العويصة بدخولها في المستنقع العراقي وفشلها من سرقة الثروات العراقية ووضع اليد على خطوط تجارة النفط من العراق وحتى أفغانستان. يقول الوزير الفرنسي السابق شوفينما موضحا هذا * لقد أوقعت الولايات المتحدة نفسها بجهل في مستنقع مخيف في العراق الذي هو جزء من العالم الإسلامي وبخزانة مطلوبة بأكثر من ثمانية مليار دولار وبدون إدخار .إنهم يعيشون على أموال العالم بفضل الدولار* . لقد أثبتت الدراسات الاخيره بأن المجتمع الامريكي هو مجتمع يفتقد لأدخار الاموال ويعيش حياة فوق طاقتة وان نسبة *الاموال الاجنبية المودعة في البنوك الامريكية هي أكثر من 80% من الادخار لدول العالم بما فيها الدول الفقيرة . وهكذا تلعب وتغامر بل تقامر الولايات المتحدة بثروات الأخرين في ظل نظام الهيمنة العسكرية وطغيان الدولار.

من هذا المنطق يتفق الجميع على مسببات هذه الأزمة بأنها مشكلة تسببت فيها الولايات المتحدة لكونها المركز الاقتصادي الكوني ودور الدولار الامريكي الذي يدور في فلكه الاقتصاد العالمي. ولكن وبعد سقوط الحلم الامبراطوري في العراق وإنفجار الازمة المالية ماذا سيكون مصير الدولار. هذا ما سوف نراه في الدور الامريكي القادم ووصول الحكومة الامريكية المنتخبة إلى السلطة وماستقرره للحفاظ على هذه العملة الخاسره بما فيه الانسحاب العسكري من العراق والمنطقة مما لن يجعلها من هذه اللحظة فصاعداً تحت وصاية عالم أحادي القطب. وهكذا وبفضل هذه الأزمة سوف تنتهي قطبية العالم لأمريكا وانهيارها كقوه أمبراطورية مما سيسمح لظهورعالم متعدد الاقطاب يشمل الصين واوروبا والدول الصناعية الصاعدة.

لقد أثبتت نتائج الأزمة المالية العالمية بأن إحتلال العراق سيؤدي إلى مقاومة تُنهك القوات الأميركية، آجلا أو عاجلا، وبالتالي توقع "هزيمة أميركية"، ولا يعني ذلك وقوع "هزيمة عسكرية" بالمعنى التقليدي للكلمة، وإنما اضطرار واشنطن في النهاية إلى التراجع عن أهدافها السياسية والاقتصادية من وراء الحرب، إقليميا ودوليا بصورة علنية، وهنا وجب التأكيد من أن ولادة عالم متعدد الاقطاب لايعني أن تفقد الولايات المتحدة القدرة على التصرف في المنطقة العربية والإسلامية على وجه التخصيص، بل إنه عالم جديد لاتفترق فيها المصالح الأميركية والأوروبية كثيرا، فالرفض الأوروبي للسياسات الأميركية، يتركز على رفض كونها أصبحت تخدم أغراض الهيمنة الأميركية في عالم احادي القطب، خارج نطاق "الهيمنة الغربية المشتركة. ان مايريده الاتحاد الاوروبي هو صيغة نموذجية" للعلاقات المستقبلية في نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يكون في زعامتة وموقع إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، وليس تحت هيمنتها وهذا هو الدرس الذي وجب على العرب من فهمه بعد غياب سياسة عربية قوية يمكن أن يؤدي إلى أن تتحول المنطقة في المرحلة المقبلة إلى ساحة لتقسيم النفوذ بين القوى الكبرى وبمشاركة أيرانية ـ تركية وعلى حساب العراق المُحتل ضمن خريطة نظام عالمي جديد دون أن يكون للعراق دور ولو محدودا للاعتراض على الأقل، ناهيك عن صعوبة السماح له بالمشاركة في صياغة المستقبل السياسي والأمني للمنطقة. أن قضية العراق هي القضية الرئيسية، وهذا ما يعنيه الإلحاح على أن يكون للأمم المتحدة دور رئيسي وحقيقي في الحفاظ على مستقبل هذا البلد ووحدة شعبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل