الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الاهلية في العراق

جواد الديوان

2008 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


رفضت الادارة الامريكية وصف احداث العنف في العراق بالحرب الاهلية، وتجنبت ردة فعل الراي العام حول مهمة الجيش الامريكي في العراق. وفي كل مناسبة يؤكد قادة العراق حاليا جهودهم في منع نشوب حرب اهلية في العراق، ويتباهون بانجازهم هذا (الوقاية من حرب اهلية).
والحرب الاهلية صراع عنيف وقتال بين مجموعات منظمة تهدف للسيطرة على السلطة او تغير سياسة الحكومة. وهناك حد للعتبة اي حد لعدد القتلى في النزاع يصبح بعد تجاوزه حربا اهلية، ويتميز عن الارهاب او الكفاح السياسي. وعندما اعتمد علماء السياسة رقم 1000 قتيل خلال النزاع حدا للعتبة، فظهر هناك 120 حربا اهليا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، اما اذا اعتمدوا 1000 في العام فسيكون عندها 90 حربا اهليا منذ 1945.
وعدد القتلى في العراق للسنوات 2003 – 2006 بلغت اكثر من 60000 قتيل بل شهيد، كما ظهر ذلك في بحثين نشرتهما مجلة لانست الطبية والمجلة الطبية لانكلترا الجديدة وتأكدت في مسح ميداني تم نشره في عام 2008. فتجاوز عدد القتلى حد العتبة مرات، وبذلك فان العراق الدولة التاسعة ذات الحروب الاهلية منذ 1945. فاي ساسة لنا في البرلمان والحكومة تتباهى بمثل هذا العدد من القتلى (ضحايا) بانهم منعوا الانزلاق نحو الحرب الاهلية.
معدل استمرار الحرب الاهلية 10 سنوات، ونصف الحروب الاهلية استمرت سبعة سنوات. واعتمدت المجموعات "الثورية" على تكتيك حرب العصابات، ونشطت في المناطق الريفية في فترة ما بعد الاستعمار حيث ضعف القابليات الادارية والعسكرية للحكومات. وتقوم العصابات (المجموعات الثورية) باعمال عنف متطرفة، وتسيطر مجموعة صغيرة منهم على مساحات شاسعة لسنوات رغم كل الحملات العسكرية والوحشية، وقد حصل ذلك في الجزائر وكولومبيا وسيرلانكا وجنوب وغرب السودان.
وفي 2004 ظهرت اعمال العنف في مدن العراق من قبل مجموعات التمرد حيث الامل لاجبار الولايات المتحدة الامريكية على الانسحاب وتستعيد تلك المجموعات السلطة. وتصاعدت اعمال العنف في 2006 وانتشرت مليشات زعمت حماية الطائفة، وسلك الكل التطهير العرقي والطائفي وسفك الدماء وعنف العصابات.
صراع العصابات في المدن يختلف عن نمط الحروب الاهلية بعد 1945. وعانت تركيا من حرب المدن في 1977 – 1980 وكانت معدل القتل 20 شخصا يوميا، وتحول النزاع بين اليمين واليسار الى صراع طائفي وعرقي. وارتبطت تنظيمات المقاتلين بالاحزاب السياسية وخصوصا اليسارية. وبالمثل ارتبطت المليشات في العراق مع الاحزاب السياسية في البرلمان المنتخب! وعلى سبيل المثال ذكرت اقلام على الانترنيت مؤشرات لمشاركة الكتل السياسية في العنف. وبهذا فان الصراع في تركيا وايران سياسة احزاب ذات مليشات.
ولبنان مثال اخر حين اندلع العنف بين المليشات المسيحية ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1975. وكانت فترة طويلة من الانقسامات مسيحي وشيعي وفلسطيني، وحارب كل الاخر. والتدخلات السورية والاسرائيلية قللت وزادت العنف في مرات كثيرة، وتغيرت التحالفات بطريقة عجيبة.
ومن المحتمل ان يغدوا العراق ماعدا كردستان، مثل لبنان فقد تكونت خطوط توازن بعد عنف السنوات السابقة (2004- 2007) وتتميز المرحلة الان بمستوى منخفض فن العنف بين فترة واخرى. ويزداد العنف داخل مناطق خطوط التوازن حين تتقاتل المليشات والعصابات فيما بينها. وربما حصلت حملات كبيرة تمولها قوى اجنبية.
من 55 حرب اهلية منذ 1955، انتهت 75% منها بانتصار عسكري واحد (الحكومات سحقت التمرد في 40%، وسيطر الثوار على الحكومة المركزية في 35%)، وفي 16% منها (9 حروب) كانت المشاركة في السلطة ومنها السلفادور (1992) وجنوب افريقيا (1994) وطاجكستان (1997). وتُنفذ الاتفاقات بين الاطراف ان ضمن طرف ثالث عدم انتزاع السلطة بالقوة، كما تفعل الولايات المتحدة الامريكية حاليا في العراق. فقد اسندت ادارة بوش حكومة الوحدة الوطنية حيث اتفاق المشاركة في السلطة بين السنة والشيعة والاكراد لمنع تصاعد العنف، وبسط الامن من قبل القوات الامريكية يقوض مصداقية الحكومة العراقية (ساهمت زيادة عديد القوات الامنية في بسط الامن، وتتراجع الحكومة والبرلمان عن قوانين شرعتها قبل فترة قصيرة من التراجع).
يتم التوصل الى اتفاق المشاركة في السلطة عندما تتيقن الاطراف استحالة الحصول على مطالبهم بالقوة، وهذا ما حصل في اتفاق ديتون لتقسيم السلطة بين الاطراف في حرب البوسنة، وبعد ثلاث سنوات من القتال (صيف 1995). وتماسك الاطراف المتحاربة من شروط نجاح اتفاق المشاركة في السلطة، فكيف يثق طرف بان الاخر ينفذ تعهداته اذا لم يكن مسيطر على افراده. وقد فشلت كل اتفاقات المشاركة في السلطة في بورندي والصومال بسبب الحزبية المنتشرة بين رجال العصابات (الثوار)، وتماسك طرف منهم ينجح في اقرار الاتفاق كما حصل في اتفاق جنوب السودان مع الخرطوم. وفي العراق فان تشظي الكتل السياسية في اتفاق المشاركة في السلطة المشار اليه ينعكس سلبا على الوضع الامني.
تؤمن مجموعات التمرد في العراق بامكانياتها على السيطرة على بغداد بدون وجود القوات الامريكية، ومجموعات من المليشات تعتقد باعتبارها الاكبر عددا ومع السلاح ستحتفظ بالسلطة. ومجموعات اخرى منهم تجد قابلياتها على انتزاع السلطة بمجرد انسحاب القوات الامريكية. وبهذا فعند انسحاب تلك القوات سينفجر العنف بين المليشات، ويدفع ذلك مجموعات التمرد للاعتقاد بامكانياتها لاستعادة السلطة. وانشطار الاحزاب السياسية الكبيرة فقد اصبح حزب الدعوة الى عدة اقسام (نظرت المحاكم في اشكالية استخدام كلمة الدعوة وظهر تيار الاصلاح الوطني). وهناك انشطارات في جبهة التوافق، وانقسامها باتجاه العشائر وظهور الصحوة وما لمسناه من تصريحات وتهديدات متبادلة، وظهور بوادر التململ في الاحزاب الكردية (فصل الاتحاد الوطني الكردستاني اربعة كوادر قيادية). وطالت الشكوك التحالف الرباعي (اشكاليات كركوك وقانون انتخابات مجالس المحافظات وقانون النفط وغيرها) ونسمع عن سلسلة مفاوضات بين الائتلاف والتحالف الكردستاني بلا نتائج ملموسة، ستؤثر تلك الانشطارت وما رافقها حتما على سيطرة الدولة على العنف في العراق. وما احداث العنف الاخيرة مثل الاغتيالات (كامل شياع وصالح العكيلي وغيرهم)، وسلسلة التفجيرات في الكرادة، وتهجير المسيحين في الموصل الا امثلة لفشل قادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم كوريا الشمالية: حان وقت الحرب! فهل يشعل صراع الكوريتين


.. لافروف: ما يهم روسيا هو عدم صدور أي تهديد غربي لأمنها| #الظه




.. الملف النووي الإيراني يستمر الشغــــل الشاغـــل لواشنطن وتل


.. أول مرة في العالم.. مسبار صيني يعود بعينات من الجانب البعيد




.. ابتكار جهاز لو كان موجودا بالجاهلية لما أصبح قيس مجنونا ولا