الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورطة يا صولاغ !

سهر العامري

2008 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


حال عودته من الولايات المتحدة الأمريكية استقبل صولاغ ياسر رفسنجاني ، شريك عدي صدام في بيع النفط العراقي المهرب زمن الحصار الذي فرض على العراق ، وهو كذلك ابن تاجر الفستق الإيراني ، هاشمي رفسنجاني ، رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران ، وقد حرص صولاغ في هذا اللقاء أن يستعرض إنجازاته في وزارة المالية في العراق ، تلك الوزارة التي آل مصيرها إليه وفق مبدأ المحاصصة الطائفية ، وليس لمؤهل علمي يحمله هو ، لا في المال وأعماله ، ولا في الاقتصاد وعلمه ، فظاهرة وضع الشخص الغير مناسب في المكان الغير مناسب عرفها العراق بشكل لافت للنظر غب الاحتلال الأمريكي له ، وهي ظاهرة كلفت العراق وشعبه غاليا ، وهدرت ثروات ضخمة نتيجة لسوء تصرف المسؤول في دائرته ، فكيف ستكون عليه حال وزارة مثل وزارة المالية بعد أن صار لها وزير كان لسنوات قريبة يبيع جوازات سفر مزورة ؟ كيف يكون حالها بعد أن أصبح ذاك المزور يتلاعب بمقدرات مالية دولة عظيمة بثروتها ، وهو يجهل مبادئ العمل الأولية في وزارة مثل تلك الوزارة المهمة ؟ ولكنه بدلا من أن يعترف بعجزه ، ويترك مسؤولية تلك الوزارة لمن هو قدير بإدارتها ، راح يلوذ بالكذب المتواصل من خلال وكالة أنباء خاصة به أطلق عليه اسم " المكتب الإعلامي " وذلك بعد أن تيقن أن العراقيين صاروا لا يثقون به أبدا منذ كذبته الكبيرة، تلك الكذبة التي سمها العراقيون بكذبة صولاغ حتى صارت بينهم مضربا للأمثال ، أ فليس هو صولاغ من بنى لهم ناطحات سحاب في معسكري التاجي والرشيد حين كان وزيرا للاعمار والإسكان وقبل أن يصبح وزيرا للداخلية التي صار شعار شرطتها في حينه " الدريل " أي المثقب الكهربائي الذي لعب بأجساد العراقيين الأبرياء ، هؤلاء الذين يطالب ذويهم للان بدمائهم التي أهرقها صولاغ وشرطته مثلما أهرقها صدام من قبل . يضاف الى ذلك أموال العراقيين الكثيرة التي أهدرها صولاغ على تدريب عناصر من شرطة لا تتمتع بحس وطني ، كان هدفها الانتقام من دون مبرر لهذا الانتقام ، وهذا ما حدا بالأمريكان الذين جاءوا به الى الوزارة الى طرد آلآف من عناصر الشرطة الذين عينهم صولاغ من قبل ، وتحت إشراف ضباط إيرانيين اتخذوا من الطابق الرابع في وزارة الداخلية مقرا لهم .
ومع ذلك ظل هذا الرجل على كذبه مستخفا بعقول الناس في العراق ، ففي لقائه مع ياسر رفسنجاني ، ابن وطنه ، إيران ، راح يستعرض عبقريته الفذة ، وعمله الدؤوب في خفض التضخم المالي في العراق الى 14% بعد أن كانت 66% عام 2005 ، أي العام الذي تولى هو مسؤولية وزارة المالية فيه ، وهذا يجافي الحقيقة المرة التي اعترف بها صولاغ نفسه ، والتي تقول إن صندوق النقد الدولي ( الأمريكي ) هو الذي عمل على تخفيض نسبة التضخم في العراق عن طريق فرض سياسة سعرية ارتفعت معها الأسعار بشكل جنوني وعلى مختلف مناحي الحياة الاقتصادية ، وفي القطاعات الثلاثة : الحكومي ، والخاص ، والمختلط ، ولم تبق سلعة معينة من السلع إلا وقد أصابها مس من جنون الارتفاع ذاك ، فمثلا صار سعر كيلوغرام العدس 3500 دينار عراقي بعد أن كان لا يتجاوز الألف دينار ، وهذا ما جعل الكثير من الأسر العراقية تبحث عن غذاء لها ولأطفالها في أماكن طرح النفايات على مشارف المدن .
ذاك سبب أما السبب الثاني فهو أن العراق قد ألقى نسبة كبيرة من الديون التي أثقله بها النظام البائد كاهله ، فدول ما يعرف بنادي باريس شطبت من ديون العراق ما نسبته 90% من تلك الديون ، وباتفاق بينها وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تقف في طليعة تلك الدول ، وذلك لأنها تعتبر نفسها اليوم هي راعية للاقتصاد العراقي ، ولهدف قريب بعيد يتعلق بكنوز النفط والغاز الذي تضمهما أرض العراق بين أحشائها .
ولكي أبرهن على هذه الحقيقة ، تعالوا نقرأ ما قاله التلميذ صولاغ الذي تلقى في الأيام الفائت دروسا في المال وعلمه من أفواه رجال صندوق النقد الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من خلال مقابلة أجرتها معه قناة الحرة الأمريكية ، ونقلتها وكالة أنباء صولاغ نفسها . يقول هو : ( حضرنا في الاجتماع بحضور رئيس صندوق النقد الدولي ونائبيه ومستشارينا وطرحوا اعتراضاتهم حول موازنة 2009 وفي مقدمتها الاعتراض عن زيادة الرواتب ورواتب التصنيع العسكري واعترضوا على البطاقة التموينية التي خصصنا لها (5) مليار دولار وعلى كل الزيادات التي حصلت على الميزانية التشغيلية وطالبوا من الحكومة العراقية إعادة النظر في الموازنة ونحن في حال لم نستجب لهذه المطالب سوف لن يطفئوا الديون المترتبة على العراق في نادي باريس البالغة (30) مليار دولار لا يوجد احد يتحمل عدم إطفاء هذه الديون . )
هذا هو الدرس الأول الذي يجب على صولاغ أن يتعلمه ، والذي يكشف أن من يسير السياسة المالية في العراق اليوم ، هو صندوق النقد الدولي ( ألأمريكي ) ، وليس أنت يا صولاغ ! يا مسكين ! فمع من ورطت أنت وغيرك ؟ هؤلاء دهاقنة رأس المال ، لا يمكن للحيل الإيرانية المتسلح بها أنت أن تنطلي عليهم ، فها هم يريدون منك الآتي ، وأنا هنا أعيد عليك الدرس فيبدو أنك نسيته ، معتبرا سفرك الى أمريكا نزهة سياحية في الوقت الذي تفتك فيه الكوليرا ، وأمراض أخرى بالعراقيين رجالا ونساء ، شيوخا وأطفالا .
الذي يريدونه منك يا صولاغ هو :
* عدم زيادة رواتب العمال والموظفين ( وقد نفذت أنت هذا الأمر صاغرا ، بعد أن سحبت أنت كل الزيادات التي طرأت على رواتبهم ومن دون موافقة مجلس الوزراء ، والناطق الرسمي باسم الحكومة ! وكذلك من دون موافقة أعضاء البرلمان الذي سبق لهم وللمجلس ذاك الموافقة على تلك الزيادات. )
* إلغاء البطاقة التموينية ( وها انتم باشرتم بهذا الإلغاء ، ولكن بشكل تدريجي ، فأغلب الأسر العراقية ، التي كانت تعيش على هذه البطاقة ، عادت تشتكي اليوم من نقص واضح في مفردات تلك البطاقة. )
* إلغاء كل الزيادات في الميزانية التشغيلية ،( ليس هذا فقط فقد طلبوا إيقاف التوظيف في جميع مرافق الدولة ، وقد قمتم أنتم بتنفيذ ذلك.)
* وضع ميزانية تتفق مع السياسات المالية لصندوق النقدي الدولي ، وليس لميزانيات تلهث وراء سعر النفط مثلما يقول صولاغ ذلك بعظمة لسانه : ( اعددنا ثلاث موازنات الأولى قدمناها وكان سعر النفط 147 دولار وسحبنا الموازنة واعددنا موازنة عندما أصبح النفط 120 دولار وقدمناها ثم أصبح النفط 80 دولار وعند اعتراض صندوق النقد على الرواتب سوف نضطر إلى عمل موازنة رابعة ونتمنى من وزارة النفط أن تزيد من صادراتها . )

ولكن سعر النفط ساعة كتابة هذه الحروف صار 68 دولار ،فماذا يعمل صولاغ الورطان؟ فهل يستطيع وزير النفط ، حسين الشهرستاني ابن إيران هو الآخر أن ينقذ صولاغ بزيادة كمية تصدير النفط عن طريق شبكة أنابيب على وشك الانهيار التام ، وعلى ذمة الأمريكان ، أسياد صولاغ الجدد ، ولكنه بعد تلك الإجابة عاد وتذكر إجابة أخرى حين وجهت له تلك القناة ذاك السؤال ، ولكن وكالة أنباء صولاغ ( المكتب الإعلامي ) أعادة صياغته بعبارة غير سليمة على عادته ، يقول السؤال : ما الحل لمكافحة التضخم من جراء زيادة الرواتب ؟
يجب صولاغ وبلغة السحرة الكذابين فيقول : ( الحل إذا كانت آليات أخرى تعمل في الدولة مثل جمعيات خيرية وهناك جمعيات في الكويت المواطنين أسسوها وتقوم هذه الجمعيات بالبيع للموظفين وبأرباح بسيطة وتكون جمعيات لمختلف الشرائح للشرطة والمتقاعدين فيجب أن يقوم القطاع الخاص بذلك .)
معنى كلام صولاغ هذا هو أن تؤسس جمعيات خيرية تتصدق على العاملين الفقراء في الدولة العراقية ، بدلا من أن تزيد وزارة المالية في رواتبهم ، فالعراق محكوم بسياسات صندوق النقدي الدولي ، وليس بسياسة وزير مالية اسمه صولاغ ، فماذا يعمل ساحر مثله بطل سحره ، وقلة حيلته الإيرانية أمام سحرة المال والثروة في أمريكا ، الذين هم أطول باعا في معرفة نهب ثروة الشعوب ، وسلب خيراتها ؟
ولماذا لا تقام مثل هذه الجمعيات في العراق ؟ يتساءل صولاغ ! فالعراق ليس أفضل من الكويت التي قامت بها جمعيات خيرية تعد قدوة يُقتدى بها بهدف تخليص صولاغ من ورطة وضع نفسه فيها ، وعلى هدي من اشتراكية بركلي البائسة : الأغنياء يعتنون بالفقراء ، تلك الفلسفة التي ما رأت النور يوما ، لأنه لا يمكن لغني أن يتنازل عن سرقة الفقراء من أبناء جلدته أبدا ، وإذا كان صولاغ لا يصدق ما أقول ، فهذا الإمام علي عليه السلام يقول: ( ما وجدتُ نعمة موفورة إلا وبجنبها حق مضيع ! ) فهل أن صولاغ قد سمع بقول الأمام ذاك أم أنه لم يسمع ؟
لقد فضل صولاغ في المقابلة التلفزيونية تلك السوق الحرة على اعتبار أنه عمل مع أبيه في بيع البهارات في سوق الشورجة من بغداد ، وهذا هو مؤهله الوحيد الذي يتباهى به في عالم الاقتصاد ، ولكنه عاد الى تفضيل نموذج السوق الصينية على نموذج السوق الروسية في إجابة على سؤال آخر ، وهنا يظهر أن صولاغ يجهل التوجه الذي تسير عليه السوق الصينية ،فهو يعشق السوق الحرة بنت النظام الرأسمالي ، ولكنه في الوقت نفسه يفضل نموذج السوق الصيني الاشتراكي الذي بفضله صعدت الصين الى الفضاء وفي غضون فترة زمنية قصيرة تخطت الخمسين سنة ، وذلك بعد أن اكتشف ماو أن أنظف الثياب هي ثياب الفلاحين في انسلاخه الطبقي إبان الكفاح المسلح ، ولكي يعرف صولاغ كنه السوق الصينية الاشتراكية الحالية أقول : ظلت الصين منذ نجاح الثوار الشيوعيين في الوصول الى السلطة عام 1949م تتبع نظام الاقتصاد المخطط ، والتخطيط هو صفة من صفات النظام الاشتراكي شأنه في ذلك شأن التأميم الذي تقوم بها دولة ما ، ولكن في نهاية السبعينيات نفذت الصين نظام المقاولة العائلية في الريف منها ، وفي سنة 1984 انتقل هذا الإصلاح الى المدن ، وفي سنة 1992 قررت الصين إقامة نظام اقتصاد السوق الاشتراكي ، وفي أكتوبر عام 2003 أكدت الصين بشكل واضح أهداف تحسين نظام اقتصاد السوق الاشتراكي ومهماته ، وهي تعمل الآن على إقامة السوق الاشتراكية المتكاملة نسبيا حتى سنة 2010 ، ثم يتوقع لهذه السوق أن تكون ناضجة وممتازة سنة 2010 وهي السنة التي ستكون فيها الصين الدولة الرائدة في العالم ، وهذا ما يتوقعه منظرو النظام الرأسمالي في الغرب ، وهو ما صرح به علنا توني بلير ، رئيس الوزراء البريطاني ، في زيارته الأخيرة الى القاهرة .
في تلك المقابلة التلفزيونية لم يستطع صولاغ أن يكذب مثلما اعتاد على ذلك حينما كان يجلس في إحدى الحسينيات ، ويلقي الكلام على عواهنه ، وفي مسامع أناس لم يحالفهم حظ كبير من التعليم ، ولكنه اليوم يقول الحقيقة مرغما ، ها كم إقرؤوا كيف يعترف صولاغ أن صندوق النقد الدولي أو قل الأمريكي هو من يرسم السياسة الاقتصادية في العراق : ( اليوم أنا أمام رئيس صندوق النقد الدولي اعترضت على شرط زيادة نسب الفائدة رغم إنها من سياسة صندوق النقد الدولي وقد طالبوا من البنك المركزي بإصدار تعليمات وهذا ليس له علاقة بوزارة المالية وقد أتوا إلي تجار وطلبوا مني أن اخفض لهم الفوائد وقلت لهم أن وزارة المالية ليس له علاقة بالسياسة المصرفية وأنا اليوم تحدثت بدل محافظ البنك المركزي وقلت لهم أن الفوائد مرتفعة وهذا يمنع الاستثمار في العراق ووعدني رئيس صندوق النقد الدولي سوف يعطي توجيهات إلى الخبراء وسوف نلتقي في عمان . )
أنتم - يا صولاغ - كأنكم ما سمعتم قول الإمام علي عليه السلام : ( ما غُزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا !) صار المهم لديكم – يا صولاغ – أن يشتري أحدكم قصرا في لندن ، وعمارات في السيدة زينب من دمشق ، وبيوتا ضخمة في أوتاوا من كندا ، ومشاريع اقتصادية في دبي وطهران ، ووظائف في السلك الدبلوماسي للأبناء والأحفاد والزوجات ، فهذه هي السوق الحرة التي تعرفها أنت ومن على شاكلتك ، أما شيعة آل البيت ! فالمطلوب لهم ومنهم أن يلطموا الصدور ، وأن يسفحوا الدموع في مواسم الردح التي تضحكون فيها على ذقونهم .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا