الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المضادة و الاتحاد السوفيتي لماكسيموف 1935

مازن كم الماز

2008 / 10 / 23
ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم


حتى وقت قريب اعتبرت الثورة الفرنسية العظمى 1789 – 1793 المثال الكلاسيكي عن الثورة و الثورة المضادة . و ما يزال الكثيرون حتى اليوم يعتقدون أن فترة حكم اليعاقبة كانت هي الفترة الثورية , على الرغم من سلسة الإجراءات المعادية للثورة التي تبنتها الجمعية الوطنية في تلك الفترة , و أن سقوط اليعاقبة يؤشر على بداية الثورة المضادة . يفهم بالتالي أنه لا يمكن أن توجد ثورة مضادة طالما كان الحزب الذي جاءت به الثورة ما يزال في السلطة . تبدأ الثورة المضادة , كما قيل لنا , مع سقوط الحزب و الطبقة التي تقود الثورة , مع انتصار حزب أكثر اعتدالا , و مع تصفية الإنجازات الثورية . و يترافق الأخير عامة مع سقوط الحزب الحاكم كما جرى في الإطاحة باليعاقبة .
ما يزال هذا المقياس المعياري القديم يطبق على تقييم اتجاهات و مسارات الحياة الروسية . "الاشتراكيون الدولتيون" , الأساتذة الجامعيون الليبراليون "المثقفون" , و حتى الأشخاص المتعلمين العاديين , رغم أنهم جميعا يعارضون البلشفية بقوة , لكنهم يتمسكون بفكرة أن هناك ثورة ما تزال تجري في روسيا السوفيتية . من خلال اعتقادهم بالتشابه الكامل مع الثورة الفرنسية فهم لا يريدون أن يقروا بفكرة أنه يمكن للحزب الثوري أن يتحول إلى حزب معادي للثورة . إنهم يعتقدون أن "تجاوزات السياسة البلشفية" تعود إلى الصعوبات الطارئة في بناء الاشتراكية , و التي ستؤدي على المدى البعيد إلى إبطاء حركة الثورة و لكن ليس إلى إيقافها تماما . هذه هي الفكرة الخاطئة التي يجري اليوم كشفها مع تقدم الأحداث في روسيا السوفيتية بحيث أنه في القريب العاجل وحدهم السذج سيتمسكون باعتقاد كهذا .
إذا , ما هي الثورة ؟ الثورة هي الإطاحة بالنظام السياسي و الاقتصادي السائد الذي يقوم على الاستغلال . إنها تعني بناء نظام جديد يرفع إلى أعلى مستوى رخاء القسم الأعظم من الجماهير , و الذي ينتج أقصى قدر من حقوق الإنسان و الحرية , التي تستبدل أخلاق السادة الكنسية و الدولتية بأخرى تقوم على الحرية و المساواة و التضامن .
كانت الثورة الروسية في باديتها ثورة بهذا المعنى . بين عامي 1917 – 1918 كانت روسيا أكثر البلاد حرية في العالم . حرية التعبير , الصحافة , التجمع , الدعاية , الحرية في مجال البحث العلمي , و في التعليم , أثبات الذات الفردية – كانت هناك حرية غير محدودة تقريبا في كل مجال من مجالات الحياة . حل النشاط العفوي و المبادرة الحرة مكان القانون , و انتعشت الإدارة الذاتية المحلية في شكل السوفيتيات , كانت الدولة كما تمثلها طبقة الموظفين المعينين تتلاشى كالدخان .
كانت العبودية الاقتصادية تتهاوى : جرى تدمير الرأسمالية , و استبدلت تدريجيا بتنظيم الصناعة وفقا لمصلحة المستهلكين . أصبح العمال مشاركين نشيطين أو فعالين في العملية الصناعية , الحياة الاقتصادية , ممثلين من قبل لجان المصانع و منظمات أخرى مشابهة , كانوا ينظمون أنفسهم على أساس الفيدراليات الصناعية الحرة , و على أسس التنظيم الكوموني للمنتجين و المستهلكين .
هكذا كانت إنجازات هذه المرحلة الثورية عظيمة و خالدة . لكن ما هي الثورة المضادة ؟
هل هي فقط محاولة لإعادة البلد إلى دولة ما قبل الثورة , لاستعادة امتيازات الطبقات و الأحزاب القديمة ؟ هذا هو التعريف الكلاسيكي للثورة المضادة , لكنه ليس تعريفا كاملا أو دقيقا حيث أنه ليس لدينا في روسيا السوفيتية ثورة ضد الثورة , و لا استعادة لسلطة الطبقات و الأحزاب السابقة . لكن على الرغم من ذلك لدينا ثورة مضادة فعلية .
في روسيا السوفيتية ألغيت كل الحريات . جرى نفي المدافعين عن الحرية و سجنهم و حتى إعدامهم . و جرى إلغاء الحكم الذاتي المحلي . و عاد الحكم الاستبدادي "للبيروقراطية" إلى الحياة من جديد . ماذا عن نظام جوازات السفر الذي تم إدخاله بنسخ النظام القديم لحكم البوليس و العسكر ؟ ماذا عن الحظر الذي فرض على أي نشاط سياسي يخرج عن "الخط العام" للديكتاتور , و عن حل جمعية قدامى البلاشفة , و عن سجن الأعضاء المرموقين في الحزب لأقل بادرة على استقلالية التفكير ؟ أليست هذه ثورة مضادة بالمعنى الحقيقي للكلمة ؟
لا يوجد أي بلد آخر في العالم تطبق فيه عقوبة الإعدام بهذا الشكل الواسع كما في روسيا السوفيتية : السرقة , السلب , ابتزاز المال , القتل – لقد عوقبت جرائم عادية بوحشية القرون الوسطى . حتى الأطفال لم يستثنوا من تطبيق العقوبة الأقصى . أليست هذه ثورة مضادة في أكثر أشكالها عريا ؟
في روسيا السوفيتية استبدلت الديمقراطية الصناعية بتراتبية هرمية مستمدة من نمط المنظمات الرأسمالية . ظهرت طبقة حاكمة صاحبة امتيازات جديدة إلى الوجود – البيروقراطية التي لا تملك ملكية خاصة بها , لكنها تملك في يدها سيطرة كاملة على الإدارة .
هذا كله هو جوهر الثورة المضادة نفسه , رغم أنه لا يتطابق مع التعريف الكلاسيكي لها . لدينا هنا خاصية جديدة : حزب ثوري يتبلور في طبقة بيروقراطية . فيما تتشدق بالشعارات الثورية فإن الطبقة المشكلة جديدا تعزز تدريجيا وظائف طبقتها , دورها و امتيازاتها .
كل هذا ليس صدفة بحتة في تقدم الثورة . إن تشويهات كهذه في الثورة , التي تنتج , كما فعلت في روسيا السوفيتية شكلا شريرا من الثورة المضادة , لا توجد أسبابها في "الضرورة التاريخية" , لكن في نفس مبدأ الاشتراكية الدولتية , و خاصة الماركسية الاستبدادية . إن تأييد الديكتاتورية هو ضد الثورة , ض الحرية , و ضد التقدم الإنساني .
إن عملية التحرر من الأوهام فيما يتعلق بروسيا السوفيتية , الواضحة جدا من طرف العديد من الثوريين المخلصين , هي فقط في بداياتها . ستنمو قريبا إلى موجة قوية موجهة نحو أهداف و أغراض جديدة . ستكون هذه هي أهداف الشيوعية التحررية , أهداف حركة جديدة , تقوم بإحياء آمال البروليتاريا العالمية و تؤدي إلى نضال حازم ضد الديكتاتوريات من كل الأنواع – الحمراء , السوداء و الرمادية – و نحو أقصى حرية تقوم على المساواة الاقتصادية .

غ . ماكسيموف الطليعة المجلد 11 , العدد 5 أكتوبر تشرين الأول نوفمبر تشرين الثاني 1935

ترجمة : مازن كم الماز
نقلا عن //struggle.ws/revolt.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت