الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلف العربي الاسرائيلي

عماد صلاح الدين

2008 / 10 / 24
السياسة والعلاقات الدولية


أولا ، هناك مسلمة تاريخية واضحة تفيد بان النظم والجماعات النفعية ذات التوجه الفرداني والشخصاني ، تعيش على ضعف وخلف وانحطاط شعوبها . وهي تحاول جاهدة الحفاظ والإبقاء على الوضع في سياق وتيرة لا تؤدي إلى انفجار هؤلاء الواقعين تحت ربقة حكم القوة والنار.

وهي بذلك تمنع أية قوة أو حركة أو نشاط يؤدي إلى حالة من بعث الأمل بالتوجه نحو القوة والتقدم والرفعة ، سواء كان هذا التحرك والنشاط الايجابي المضاد للحالة السلبية الاستثنائية في الحياة الإنسانية صادرا من قوى وجهات محلية ، أو من قوى خارجية بالمعنى الإقليمي تحمل مشروعا طبيعيا ينسجم أو يتسق على اقل تقدير مع توجه وفلسفة وثقافة وتاريخ منطقة بعينها .

هذا الكلام ربما لا ينطبق على نظم وتجمعات ديكتاتورية عبر العالم ؛ لان من اوتسم بما سبق ، ليس بالضرورة أن يكون نفعيا ، وبالتالي كثير من هذا النظم والتجمعات تكون وطنية وذات طموح أخلاقي ، لكن ليس بالضرورة أن لا تتحول تلك النظم أو التجمعات بمآل انتقالها ألميراثي أو التصارعي داخليا ، إلى نظم وتجمعات نفعية وخيانية في آن .

الكلام الأخير ينطبق على نظم عربية وأيضا على الحالة الرسمية الفلسطينية . كان هناك أوضاع استبدادية سلبية بالمعنى الوطني في عهد عبد الناصر ، وكذلك الأمر عن الحالة الفردية في سياقها الأبوي في الحياة الثورية والسياسية الفلسطينية حتى رحيل ياسر عرفات ، وان بدا الضعف بالنسبة للحالة الأخيرة في توجها ألتحكمي أو من خلال تقويل الكريزماتية العرفاتية بصورة مبالغ فيها .

لكن المسألة لم تعد استبدادية وتحكمية فقط بالنسبة لتوصيف ما سبق ، بل أن المسألة تحولت إلى الفر دانية النفعية ، المتاجٍرة بالوطن والشعب ، بالاستقواء بالخارج للبقاء في الحكم بأي ثمن مقابل تنفيذ شروط الخارج وحلفائه ، وهذا ما هو واقع الآن في ظل النظام المصري الحالي ، والسلطة الفلسطينية الرسمية في رام الله .

كان هؤلاء الرسميون العرب والفلسطينيون يتذرعون بان ما يسمى ببراغماتيتهم السياسية سلوكا ومنهاجا تأتي بسبب المعطيات الإقليمية والدولية العاملة لغير صالح ميزان القوى العربي أو في شقه الفلسطيني ، في حضرة السيطرة الأمريكية العالمية ، وانتصارات (إسرائيل) العديدة في مقابل هزائم العرب الرسميين .

منذ سنوات قليلة بدت معالم التغير الاستراتيجي لصالح الصراع العربي مع (إسرائيل) وفي الصلب منها القضية الفلسطينية ، ومعالم هذا التغير الاستراتيجي ، ملموس وواضح في غير مكان إخفاق لأمريكا و(إسرائيل) سياسيا وعسكريا في غزة ولبنان والعراق وأفغانستان وحتى في الصومال والسودان ، بالإضافة إلى الانتكاسة المالية بقلبها الأمريكية ولواحقها الأوروبية وذيولها التابعية هنا وهناك ، بوضع تقييمي يؤشر إلى ضرب المنظومة الأمريكية المستبدة عالميا بنسختها المتحرر من قيود وضوابط السوق، وبالأساس المنفلتة العقال من كل القيم والأخلاق الإنسانية .

هذا بالإضافة إلى بروز ونمو متدحرج ايجابيا لصالح دول باتت تنافس وتصارع الولايات المتحدة ، في حالة يراد لها الاقتراب تاريخيا ، من منظومة التعدد القطبي ، وليس الأحادية القطبية التي تريدها أمريكا قائمة إلى الأبد ، باعتبارها نهاية الأرب ، وحكم التاريخ النهائي كما يزعم فرنسيس فوكوياما احد كبار منظري الفكر والاستراتيجيا عند المحافظين الجدد .

كل هذه المعطيات الكبيرة والخطيرة بالمعنى الاستراتيجي ، لا تجد عند العرب الرسمين وزملائهم المقيمين في رام الله ، أي مثار للتغير أو التطلع تحو مراجعة الخيارات واقتراح البدائل، فلا يزال هؤلاء يصرون على السلام الاستراتيجي ، وعلى المفاوضات ، وفي المقابل لا يزالون يحاربون في السر والعلن مواقع المقاومة والممانعة في فلسطين بحصار غزة ، وملاحقة البنى الاجتماعية والثقافية والعسكرية لها في الضفة الغربية المحتلة. والحال واضح باستهداف حزب الله في لبنان ، والتنظير للخطر الشيعي القادم من إيران .

المسألة اليوم أصبحت جد خطيرة في توجهات هؤلاء الرسميين العرب والفلسطينيين المسمين في التصنيف الأمريكي ب" المعتدلون"، هؤلاء اليوم بصدد الانتقال إلى مرحلة تدشين حلف رسمي وعلني مع (إسرائيل) ، في مواجهة حماس وحزب الله وإيران ، ويبدو أن الأمر هنا يتعلق بحالة من الإخلاص المطلق للعدو، وليس نوعا من الواقعية السياسية التي كان يطربنا بها هؤلاء (المعتدلون)، بالنظر إلى الفشل والإخفاق الأمريكي والإسرائيلي الذريع على مستوى الاستراتيجيا الكلية وأدواتها السياسية .

وهذا واضح جدا من خلال دعوة وزير خارجية البحرين الشيخ خالد آل خليفة باقتراح لتكوين حلف أو تجمع إقليمي ، يضم النظم الرسمية العربية "المعتدلة" و(إسرائيل) وتركيا ، في استبعاد جلي لإيران وحلفائها السوريين .

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل إن لقاء سعوديا إسرائيليا جرى هذه الشهر بناء على دعوة من مجموعة أكسفورد ، وقد حضر هذا اللقاء عن السلطة الفلسطينية جبريل الرجوب ، بالإضافة إلى احد سفراء مصر السابقين ومدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية ، وهذا كله كان ممهدا لإعلان(إسرائيل) المفاجئ على لسان رئيسها شمعون بيريس ووزير دفاعها أيهود باراك عن استعداها لمناقشة المبادرة العربية بغرض التوصل إلى سلام إقليمي مع العرب ، وبالتالي الكف عن المفاوضات الثنائية مع الفلسطينيين والسوريين .

وهي خديعة جديدة يراد تسويقها من اجل خدمة مرحلة الاصطفاف الرسمي والعلني ضد أطراف المقاومة والممانعة في المنطقة .

ما يجري الحديث عنه اليوم من رؤية مصرية لإنهاء الانقسام الفلسطيني ، ثبت من خلال القراء الأولية لهكذا وثيقة ، ومن خلال قراءة مجمل الموقف في القاهرة ، انه َيراد منها أي الوثيقة وسيلة من اجل التمهيد لإعلان قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس إقليميا متمردا بحجة أن حماس رفضت هذه الوثيقة وما يستتبع ذلك من اتخاذ إجراءات عقابية قد تصل إلى درجة استخدام القوة، كما سبق لجامعة الدول العربية أن هددت بها الجهة التي ترفض رؤية الحل العربي عبر مصر، وبالفعل حماس على الأقل قد تحفظت على بنود منها ، لان هذه الوثيقة تحمل رؤية رام الله في مجمل بنودها ، والهادفة أصلا إلى استبعاد حماس من المشهد السياسي الفلسطيني ، والعودة من جديد إلى مفاوضات عبثية بالتنسيق مع الأطراف (الاعتدالية) العربية المتحالفة مع (إسرائيل) .

باختصار شديد نحن أمام مرحلة قادمة ستتضح فيها الصورة جليا عن طبيعة العلاقة الحقيقة بين حلفاء أمريكا و(إسرائيل) العرب في مواجهة دول ومقاومات عربية وإسلامية مناوئة للمحور الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة العربية الإسلامية.

باحث في القانون الدولي والاستراتيجيا السياسية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ